استنفارات رمضانية

03:35 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

بسم الله الرحمن الرحيم: {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}: البقرة (183).
الأيام مواسم، والأعوام تتابع في المثول، والأشهر كائنات زمنية مكونات للأعوام، وشهر رمضان موسم زمني سنوي، ينتظره عموم المسلمين من كافة الجنسيات والأجناس والأعمار، في كل عام هجري في كافة بقاع العالم التي تعمل على الاستعداد لاستقبال هذا الشهر الفضيل بكافة الطرق والوسائل والمسائل.. ينجح فيه من ينجح، ويفشل فيه من يفشل:
«عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله: كل عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جُنّة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله؛ فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه»: (حديث قدسي - متفق عليه).
إذن، هو شهر رمضان المنتظر الزمني السنوي، وكان الاستعداد النبوي له بمزيد من الصوم في شهر شعبان: أخرج الإمام النسائي في سننه عن أسامة بن زيد، قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحبّ أن يُرفع عملي وأنا صائم».
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلاّ رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان»، رواه البخاري ومسلم.
فهكذا استعداد نبوي، تبعه بإحسان جمع غفير من أمته «صلى الله عليه وسلم» في محاكاة سنته عملاً بما يترتب عليها من فوائد جمّة في دينهم ودنياهم..
وعلى جانب آخر، روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس ‏قال: «‏كان رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه ‏جبريل،‏ ‏وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏أجود بالخير من الريح ‏المرسلة»؛ (البخاري/ بدء الوحي)‏.
وهكذا ممارسة إيمانية نبوية في شهر رمضان الكريم، يقابلها استنفار رمضاني من زمرة من بشر لا همّ لهم إلاّ صياغة الحيل والألاعيب لاصطياد طيبة المسلمين وكرم أخلاقهم وجود أياديهم بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وتقمص لأدوار المغلوب على أمرهم وضعف حيلتهم وسوء حياتهم.
هكذا زمرة بشرية مريضة في نفوسها وفي تصرفاتها تبشر بالشر الموسمي، لا بد من التصدي لها والاحتراس من خطرها وعدم الاستسلام لألاعيبها الخادعة للقلوب والعقول.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"