إعادة تأهيل

04:52 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

نزلاء المؤسسات العقابية، «فصيل» مجتمعي أصيل، لا يمكن إقصاؤه أو إنكار وجوده ضمن فئات المجتمع الواحد، ومسؤولية إعادة تأهيله ودمجه، تقع على عاتق الجميع، وتوجيه قبلة تفكيره نحو الإيجابية، والاستفادة من طاقاته، تتطلب جهوداً مجتمعية دؤوبة، ليصبح عنصراً فاعلاً في البناء والتنمية.
ويحرص العالم اليوم على الاهتمام بتقويم وإعداد تلك الفئة، وجعل 18 يوليو من كل عام، يوماً خاصاً لهذا الفصيل، «اليوم العالمي للنزلاء»، تحقيقاً للمساواة والعدالة الاجتماعية، ودعماً لأمن وسلامة واستقرار المجتمعات.
في الواقع أن جهود الإمارات في هذا الملف مشهودة، وإنجازاتها فيه مدونة قولاً وفعلاً، لاسيما أنها راعت المواثيق الدولية في التعامل مع النزلاء، على نحو ينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان، وركزت المؤسسات العقابية والإصلاحية في الدولة، على إصلاح حال النزلاء، وتأهيلهم، واستثمار طاقاتهم ومهاراتهم في مختلف المجالات، وجعلت وزارة الداخلية دمجهم في المجتمع عقب انتهاء فترة العقوبة، شغلها الشاغل.
ولم تكن برامج إعادة تأهيل النزلاء، في المنشآت العقابية في الدولة، روتينية أو عشوائية، بل جاءت ممنهجة ومدروسة، وأفرزت نتائج «مبهرة»، إذ إن بعض النزلاء أصبحوا رجال أعمال، بفضل الخبرات المكتسبة من تلك البرامج، خلال فترة محكومياتهم، فهناك برنامج «الردة»، الذي منح النزلاء فرصة توظيف مهاراتهم وإبداعاتهم في إدارة مشاريع تجارية، ليبدد سلبية السلوكيات، ويحولها إلى فرص واقعية للنزلاء لصلاح المجتمع والاندماج فيه.
وبرنامج «سوق العمل» الذي نجح في توظيف العديد من النزلاء في مختلف المجالات، بعد انقضاء فترة محكومياتهم، لاسيما أن سياسات وإجراءات وزارة الداخلية، تكفل للنزيل الرعاية والتأهيل والإصلاح والدمج في المجتمع.
ولكن إن كانت توجهات الدولة، تركز على إصلاح من «جنحوا عن طريق الصواب»، وتوفير سبل الرعاية والإصلاح والتأهيل لنزلاء المؤسسات العقابية، إلا أنه ليس من العدل أن تتحمل الجهات المعنية تلك المسؤولية وحدها، بل على مؤسسات المجتمع المدني تكثيف جهودها وتفاعلها، مع المبادرات التي تطلقها الدولة في هذا الشأن، لدعم منظومة تأهيل وإصلاح النزلاء، لاسيما عقب قضاء محكومياتهم، ليتمكنوا من إيجاد فرص العمل، والاندماج في المجتمع، والحرص على النهوض به.
وخلاصة القول، إن إعادة تأهيل «نزلاء العقابية»، ودمجهم، واستثمار طاقاتهم، مسؤولية الجميع «أفراد ومؤسسات»، فعلينا احترامهم، وإعادة النظر في طريقة التفكير فيهم، لتكون أكثر إيجابية، ودعمهم مادياً ومعنوياً وتشغيلياً، وما نأمله في المرحلة المقبلة، المزيد من مبادرات مؤسساتنا في المجتمع المدني، للنهوض بأبنائنا، ومنع الجرائم وتحقيق أمن واستقرار المجتمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"