القراءة في زمن الوباء

03:26 صباحا
قراءة دقيقتين
عبداللطيف الزبيدي

هل تذكر «الحب في زمن الكوليرا»، رواية جبريال جارسيا ماركيز؟ أحد مواقع القراءة في فرنسا، أكمل المشوار الثقافي، وضع بين يدي القارئ قائمة من خمسة عشر عملاً أدبيّاً من الطراز الرفيع، حتى لا يتخلّى عن الاستمتاع بالروائع وهو في الحجر الصحيّ، أو العزلة الوقائية، «ابعد عن الشر» واقرأ له أدباً عالمياً. صدق المتنبي الذي لم يقل: «ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى..وباءً فشا ما من رواياته بُدّ».

ما هذه النصيحة الثقافية التي تقول لك: إذا أردت الترويح عن النفس في هذا الجوّ الذي يتهدّد سبعة مليارات آدميّ، فما عليك إلاّ أن تزيد الطين بلّة بتهيئة مكتبه من منغصّات الإبداع الأدبي. ستصرخ على طريقة السوريين: العمى، لكن هذا «العمى» هو عنوان رواية البرتغالي المنوبل، خوزيه ساراماجو. المحور وباء مريب يصيب مدينة، فتغدو حياتها هلعاً وفوضى. كأن الكاتب تنبّأ بما يحدث الآن في بلدان عدّة، فالجيش يتدخل لمنع انفلات المقاليد، ولكن العصابات في الرواية تستولي على الطعام والدواء، فتنشب حالة من الحرب الأهلية.

هل يُعقل أن تخلو المكتبة الوبائية من رواية «الطاعون» لألبير كامو، إحدى روائعه في التمرّد والثورة وتماهي الفلسفة والإبداع الروائي. في هذا الأثر غمزة تورية غير مقصودة إلى كورونا: «هل تعلم ما ذلك يا ريو؟ إنني أنتظر نتيجة التحاليل. أنا، أعلم ذلك. ولست في حاجة إلى تحاليل. لقد قضيت جانباً من وظيفتي في الصين». لك أن تقول: ما هذه الإشارات المتعاقبة؟ فالكاتبة الفرنسية بول كونستان(المذكر والمؤنث ينطقان سواء، في الكتابة يختلفان)، لديها رواية كأنها إشارة إلى «ووهان» الصينية: «خفافيش، قردة ورجال».

العالم العربي حاضر بقوة في هذه القراءات الموبوءة. رواية «اليوم السادس» صاحبتها الكاتبة الشهيرة أندريه شديد، الفرنسية التي ولدت في القاهرة لأسرة مسيحية من أصل لبناني سوريّ. من أعمالها مجموعات شعرية وروايات. التاريخ يكرّر نفسه، فعائلة أبيها من«بعبدا» وعائلة أمها سورية دمشقية. في هذه الرواية حفيد مصاب بالكوليرا، تصارع جدّته في سبيل الاحتفاظ به حتى لا يأخذوه منها خشية العدوى. يحتاج الإنسان إلى عالم نفس مثقف لمعرفة ما إذا كانت مكتبة كهذه سليمة الأثر.

لزوم ما يلزم: النتيجة اليقينيّة: لا حرج على رواية الفرنسية فرانسواز دولتو «وحدة»، ففي الأوبئة «الوحدة خير من رفيق السوء».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"