عادي
يتحول أحياناً إلى ممارسة يومية

زوجات معلقات على أبواب الطلاق

00:50 صباحا
قراءة 5 دقائق
1

تحقيق: أمير السني

التهديد بالطلاق.. ممارسة يومية يستخدمها بعض الأزواج، وسيلة لمنع زوجاتهم من فعل معين.. ويصل الأمر بالبعض إلى استخدامها في كل صغيرة وكبيرة، ما يُحدث آثاراً نفسية سيئة في نفس الزوجة ويشعرها بالإحباط والانكسار والخوف من التعامل مع الزوج في ظل تلك الكلمة، وقد وصف القانون الإماراتي «الطلاق المعلَّق» الذي يعني تهديد الزوج للزوجة بالطلاق في حال خروجها من المنزل أو فعل أي شيء بأنه «لا يقع إلا إذا قصد به الطلاق».
يشرح المحامي يوسف البحر، تفصيلاً مصطلح «الطلاق المُعلق» الذي ذُكر في قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات رقم 28 لسنة 2005، فمثلاً إذا نهى الزوج زوجته عن فعل أمر ما، وأبلغها أنها ستكون مُطلقة في حال تنفيذها لهذا الفعل، كمغادرة البيت دون إذنه أو شراء سيارة دون معرفته، ثم فعلت ذلك فإن الطلاق قد وقع.
وأشار إلى أن المادة 103 من قانون الأحوال الشخصية تنص صراحة على أنه «لا يقع الطلاق المعلَّق على فعل شيء أو تركه إلا إذا قصد به الطلاق»، لذلك فالقصد شرط مهم. 
وهنا نُشدد على أنه رغم وجود شرط «القصد» لكن يجب العلم أن مجرد إطلاق كلمة «الطلاق لفظاً» نحو الزوجة يعتبر وفقاً للقانون قد وقع سواء كان رجعياً أو بائناً فالمادة 99 من قانون الأحوال الشخصية تنص على أنه: «يقع الطلاق باللفظ أو الكتابة، وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة»، لذلك يجب أن يدرك الرجل حجم الكلمة وثقل لفظها قبل إطلاقها، سواء في حالة الغضب أو غيرها، وهذا لا يعفيه من التبعات وله آثار وعواقب وخيمة تهدم أركان الأُسر.
ويشير المحامي البحر إلى أنه رغم استسهال بعض الأزواج، إلقاء يمين الطلاق على زوجاتهم، خاصة في حال خرجت من المنزل لزيارة أهلها أو لقضاء غرض ما، إلا أن محاكم الدولة لا تستند كثيراً إلى إطلاق تلك الكلمات، وإنما تشدد إجراءاتها بحيث لا تجعل من مسألة الانفصال أمراً يسيراً، حيث إن حالات الطلاق الواردة بالمحاكم دائماً تأتي نتيجة أسباب يمكن تداركها مثل الغضب وسرعة الانفعال والتي تعتبر من أكثر أسباب هدم الحياة الزوجية، لأنها تسد باب الحوار والتفاهم بين الزوجين، وتؤدي إلى ردود أفعال سلبية من الطرف الآخر، خاصة إذا أدمن الزوج الغضب، وأصبح جزءاً من طبيعته في التعامل مع المواقف اليومية.
ولهذا لا بد من البحث عن أسباب انتشار الطلاق في المجتمع الإماراتي، وما يترتب عليه من نتائج تؤثر في بنيته، وتحديداً الأطفال الذين تعصف بهم المشاكل التي تهدد بناء البيت وتؤدي إلى تصدعه، مشيراً إلى أن استسهال مسألة الزواج والطلاق، مردهما عدم نضوج الشباب ووعيهم بأهمية مؤسسة الزواج، حيث إن غالبية المطلقين من فئات عمرية فتية.
ويضيف أنه عند الوقوف على بعض حالات الطلاق بين الأزواج فإننا نجد أن غياب المسؤولية لدى الزوجين يتصدر الخلافات، بجانب عدم التشاور والتعاون وتقدير مصلحة الطرف الآخر، وتغليب أحد الزوجين مصلحته الفردية، تؤدي إلى الانفراد بالقرارات والتصرفات الأحادية، ويسعى كل من الزوجين ليتحكم في الأسرة.
غياب الوعي
ويوضح المحامي والمستشار القانوني، سعيد الزحمي، أن الطلاق مرهون بمستوى الوعي بين الطرفين والوازع الديني، واختلاف الطباع.. كل هذا يؤدي إلى عدم التوافق، وبالتالي فقدان الاحترام والمودة، وهناك أسباب أخرى منها إهانة الزوج لزوجته والاعتداء عليها بالضرب والغيرة الزائدة من الطرفين، ‏وعدم تحمل المسؤولية والاتكالية على الزوجة حتى في مصاريف البيت عندما تكون موظفة، ويقع الطلاق أحياناً برغبة الطرفين اللذين وصلا إلى قناعة بأنهما ليسا قادرين على الاستمرار معاً، ولكن ما يرد في أروقة المحاكم يوضح أن هناك رجالاً يتعمدون الإساءة إلى زوجاتهم واتهامهن زوراً وبهتاناً والإضرار بهن.
ذلك فضلاً عن فقدان المشاعر بين الزوجين أو ما يسمى ب«الفتور العاطفي»، أيضاً من أسباب الطلاق، وهذا الفتور يسميه البعض بالطلاق العاطفي، حيث يرتبط الزوجان ارتباطاً لا روح فيه، ما قد يؤدي مع الأيام إلى طلاق حقيقي، ولعلاج الأمر، لا بد من تكريس مبدأ الرحمة والمودة والعطف بين الزوجين، وضخ المشاعر الفياضة في الحياة الأسرية.
لا مبررات 
وتوضح المحامية، أميمة الصادق، أن أكثر الأسباب التي ترد إلى المحاكم، ترجع إلى سوء العشرة بين الزوجين، بأن يعامل أحد الزوجين الآخر معاملة سيئة، سواء إساءة لفظية أو فعلية، أو بإهمال وعدم مراعاة الآخر، والاستمرار في هذا النوع من المعاملة، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الصبر، واللجوء للطلاق، والعلاج في إصلاح النفس وتقويم السلوك، وتصحيح معاملة كل من الزوجين للآخر.
وأكدت أن جهل الكثيرين بالتشريع وتفاصيل قوانين الأحوال الشخصية، له دور كبير في وقوع المشكلات بين طرفي النزاع في الطلاق، مشددة على ضرورة تكثيف البرامج التوعوية للمتزوجين والمقبلين على الزواج، لتوعيتهم بمواد قانون الأحوال الشخصية، خاصة التي تمس جوانب حياتهم، مثل النفقة والرؤية والحضانة والمبيت بطريقة مبسطة.
الكيان الأسري
ويدعو الدكتور السيد إلى إجراء مزيد من البحث عن أسباب الطلاق، وذلك من خلال مناقشة اهتمامات الأسرة وأولوياتها وشؤون البيت والمصلحة المشتركة، والعمل على حصر الاختلافات في أضيق نطاق، بعيداً عن تدخلات الأهل والأصدقاء، وذلك للعمل على تقليل معدلات الظاهرة حفاظاً على الأسرة والمجتمع.

جهل بالقوانين

يبين الدكتور السيد محمد عبدالرحمن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة العلوم والتقنية في الفجيرة، أن دولة الإمارات بذلت مجهودات كبيرة في الحد من حالات الطلاق والتي أثرت بشكل إيجابي في درجة الوعي لدى المجتمع الإماراتي من خلال الاهتمام ببناء أسرة سليمة ووجود مؤسسات تقوم بالنصح والتوجيه وبث الوعي عبر المحاضرات والندوات وتهيئة المقبلين على الزواج في السنة الأولى، والتي من شأنها أن تخفض حالات الطلاق بصورة كبيرة ما ينعكس على استقرار الأسرة. 
إن الطلاق مشكلة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات، وبالرغم من أنها مشكلة ولكنها في بعض الأحيان حل لمشكلة معقدة تحيط بها، وتعود لأسباب اجتماعية من بينها عدم التوافق بين الزوجين من حيث المكانة الاجتماعية لأحد الطرفين أو اقتصادية من خلال التكافل الأُسري نتيجة عدم قدرة الزوج على الإنفاق على زوجته وهناك سبب ثالث وهو التوافق النفسي بمعنى القبول والرضا بين الطرفين. 
ويضيف السيد: هناك أسباب أخرى من بينها الاختلاف الثقافي بين الزوجين، ومدى وعي الزوج والزوجة، وهو عامل مهم في الحياة الزوجية، فإذا كان هناك تفاوت في النظرة إلى الحياة وتكوين الأسرة ونظرة المجتمع يظهر الخلاف بينهما وقد يؤدي إلى الطلاق، إضافة إلى وجود أسباب نفسية كامنة قد لا يظهرها طرف للآخر والتي تسمى بالعقدة النفسية التي لا ترتقي لحالة مرضية.
ويؤثر الجانب التربوي التعليمي، في بعض الأحيان على الأزواج، فحين ينال أحدهم درجة علمية عالية قد يُظهر نوعاً من عدم الرضا أو الاستفزاز من الطرف الآخر، إلى جانب زواج الأقارب وما قد يصاحبه من إجبار لطرف أو للطرفين، ما يؤدي إلى أن يفتقد الزواج عامل العاطفة والميل النفسي.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"