التضليل العنصري «الإسرائيلي»

03:48 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

عندما يتكلم «الإسرائيليون» عن العنصرية، ويتهمون المناهضين لأطماعهم وسياساتهم العنصرية بالعداء للسامية، لا يثيرون الاستهجان وحسب، وإنما يدفعون إلى الغثيان.
فالمشروع الاستيطاني «الإسرائيلي» الذي أقيم على أنقاض الوطن والشعب الفلسطينيين، إنما قام في الأساس استناداً إلى نظريات مغالية في عنصريتها، حاولت تطويع الخطاب الديني والسياسي لما ينسجم والأهداف الاستعمارية في فلسطين.
ومع الأسف تمكن قادة «إسرائيل» الأوائل من تضليل العالم، في ظل ما عرف بالمسألة اليهودية في أوروبا، بأنهم «شعب مضطهد» يسعى إلى العيش بسلام في ما أسماه «وطنه التاريخي» أي فلسطين، وأن كل من يقف حائلاً أمام طموحاتهم وأطماعهم إنما يمثل شكلاً من أشكال «العداء للسامية».
وبالفعل استطاع «الإسرائيليون» أن يضللوا الكثير من الناس ولا سيما في الغرب، بمقولة العداء للسامية، حتى غدا الحديث عن جرائم «إسرائيل» في الغرب أشبه ب«التابو» الذي يحرص الكثيرون على عدم الخوض فيه تحاشياً لتهمة جاهزة، تقاس على حسب مقاسات صاحبها.
ومع أن هذه السياسة «الإسرائيلية» مثلت وتمثل عملية غسل دماغ للعالم، إلا أن المثير في الأمر أن قادة الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» كذبوا الكذبة وهم الآن يصدقونها، إذ راحوا يصورون أنفسهم كعرق نقي مختلف عن العالم، متماهين تماماً مع الحركة النازية، التي طرحت شعار «العرق الآري».
ففي تصريحات مثيرة للسخرية أدلى بها في لقاء صحفي يوم الأربعاء الماضي زعم عضو «الكنيست «الإسرائيلي» ميكي زوهر وهو مشرع من حزب «الليكود» الحاكم إن «العرق اليهودي» هو الأذكى في العالم ويملك «الرصيد البشري الأكبر».
ولم يكتف زوهر بهذه الترهات المنافية للمنطق، وإنما أتبعها بتحليلات مضحكة حول سبب تمتع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بشعبية في «إسرائيل» بأن الجمهور «الإسرائيلي» وبسبب هذه الفرادة لا يصدق المزاعم بشأن تورط نتنياهو في قضايا فساد.
وقال زوهر خلال الحوار «يمكنني أن أخبرك شيئاً أساسياً للغاية.. لا يمكنك خداع اليهود، بغض النظر عما تكتبه الصحافة. إن الجمهور في «إسرائيل» هو جمهور ينتمي للعرق اليهودي، والعرق اليهودي بأكمله هو أعلى رصيد بشري والأذكى والأكثر فهماً. إن الجمهور يدرك ما يقوم به رئيس الوزراء من أجل البلاد ومدى امتيازه في وظيفته».
تصريحات عنصرية كريهة أثارت نقاشاً على «تويتر» مع عضو «الكنيست» أحمد الطيبي من «القائمة العربية المشتركة»، الذي رد بتغريدة مع صورة له وهو يقرأ كتاب عاموس ألون «The Pity of It All
»، أي «الشفقة على كل شيء» الذي يتناول موضوع كيف أن المحرقة وضعت حداً للثقافة اليهودية الألمانية.
وفي رد على هذه الأقوال، غرد الطيبي صورة لزوهر أرفقها بالرسالة التالية: «مسؤول منتخب في «الدولة اليهودية» يقدم: نظرية العرق».
والمضحك في الأمر أن زوهر غرد في رد على الطيبي قائلا: «إن على الغلاف الخلفي هناك صورة لألبرت آينشتاين، يهودي آخر جاء بأخبار عظيمة للعالم».
لكن الطيبي بادره بالرد متسائلاً: «ما العلاقة بينك وبين آينشتاين؟ لا توجد حتى علاقة نسبية بينكما».
إلا أن المسؤول «الإسرائيلي» المنتشي بعنصريته كرر القول «إن الشعب اليهودي والعرق اليهودي هو أعلى رصيد بشري موجود»، وأنه لا يجب أن يشعر بالخجل من كون الشعب اليهودي الشعب المختار؛ مضيفا: «يمكن أن تفهم لماذا نفوز عادة بالكثير من جوائز نوبل».
وعلى الرغم من أن أحداً لا يجهل الآلية التي تمنح فيها جوائز نوبل التي ليس الحديث عنها موضوعنا، إلا أن هذه التصريحات، وهذا الفهم المغلوط للتاريخ والعالم، إن دل على شيء فإنما يدل على أن «الإسرائيليين»، يحاولون الآن تصديق أكاذيب هم الذين اخترعوها، وأنهم يضللون أنفسهم، بعدما برعوا في تضليل العالم على مدى سنوات الصراع العربي-«الإسرائيلي» عاملين بالمثل القائل: «اكذب اكذب إلى أن تصدق ما تدعيه».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"