سلام عليك يا أبا خالد

03:31 صباحا
خالد عبدالله تريم

هل تراني أصدق لو لم يأمرني إلهي بالتصديق؟
مرة جديدة، أقف يا أبي في مواجهة الحقيقة، وعلي اليوم، في ذكراك الثالثة، أن أتذكرك بشكل خصوصي. هذا النوع من التذكر صعب علي، أنا الذي أتذكرك كل يوم ولا تغيب عني يوما. في مثل هذا اليوم الضيق من هذا الأسبوع الضيق، كان غيابك المفاجئ قبل ثلاث سنين. لم تسمح البغتة لنا بالاستعداد لفراق الأب العزيز والمعلم الوفي، لكن العزاء أن عمرك يحضر في أعمارنا، وكأنه نبض القلوب أو حنين المهج، وأن وجهك الكريم حاضر، وأنك، بمواهبك ومناقبك، حاضر في حياتنا، بكل عناوينها وتفاصيلها الدقيقة. أنت حاضر يا دكتور، ولَم يردك الغياب إلا حضوراً مضاعفاً، وتأثيراً مضاعفاً.
الدكتور عبدالله عمران تريم، وكلما ذكر الاسم فز القلب من مكانه، وبلغ الشوق مبلغه العصي على الحصر والوصف، أما أول الفخر ومنتصف الاعتزاز، أما ذروة الشرف وغاية التشريف، فأن ترتبط حياتنا بك، وأن يقترن اسمنا، أنا يا أبا خالد، وعمران وأميرة وعائشة، باسمك. كيف لا وأنت سليل قيم طوقتها بالعمل، وبحب الوطن والأمة، فنشأنا في مدرستك وتعلمنا على يديك، وها أنت ما تزال، تقود كل خطواتنا في حضورك البهي يا أبا خالد. ها نحن نعمل في الحياة والعمل وكلماتك الدليل، وكلما اتخذنا خطوة تذكرناك، وكلما انطلقنا إلى هدف جديد، وكلما نجحنا أو ذهبت «الخليج»، الصحيفة والدار، في مدارج النجاح والتميز أشواطاً.
سلامي عليك يا والدي العزيز، وسلام عمران وأميرة وعائشة عليك، وسلام أهلك وإخوانك وأصدقائك ومحبيك ومعجبيك في الإمارات وفي كل الوطن العربي وفي كل مكان، والبشارة أننا باقون على عهد الوالد الأستاذ تريم عمران وعهدك، وكما تعلمنا منكما، فإن «الخليج» صحيفة الموقف الشجاع والخبر الصادق، كانت كذلك وتظل على ذلك، وكلما لاحظ الملاحظون استمرار «الخليج» على نهج مؤسسيها الكبيرين، ودخولها الواعي البصير، إلى ذلك، في عصر المتغيرات وكأنكما حاضران تعطران مساءاتها والصباحات، امتلأنا فخراً وإصراراً على مواصلة مسيرة بدأتماها معاً في ظروف مشاكسة، وأرخصتما، من أجلها، أغلى العمر.
ماذا أقول بعد يا أبا خالد؟ وطنك الإمارات، قيادة وشعباً ومواسم خير بخير، وطنك الذي أحببت حد الشغف، منحك أعلى مراتب الشرف، وكما أن اسمك حاضر في قلوب أهلك ومحبيك، فهو حاضر اليوم في مكان الإمارات وزمانها: في شارع عبدالله عمران تريم في قلب العاصمة أبوظبي، وفِي شارع عبدالله عمران تريم في قلب مدينتنا الجميلة دبي، وفِي مدرسة عبدالله عمران تريم في قلب عاصمة العلم والثقافة والتنمية الشارقة.
هكذا تحضر يا أبي ولا تغيب، وهكذا تكتنز أيامنا من بعدك باسمك ورسمك ومعناك، الأمر الذي يخفف، يقيناً، مرارة الفقد، ويجعل من الفراق دفتر أمل متعدد، وكتاب لقاء متجدد.
هل فارقتنا حقاً يا أبي؟
في المسألة نظر، وما كنت لأصدق لو لم يأمرني إلهي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، رئيس تحرير "الخليج"

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"