وداعاً أحمد تريم

04:07 صباحا
قراءة دقيقتين
د. محمد عمران تريم

الحمد لله..
قال تعالى: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ»، نعم هذه هي سُنة الله. وحده الباقي الدائم، وهذا هو نهر الزمن يتابع جريانه، أجيالاً تلو أجيال. والموت حق، والنفس المطمئنة ترجع إلى ربها راضية مرضية.
هذا هو المغفور له، بإذن الله تعالى، أحمد محمد تريم، قد أصبح في ذمة الله، وها هو يلحق بأبيه وأمه وأخيه مطر، وابني عمه، تريم وعبدالله، إلى دار البقاء، ونسأل الله تعالى أن يغفر لهم جميعاً، ويسكنهم فسيح جناته في منازل الصديقين والشهداء والأبرار في مقعد صدق.
سيبقى أحمد في الذاكرة بعد أن امتدت رفقتي معه سنين طويلة، من أيام طفولتنا في حارتنا، حارة الشويهيين في الشارقة، عندما كنا صغاراً نلعب ونجري ونتسابق، يضرب بعضنا بعضاً، نبكي ونضحك، نأكل ونشرب معاً، نذهب إلى البحر معاً، ننام على فراش واحد جنباً إلى جنب، وفي المدرسة قضينا سنوات الدراسة معاً، إلى ما بعد الثانوية، حيث ذهب هو إلى الكويت، وذهبت أنا إلى الأردن لإكمال التعليم الجامعي. وذهب هو بعد ذلك إلى القاهرة، أثناء عمله دبلوماسياً في سفارة الدولة، وكانت لا تحلو لي إجازة إلّا عنده، وفي بيته بالقاهرة، وكانت أحلى أيام الصبا، وبعدها عمل في وزارة العمل، حتى تقاعد، حظيت خلالها برفقته ساعات وأياماً وشهوراً وسنين. تشاركنا لحظات الفرح والألم، وجمعنا مجلس الأخ تريم بن عمران، رحمة الله عليه، ليالي كثيرة، ومجلس الأخ خلفان محمد الرومي، أمد الله في عمره بالصحة والعافية، بصحبة أصدقاء طيبين. وكان أحمد، رحمه الله، خلال اللقاءات يميل إلى الإنصات، وكان وفياً لأصدقائه، كريم النفس والمعشر.
أستحضر الآن، ذكريات زياراتي له في القاهرة، وكيف كان منزله مفتوحاً أمامي، وأمام كل أبناء الشارقة، وكان قد تولى شؤون القسم القنصلي في السفارة، وكان خير معين لأبناء الإمارات، من طلبة وزائرين، وأقام علاقات طيبة مع المسؤولين المصريين، ومع الأوساط الإعلامية والفنية.
رافقته في سنوات مرضه، ولمست مدى معاناته في صمته الطويل، وكم خفف من حزننا، عند وفاته، هذا الالتفاف حولنا، وتعازي الشيوخ والأصدقاء، وكلمات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي وجهها لأبناء الفقيد، وكذلك حضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المجتمع. جزاهم الله كل خير.
إننا نفتقد الغائبين، فاسكن واطمئن بجوار ربك، ولن ننساك أبداً ما حيينا، فإنك في الذاكرة.
وأسأل الله لهم جميعاً المغفرة والرحمة، إنه سميع مجيب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"