تغير المناخ والفلسفة البيئية

00:13 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

ظل علماء البيئة والمفكرون يوجهون عظيم عنايتهم إلى العالم بمختلف مكوناته بحثاً عن مسألة مستقبل الهوية الحضارية للبيئة، والاستلاب حيال ثورة الذكاء الاصطناعي ونظم التكنولوجيا.

 والذكاء الاصطناعي من ذكاء الآلات الذي يضاهي ذكاء الإنسان وشموليته، وما يحصل في ظل صعود التقنيات الرقمية مع ما تحمله من أسئلة وطروحات على مستوى الإنسانية في ظل الطفرة الراهنة في الحديث عن الذكاء الاصطناعي وتأثيره في البيئة، ووفق هذا المقترب الفيزيائي الاصطناعي ومكانته بين ثنايا مكونات العالم المحيط به، فالطبيعة والحياة والإنسان اليوم في خطر بسبب الرغبات الاقتصادية والسياسية. فمنذ أن كتب المسرحي الإسباني أليخاندرو كاسونا مسرحيته «الأشجار تموت واقفة» والتي ذاعت شهرتها، وأصبحت عنواناً ومعنى لكثير من الأعمال السياسية والأدبية؛ إذ أشجار أليخاندرو التي تموت واقفة لم تكن سوى رمزية يريد بها البشر الذين يثبتون أمام عواصف الحياة، حتى إذا انهزموا ماتوا وقوفاً على أقدامهم. أستعير هذا التعبير، بمعناه الحرفي لا الرمزي؛ فالأشجار ذاتها تموت واقفة بسبب التلوث الذي نجم عن الغازات الدفيئة، حيث يشكل الاحتباس الحراري أخطر مشكلة تواجه البشرية في الوقت الحاضر، لأن ارتفاع حرارة الأرض سيقضي على وجود الكائنات، وعلى رأسها الإنسان ما لم يتم وضع خطط مدروسة من قبل المجتمع الدولي، من أجل ضبط معدلات انبعاث الغازات السامة، لتحقيق الحياد والحفاظ على البيئة كما كانت منذ آلاف السنين.

 وتعتبر الولايات المتحدة أكبر دولة صناعية في العالم، وهي مسؤولة عن انبعاث كمية هائلة من الغازات السامة في الجو بشكل يوميّ.

 وقد بدأ المجتمع الدولي بالاهتمام بالمناخ منذ أواخر القرن الماضي وفي 21 مارس(آذار) 1994 حين وقّعت الدول المنضوية تحت هيئة الأمم المتحدة على اتفاقية المناخ، ويُعدّ مؤتمر باريس للمناخ الذي عقد في ديسمبر(كانون الأول) 2015 نقطة فاصلة في مساعي المجتمع الدولي للحد من انبعاث غازات الدفيئة، وهو بمثابة خطة تسابق تجنيب الإنسانية كارثة مناخية قد تودي بمستقبل كوكب الأرض.

 وقد تم الاتفاق على إجراء مراجعة للتقدم المحرز كل خمس سنوات، وكان من المقرر أن ينعقد مؤتمر المناخ في نوفمبر(تشرين الثاني) عام 2020، لكن بسبب وباء كورونا فقد تقرر إرجاء المؤتمر إلى عام 2021. وكانت الإدارة الأمريكية السابقة قد قررت الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، بحجة أن الاحتباس الحراري غير مجدٍ، وأن الأرض معافاة ولا مشكلة فيها. لكن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، قرر التزام بلاده بتعهداتها السابقة في تلك الاتفاقية، ودعا إلى عقد قمة لقادة العالم من أجل التحضير لمؤتمر المناخ الذي سيعقد نهاية في تشرين الثاني( نوفمبر) المقبل، في مدينة جلاسكو باسكتلندا، وقد انعقدت تلك القمة في واشنطن، عبر تقنية الاتصال المرئي، في 22 إبريل (نيسان) الماضي، بحضور نحو 40 رئيس دولة، بمن فيهم الصيني شي جين بينج، والروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وحتى البابا فرنسيس. وأعلن الرئيس جو بايدن عن هدف أمريكي جديد لخفض الانبعاثات الملوثة بنسبة تتراوح بين 50 و52% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2005. ويمثل هذا الهدف ضعف التزام واشنطن السابق تقريباً بتخفيض 26% إلى 28% من الانبعاثات بحلول عام 2025. وقد شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة في تلك القمة، وأكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كلمته خلال اجتماع القادة، «التزام دولة الإمارات بتحويل تحديات التغير المناخي إلى فرص مستقبلية للجيل القادم، واستعداد الدولة للعمل عن قرب مع الولايات المتحدة الأمريكية، والمجتمع الدولي، والقطاع الخاص، لتحقيق نقلة نوعية في الاستجابة العالمية للتغير المناخي». ومن هذا المنطلق أعلن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، تقدم دولة الإمارات بطلب لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP 28»، في أبوظبي عام 2023.

 حفظ الله القيادة الرشيدة التي تواصل سياسة لا تنحصر في معالجة الواقع أو الانغماس في استحقاقاته وحسب بقدر ما كانت تستزرع كل حقول المستقبل وترعاها؛ لتؤسس للغد الأفضل، بغية استثمار الوقت لاختصار أمد المسافة للدخول في المنافسة الدولية بكامل طاقات المجتمع الذاتية. ومن هنا تنبع أهمية استضافة مؤتمر المناخ، مما يعزز أهداف دولة الإمارات في كل ما من شأنه استقرار ونماء أوطان العالم، ليصبح الغد امتداداً لليوم وظلاله وبمقاييس ومعايير وأدوات عصره.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"