أحكام على المزاج

فنجان قهوة
02:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

أغرب ما في القاضي الأمريكي مايكل سيسونيتي هو أنه لا يتقيد بالقانون في أحكامه، وعندما تعرض عليه قضية، لا يرجع إلى قانون العقوبات لمعرفة الحكم الذي ينبغي أن يفرضه، وإنما يخترع عقوبة من عنده، وحجته في ذلك أن القانون قاصر، فهو لا يعرف إلا نوعية واحدة من العقوبات يفرضها على كل جريمة، وسواء أكانت الجريمة سرقة أم قتلاً أم خيانة عظمى فإن العقوبة الوحيدة التي يبيح القانون فرضها هي السجن والغرامة، رغم التباين الكبير بين الجرائم. ويقول مايكل، إن العقوبة يجب أن تكون من نوع الجريمة.

ومن الأحكام الغريبة التي فرضها هذا القاضي أن امرأة مثلت أمامه بتهمة ترك 35 قطة صغيرة في متنزهين بولاية أوهايو الأمريكية، وقد تمكن المسؤولون في المتنزهين من إنقاذ القطط، ولكن 9 منها ماتت من البرد، واستدل العمال على عنوان صاحبة القطط من الطوق الموضوع حول رقابها، فاستدعتها الشرطة للتحقيق، وعندما مثلت أمام القاضي مايكل قال لها: كيف تتركين 35 قطة في العراء والبرد من دون رعاية؟ وماذا يكون شعورك لو أن أحدا فرض عليك النوم في غابة طوال الليل، بينما الحشرات تطاردك، وأصوات الحيوانات تملأ المكان من حولك، وأنت لا تعرفين هل سيتم إنقاذك أم لا؟ ثم حكم عليها بالبقاء ليلة كاملة في غابة، من دون ماء ولا غذاء، ولا أنيس إلا أصوات الوحوش في وسط الظلام الدامس.

ومثل أمامه في المحكمة شخص متهم بتحريض خنزير على مهاجمة ضابط شرطة، فحكم عليه بالوقوف لمدة 3 ساعات أمام خنزير عملاق أمامه لافتة كتب عليها: هذا ليس شرطيا. أما سائقو الدراجات البخارية الذين يملأون الدنيا ضجيجا، ويقودون دراجاتهم بسرعة أمام المدارس، فإنه يحكم على الواحد منهم بحراسة مدرسة لمدة أسبوع. والصغار الذين يلقون بالحجارة على السيارات والحافلات من فوق أحد الجسور حكم عليهم بالوقوف إلى جانب الطريق وحمل لافتة كتب عليها لقد قذفنا الحجارة من فوق جسر، ونحن آسفون، والذين أحدثوا تلفاً في مقاعد الحافلات المدرسية لبعض الطلاب، حكم عليهم بتنظيم رحلة سياحية للطلاب ودفع نفقتها من جيبهم الخاص.

وفي بريطانيا ليس هنالك قانون عقوبات يحدد الحكم الذي ينبغي أن يعاقب عليه المتهم بالضبط، والقاضي يحكم حسب قناعاته أولا، وحسب العرف القضائي ثانيا، ولذلك ليس هنالك ما يمنع القاضي من أن يقول لمتهم بجريمة على قدر من الأهمية: إنني اليوم سعيد، ولا أريد أي شيء من شأنه أن ينغص سعادتي، ولذلك حكمت عليك بالبراءة، على ألا تعود لمثل هذا العمل في المستقبل أو أن يقول له: أشعر بالضيق اليوم، وقد جئت أنت، بوجهك الذي يشبه وجه الفأر، لتزيد من ضيقي، ولن أغفر لك هذا الأمر، ولذلك حكمت عليك بالسجن سنة كاملة ويضيع المتهم المسكين ويذهب ضحية مزاج القاضي. وكما كان للنعمان يوم سعد ويوم نحس، ومن يأتي إليه في اليوم السعد ينال حظوته ويحصل على ما يريد، ومن يأتي إليه في يوم النحس يقطع رأسه، كذلك لقضاة بريطانيا ساعة سعد وساعة نحس، والمتهم الذي يقع بين أيديهم في ساعة السعد يحصل على البراءة، أو على حكم مخفف، والذي يأتي في ساعة النحس يحصل على عقوبة مشددة.

والأحكام الغريبة التي أصدرها القاضي الأمريكي مايكل سيسونيتي كثيرة ليس بينها أي حكم وارد في قانون العقوبات. أما الأحكام التي يصدرها قضاة بريطانيا فليس هنالك قانون عقوبات لكي نعرف ما إذا كانت تتماشى مع هذا القانون أم لا.

[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"