«إسرائيل» تبتز العالم بـ«الهولوكوست»

03:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

«إسرائيل» عمدت إلى تنظيم التظاهرة الدولية، ليس بهدف إحياء ذكرى المحرقة فقط، بل لكسب المجتمع الدولي إلى جانبها في معركتها مع المحكمة الجنائية الدولية.

حوّل «الإسرائيليون» ما يسمى «المنتدى العالمي للمحرقة»، بحضور أربعين زعيماً من دول العالم، لإحياء ذكرى المحرقة بمعسكر الاعتقال النازي في أوشيفتز ببولندا، إلى منتدى لتبرئة الاحتلال من جرائم حرب ضد الفلسطينيين. وانتهز بنيامين نتنياهو الفرصة للطلب من الزعماء دعم «إسرائيل» أمام المحكمة الجنائية الدولية التي وافقت مبدئياً على فتح تحقيق في جرائم حرب «إسرائيلية» ارتكبها قادة عسكريون وسياسيون ومستوطنون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يعرض العشرات من «الإسرائيليين» للاعتقال. ورغم أن المحكمة التمهيدية ردت طلب المدعية العامة فاتو بنسودا للفصل في ولاية السلطة الفلسطينية على الأراضي المحتلة، لأنه طويل وتعدى المقرر وهو 110 صفحات، فإن الإجراءات قد تستغرق شهوراً للفصل في الأمر، إلا أن السلطات «الإسرائيلية» ما زالت تخشى المحكمة الدولية.

«إسرائيل» عمدت إلى تنظيم هذه التظاهرة الدولية، ليس بهدف إحياء ذكرى المحرقة فقط، بل لكسب المجتمع الدولي إلى جانبها في معركتها مع المحكمة الجنائية الدولية، ولم تعد تعير اهتماماً بالقانون الدولي، وأصيبت حكومة نتنياهو بسعار الضم والاستيطان، وأعلنت نيتها ضم المنطقة (ج) التي تشمل 59 بالمئة من الضفة الغربية، وأعلنت مناطق شاسعة منها محميات طبيعية للاستيطان، بهدف التحايل على القانون الدولي، كما وسعت عمليات الهدم في القدس المحتلة وضواحيها، وأعلنت عن مشاريع استيطانية جديدة.منتدى المحرقة جاء تفعيله اصطناعياً، لأنه كان يجب أن يقام في أرض المحرقة، أي في بولندا، وهو ما رفضته «إسرائيل»، لأنها تريد نقل الكارثة إلى فلسطين، واستثمارها سياسياً وإعلامياً، ومحو جرائمها ضد الشعب الفلسطيني بجريمة المحرقة النازية، مع أن الجرائم النازية ارتكبت بعد إطلاق المشروع الصهيوني في فلسطين بعقود، لكن الدعاية الصهيونية زرعت في وجدان الغربيين أن قيام الكيان «الإسرائيلي» هو نتيجة المحرقة. وكان الرئيس البولندي مورافيتسكي الذي لم يدع إلى الاحتفال انتقد تصريحات «إسرائيلية» تحمل الشعب البولندي مسؤولية المحرقة، وأنه يرضع الحقد على اليهود مع الحليب، كما جاء على لسان وزير الخارجية كاتس.

وطلب نتنياهو من زعماء العالم خلال الاجتماع بهم، بما في ذلك نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إصدار بيان لدعم مزاعم «إسرائيل» بأن المحكمة ليس لديها سلطة للتدخل في القضية الفلسطينية.

وفي الأشهر الأخيرة، أطلقت «إسرائيل» حملة خاصة، هدفت لزيادة الدعم لموقفها من المحكمة الدولية، حيث أرسل نتنياهو رسائل واستفسارات إلى العديد من القادة، لكن حتى الآن لم يستجب إلا عدد قليل منهم بشكل إيجابي أو متعاطف مع طلبه.

وتزعم الولايات المتحدة أنه لا يمكن للفلسطينيين الانضمام إلى المحكمة لأنهم لا يستوفون شروط تعريف الدولة ذات السيادة، وذكرت أن «إسرائيل» نفسها ليست عضواً في المحكمة.

وعبّرت عن الموقف المنحاز إلى «إسرائيل» أيضاً أستراليا التي أصدرت بياناً قالت فيه إنها «تشعر بالقلق إزاء موقف المدعية الدولية، وإن موقف أستراليا واضح، فلا نعترف بالدولة الفلسطينية بشكل عام ومتطلبات المحكمة الجنائية الدولية على وجه الخصوص». كذلك كانت مواقف كندا وهنغاريا.

هذه المواقف تتسلح بها دولة الاحتلال لتقويض أساس القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية. لكن حتى الآن لا تؤثر هذه المواقف في المحكمة الدولية، لكن في غياب دعم حقيقي لموقف بنسودا والموقف الفلسطيني، فإن المحكمة قد تكون معرضة لوقف نشاطها في مساءلة الاحتلال على جرائم الحرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"