عادي

النصب الإلكتروني.. سباحة في بحر قديم يغرق فيه الضحايا

23:23 مساء
قراءة 3 دقائق
نصب من خلف الشاشات

كتب – راشد النعيمي

كنت على وشك الوقوع في الفخ، لكن ثواني معدودة للمراجعة أنقذتني من ذلك، خاصة أن الفخ الجديد مُحكم ومُعد بعناية، بحيث يصعب كشفه، خاصة من أولئك الذين اعتادوا الطلب من مواقع إلكترونية خارج الدولة، وسبق لهم متابعتها ومعرفة تحركاتها ودفع الرسوم المترتبة عليها (أونلاين) لشركات الشحن المختلفة حتى تصلهم بسلاسة على عناوينهم المحددة، لكن يبدو أن هناك من استغل هذا التعامل، كي يمارس لعبة احتيال جديدة انطلت على كثيرين كنت سأكون واحداً منهم!!

النصب في المواقع الإلكترونية، قديم لكنه يتجدد كل فترة بصورة مختلفة بعد أن يتم كشف الأولى ويبدأ الناس في الحذر منها واتخاذ الحيطة، أما الهدف المحدد فهم مجموعة المستخدمين الذين لا يمتلكون الخبرات المناسبة في كشف التحايل أو التأكد من مصدر الرسالة التي قدمت إليهم ولو معرفة البريد الإلكتروني الصادرة منه والذي لا يطابق اسم وهوية شركة شحن شهيرة، ينتحل اسمها ويطالب نيابة عنها بالتسديد، وكشف معلومات مصرفية غاية في الأهمية، تودي بمن يتعرض لها إلى السرقة التي يصعب كشفها وتتبعها ورد ما استولت عليه، لأنها عصابات تمارس عملها من قارات مختلفة، وتتفنن في إخفاء أي اثر لها.

من المعروف أن ثمة رسوماً ترتبط بالشحنات التي يجري استيرادها، وبينما هي تتنقل بين الوجهات في طريقها إلى عنوانك قد تتلقى بريداً إلكترونياً أو رسالة نصية تعلمك بالمبلغ المطلوب تسديده قبل أو خلال الاستلام، وبما أن كثيراً منّا يرغب في سرعة إنهاء الإجراءات وقد لا يكون موجوداً في العنوان خلال التسليم، فإنه يلجأ إلى الدفع المسبق الذي وجده بعض ضعاف النفوس سبيلاً إلى بياناتك المصرفية التي تطالب في البداية عبرها بتسديد مبلغ زهيد عبارة عن 5 دولارات تقريباً، لكن الهدف هو أرقامك السرية التي يتم استغلالها لاحقاً في نهب حسابك من أقطار مختلفة في العالم، بعد أن تمرر لقراصنة محترفين.

بريد الإمارات الذي تم الزج باسمه وشعاره في هذا الاحتيال وانتحال صفته لتضليل متعامليه دعا إلى توخي الحذر الشديد خلال التفاعل والرد على المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية التي تدعي أنها من المجموعة، وأكد أنه يوفر بوابة دفع آمنة عبر الموقع الإلكتروني emiratespost.ae وهي الوسيلة الوحيدة للدفع الإلكتروني للشحنات ومنتجات التجزئة كما شدد أن جميع روابط الدفع عبر الإنترنت تتضمن النطاقات emiratspost.ae أو epg.ae، وأن بريد الإمارات لن يقوم أبداً بإعادة توجيه متعامليه إلى بوابات دفع خارجية ولن تطلب أبداً مشاركة المعلومات الشخصية، وأشار إلى أنه رصد وتعامل مع ملاحظات من المتعاملين منذ علمه بهذا النشاط ويقوم بالتنسيق مع الجهات المختصة للحد من أعمال هذه الحسابات الاحتيالية.

الغريب أنه من المفترض أن يقع في هذه الحيلة من ينتظر شحنة أو طرداً بريداً ويتوقع أن تصله رسالة من هذا النوع وقد لا يلام في ذلك سوى أنه تسرع ولم يتأكد من مصداقية الرسالة، لكن أن يقع في الفخ من لا ناقة له ولا جمل في البريد وشركات الشحن ولم يتعامل معه، فذلك أمر يدعو للدهشة بأن جعل من نفسه هدفاً سهلاً لهذا الاختراق وسهل عمل المجرمين في سرقته وهو سيناريو تكرر مع أنواع سابقة من النصب كالجوائز الهاتفية وشراء ماركات معينة بتخفيضات كبيرة، أو حتى دفع مخالفات المرور بقيمة أقل من كلفتها الفعلية.

المصرف المركزي بدوره حذَّر من الإفصاح عن أي معلومات شخصية لأي جهة غير معلومة، مع الحفاظ على سرية العنوان الشخصي والحساب المصرفي، وأي معلومات أخرى، كتلك التي تتعلق بالتأمين، والمعاشات، وتفاصيل الاستثمار، وذلك في ظل عمليات الاحتيال التي تستغل فترة فيروس كورونا المستجد، سواء عن طريق البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية، أو المكالمات الهاتفية، أو الزيارات المنزلية، سعياً للحصول على أموال أو معلومات شخصية.

كما نصح المصرف، الأفراد بحماية أنفسهم عبر رفض جميع عروض المنتجات أو الخدمات التي تأتي من أشخاص غير معروفين، أو لم يتم التحقق منهم، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو رسائل البريد الإلكتروني، أو أي قنوات أخرى غير معروفة، داعياً إلى عدم الرد على الوعود التي ترد في الإعلانات، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلانات المدفوعة عبر الإنترنت، إضافة إلى الحذر من المكالمات والبريد الإلكتروني والرسائل النصية المشبوهة.

ورغم نداءات أجهزة الشرطة وتحذيراتها اللاحقة بوجوب الحذر وعدم التعامل مع الرسائل المشبوهة والتأكد من مصدرها وعدم مشاركة المعلومات الشخصية والمصرفية السرية مع الآخرين، إلا أن مسلسل وقوع الضحايا مستمر بسبب تدني الوعي أو انعدامه لدى كثيرين الذين بحاجة إلى مزيد من التثقيف والحذر في التعاملات الإلكترونية، وتمكينهم بمهارات جديدة في التعرف إلى أساليب النصب والاحتيال والطرق والأساليب التي وصلت إليها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"