المشروع الأكبر

01:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
تعد مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «تحدي القراءة» ، المشروع الأكبر في الوطن العربي الذي يشجع الطلبة على القراءة عبر التزام أكثر من مليون طالب بقراءة خمسين مليون كتاب خلال عامهم الدراسي ، والتي تأتي لتستكمل الجهود الكبيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتسعى إلى تشجيع القراءة وإعادتها لتكون من أولويات الاهتمام الفكري الذي يعد أساساً قوياً ، عليه تبنى مفردات التطور وتأكيد الحضارة من خلال معرفة ترتبط بماضيها لترفد به حاضرها وتنمي فيه حب المحافظة على منجز الأجداد ، ومواصلة العطاء من أجل إنجاز منتج عربي يجعل من الأمة نداً يقف بشموخ مع بقية دول العالم، وليخرج هذا الفكر العربي من دائرة الظلام التي تضيع معها كل المعالم المشعة الواضحة. ففي الإمارات العديد من المبادرات وتكاد تكون في كل إمارات الدولة، فهناك معارض كتب محلية تقام في بعض المناطق وأرى أنها على الرغم من بساطتها إلا أنها رافدة للمعارض الكبرى التي تقام في الدولة مثل معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، ومن يقترب من تلك المعارض يجد فيها الكثير من الحميمية التي تسهم بشكل كبير في تدعيم دور الكتاب ونشره، أضف إلى ذلك ما يقام على هامشها من ندوات ومقاه ثقافية وفعاليات للطفل تحثه على الحضور بتشجيع من أسرته ومرافقتهم له للاقتراب من الكتاب والاستئناس به، وتؤكد ما يتلقاه من عبارات تقربه من دفء الورق ونبضه ليجلس معه جلسة الصاحب المحب ، كما وصفه متنبي الشعر:
أعز مكان في الدنى سرج سابح

                وخير جليس في الزمان كتاب

أو كقول الآخر الذي يتفق معه في معنى الجلوس والصحبة:

تجد الكتب على النقد كما

                تجد الأخوان صدقاً وكذابا

فتخيّرها كما تختاره

       وادّخر في الصحب والكتب اللبابا

وهذه الخطوات وما شابهها في اعتقادي تسعى إلى معالجة أسباب تدني القراءة في أمة «اقرأ» ، وجعل القراءة ضرورة وحاجة لا ترفاً زائداً يقضي على الفراغ ويجعل عقارب الساعة تمر كالبرق الخاطف، وعند التوقف حول أسباب هذا التردي نجد أن عالمنا يكتظ بالكثير من الملهيات ، وهي كفيلة بإشغال الأجيال عن المطالعة والانشغال بما تقدمه القنوات الفضائية من برامج ترفيهية وإخبارية تشتت الفكر وتشده في آن، فتجد الأغلبية يتسمرون أمامها مع أنهم يشعرون بالكثير من الإحباط واليأس، لكنهم في كل لحظة يسددون النظر فيه إلى الشاشة الكئيبة أمامهم يرجون أن ينزل غيث الفرح، وتشارك تلك القنوات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فهي جاذبة بشكل لافت لعدد رهيب من البشر، ومجرد التواجد فيها يستطيع أن ينهي مهمة الكتاب أو يقلص دوره ويقلل قيمته، ولذلك فإن معظم الذين تربوا وأسسوا حياتهم على القراءة واشتغلوا على الأدب ونتاجه تجدهم يهربون من هذه الفضاءات المفتوحة مع تأكيدهم أنها قاتل بطيء للقراءة، يجعل الذاكرة ضعيفة والمعرفة مترهلة تنحدر إلى الضحالة وتقع في وحل النسيان، أضف إلى ذلك أن أماكن الترفيه المنتشرة في كل مكان تأكل الوقت وتقطع الزمن.

إن مثل هذه المبادرات الكبيرة تجعلنا نتوقف أكثر وأكثر عند أسباب تدني مستوى القراءة، فهي الأساس الذي جعل من وجود هذه المبادرات وإطلاقها مع التحفيز عليها، وحين اختصت هذه المبادرة المراحل الدراسية ، فإن مطلقها يعي أن أهم أسباب الخلل تبدأ من هذه المرحلة، فالطالب في المراحل الدراسية الأولى يتأسس على ما يتوفر لديه من بيئة مناسبة تشجعه أو تنفره من القراءة، فأساليب التدريس ومهارة من يقومون على تحليل المعلومة مهم في تحفيز الطلبة على القراءة، أما تعقيد أدوات التقديم وإرهاق الطلبة بالواجبات الكثيرة بعد يوم دراسي طويل قد لا يسمح للطالب في ظل إرهاق جسدي وفكري من الالتفات إلى الكتاب، بل يكاد يصبح هذا الكتاب عدواً له ، لأنه يطارده في كل مكان بعقده التي تسبب في تأزيمها من قدمها له.

محمد عبد الله البريكي

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"