أحزاب «جديدة» تتنافس في انتخابات المغرب

04:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود الريماوي

تستحوذ الانتخابات البرلمانية المغربية المقررة في السابع من أكتوبر/‏تشرين الأول الجاري على أهمية كبيرة، في أنظار مراقبين في الخارج لثلاثة أسباب رئيسية: السبب الأول أن تجربة التداول على السلطة التنفيذية في المغرب هي الأكثر رسوخاً وتقدماً، رغم أية ملاحظات داخلية عليها من طرف المعارضة الراديكالية. وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها.
السبب الثاني أن الانتخابات المغربية ذات طابع حزبي شبه كامل، وبينما يتيح قانون الانتخابات للأفراد حق الترشح وتشكيل قوائم، إلا أن التنافس الرئيسي يقع بين أحزاب ذات نفوذ اجتماعي وسياسي متفاوت، لكنه نفوذ مؤكد، ويشارك في انتخابات هذا العام 24 حزباً، وهو عدد ليس كبيراً إذا ما قورن بتعداد سكان المغرب الذي يبلغ نحو 36 مليون نسمة.
السبب الثالث الذي يضفي أهمية خاصة على هذه الانتخابات كونها الثانية التي تجري في ظل إصلاحات دستورية ملكية قضت بتشكيل حكومات برلمانية، وذلك بعد موجة «الربيع العربي» ونسختها المغربية حركة 20 فبراير/‏شباط، ويتولى رئاسة الحكومة وفق التعديلات الدستورية الحزب الفائز بأكبر كتلة برلمانية. وكان حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي قد تصدر الانتخابات السابقة في نوفمبر/‏ 2011 وتولى عبدالإله بنكيران موقع الوزير الأول. بما يفيد أن التجربة حققت نجاحاً، وبدليل أن البلد لم يشهد اضطرابات اجتماعية أو نقابية أو سياسية خلال السنوات الخمس الماضية (باستثناء ربما الجدل الواسع حول قانون التقاعد)، كما أن التعاون بين الحكم (القصر أو ما يسمى في المغرب بالمخزن) والحكومة ظل قائماً، وثابتاً.
انتخابات يوم الجمعة المقبلة، سوف تشهد صراعاً بين أكبر حزبين في البلاد هما حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة. الحزب الثاني وطني، ليبرالي، ويوصف لدى مراقبين كثر بأنه قريب من القصر، وهي من العبارات التي يصعب إثباتها أو نفيها. غير أنه من الواضح أن الأحزاب الأقل أيديولوجية هي التي تتماشى مع فلسفة الحكم، وهو ما يفسر أن حزب الاستقلال ظل هو الحزب الأقرب إلى القصر طوال عقود. وقد تشكل حزب الأصالة في العام 2008. وقد حل الثاني في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2015، فيما حل حزب العدالة الذي نشأ العام 1997 في المرتبة الأولى. وتعتبر هذه الانتخابات معياراً يعول عليه، وذلك لكون الانتخابات المحلية المغربية ذات طابع سياسي أيضاً، خلافاً لما عليه الحال في أغلبية الدول العربية، إذ إن الأحزاب السياسية تخوض هذه المعركة على نطاق واسع، هذا رغم أن حزب الأصالة حظي في الانتخابات البرلمانية السابقة 2011 بالمركز الرابع لا المركز الثاني الذي ذهب إلى حزب الاستقلال( 60 مقعداً). إلا أن حصول حزب الأصالة على 47 مقعداً بعد ثلاث سنوات فقط على إنشائه اعتبر من أهم المفاجآت .
والملاحظ هنا أن أحزاباً عريقة مثل حزب الاتحاد الاشتراكي، أو التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقاً) أو التجمع الوطني للأحرار أو الاتحاد الدستوري، لا تتصدر التنافس وإن كانت هذه الأحزاب تشارك بنشاط في غماره وتنتظرها مقاعد مضمونة. وقد شارك حزب التقدم في الحكومة خلال السنوات الخمس الماضية وكذلك حزب الاستقلال وإن لم تمتد مشاركته طوال هذه الفترة، إلا أن أفق الانتخابات الحالية يضع مجدداً حزب التقدم والاشتراكية وكذلك حزب الاستقلال في خانة المؤتلفين مع حزب العدالة، بينما وقف الاتحاد الاشتراكي وبقية اليسار في صف المعارضة للحكومة.
إن الحديث يجري عن توقعات أو ارتسامات تتبدى في الشارع السياسي، لكن الفرصة تبقى سانحة للمفاجآت كأي انتخابات في أي بلد، والملاحظ هنا أن اليسار إذ يتمثل بحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي، فقد أضيف إليه تيار ثالث باسم فيدرالية اليسار الديمقراطي ويضم ائتلافاً لثلاثة أحزاب أبرزها الحزب الاشتراكي الذي تقوده أستاذة جامعية هي نبيلة منيب ( 56 عاماً). يأمل هذه التحالف باستقطاب شريحة الشباب و المترددين كذلك أو حتى العازفين عن التصويت من فئات اليسار والعلمانيين. سوف تؤثر نسبة التصويت في انتخابات 7 أكتوبر/‏تشرين الأول الحالي على النتائج التي سوف ترسم المسار السياسي الداخلي للسنوات الخمس المقبلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب ومعلق سياسي، قاص وروائي أردني-فلسطيني، يقيم في عمّان وقد أمضى شطرا من حياته في بيروت والكويت، مزاولاً مهنة الصحافة. ترجمت مختارات من قصصه إلى البلغارية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"