"في رحلته للفرح"

كلمات
04:54 صباحا
قراءة دقيقتين

مغامرون وفلاسفة وحكماء ومعلمون وفنانون، توقفوا مطولاً عند سر الرغبة، وسر المتعة، وسر الاحتفاظ بها لمسافة أطول . . فجاءت التعابير كثيرة بحجم المحاولة في الكلمة والحفر والنحت والتجويف والرياضات المختلفة . ناهيك عن فضاءات المعرفة التي أنارت دروب الكون والتي جاءت وليدة البحث عن طقوس السعادة . . وجاء الفن ليضع عنواناً أبرز لمثل هذه الرحلة الكونية المديدة .

مدارس الحياة كلها استغرقته وذهبت الى غياهبه بعيداً .

بعضها انتصر لتأسيس السعادة على فضائل الروح، وذهب في تجلياته طرائق ومدارس عدة . . فيما اشرأب الكثير من الرؤى المنزاحة نحو عالم يحكمه العقل وتؤججه الأفكار وتؤثثه الرؤى والصياغات .

غريب حقاً أمرنا في سعينا الدائم للكمون تارة ولإحداث التغيير ثانية، وفي الطريقين سعي نحو سعادة ما . استلهم بفطرته سر البحر وسر الشمس وسر النار وكثيراً من أسرار محيطه ومبتغاه . وظل ناقوسه الدائم، تلك اللحظة الفرحة التي تغويه للذهاب إليها مهما تقاذفته أمواجها وطالبته شروطها .

سافر طائراً وسابحاً نحو أشواق مبهمة . ليفتح في أذهاننا سؤالاً وجودياً هائماً حول ما إذا كانت أفراحنا هي ما نعيش، أم ما نتوقع أم تلك التي نطارد ونتخيل؟ هل نعيشها وفق حقائق تاريخية ونفسية وتاريخية وروحية، أننا نسبغ عليها شيئاً من رغباتنا وتأملاتنا وأمنياتنا؟

الأعياد ظلت وسيلته الرائدة لبناء تقاويم جمعية للفرح، تخرج الذات عن مداها وتنطلق خطوات ثابتة نحو طقس أكثر كثافة وحضوراً عبر جماعة يتضاعف معها إحساسه .

وتتصدى معه لإرث جديد يهل من المخيلة التي تتحول بعد ذلك الى نهارات تمتد به الى تقاويم تخلد موقع الفرح بصورة جديدة . . تزداد تفوقاً ومتعة وسطوعا بالتجدد عبر الطقس في دواخلنا وممارساتنا . لكن لماذا ابتدع الإنسان منذ لحظته البشرية البكر وسيلة تقربه من أفراحه أكثر وأكثر؟ وعرف سر الذات التي لا تعيش تجلياتها إلا بحضور آخرين يعنونها حقاً .

ارتباطات بلا حدود عرفتها الأعياد المختلفة، ومع تداعيات الفكرة الأساس . . . توثق لدى الإنسان سر التغيير ومتعة المتناهية كما خروجه عن مألوف الأيام وتقاويمها المختلفة .

ومهما تعاظم اختلاف المعنى، تظل الطقوس انعكاسات روحية عميقة منحت للإنسان باختلاف تقاديره وتقاويمه وجوهها وأنفاسها ونكهاتها لتشرق روحه شموسا من حنين .

في سفر آخر نحتها ذلك الكائن الباحث عن معان جديدة في التجديد ومغادرة رتابة تباريح شروقه وغيابه، في خضم رحلة خياراته اليومية بين ما هو كائن وبين ما هو تائق .

سؤال كوني متجدد يمتد على أيامنا عن مغادرة الفرح الحق، ذلك الفرح الشفيف، مشاعرنا وطقوسنا الاحتفائية، فتلك قضية تستوجب استنطاقات كثيرة وشجاعة نادرة في اتخاذ قرارات كبيرة وصغيرة لكنها أصيلة وحقيقة، وتحتاج الى قدر متفرد من الرؤية وقدر أكبر من الاستنارة والإنارة .

أصدقائي: كل عام وأنتم بألف خير .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"