عادي
أطفال يدفعون فاتورة الإهمال وقلة الرقابة

«حوادث الغرق».. جرح قديم ينزف كل صيف

00:47 صباحا
قراءة 6 دقائق
مراقبة الأطفال مطلوبة

تحقيق: عماد الدين خليل
تشكل حوادث الغرق في الشواطئ والمسابح المنزلية، خلال الصيف، هاجساً كبيراً للجميع، على الرغم من إطلاق الجهات المعنية حملات التوعية ونشر الثقافة الوقائية، والتحذير من مخاطر ترك الأطفال دون رقابة أثناء السباحة في الشواطئ وأحواض السباحة المنزلية، وزيادة أعداد اللوحات التحذيرية والإرشادية في الأماكن المخصصة للسباحة.

ويحذر إبراهيم الجروان، الباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية، من التيار الساحب الذي يكثر تشكله قرب الشاطئ مع بداية الصيف ودخول يونيو، وهو تيار ماء قوي يندفع من قرب الشاطئ ويتدفق نحو عمق البحر، ويشكل خطورة على السباحين، ويطلق عليه محلياً «السايورة».

«الخليج»، التقت عدداً من الجهات المسؤولة والمتخصصين والقانونيين والمواطنين، للوقوف على أسباب غرق الأطفال في الشواطئ والمسابح، ووضع حلول للحد منها.

في البداية، تطلق الجهات المختصة مبادرات وحملات توعية كل عام مع بداية أشهر الصيف، لتعزيز إجراءات السلامة العامة ونشر الثقافة الوقائية بين أفراد المجتمع، ومؤسساته، لتحقيق أعلى مستويات الصحة والسلامة المهنية في بيئات المنزل والعمل والطريق.

وتحدد وزارة الداخلية 6 إرشادات للسلامة والوقاية من حوادث الغرق، متمثلة في الحرص على متابعة أحوال الطقس من الجهات المعنية للتعرف إلى حالة البحر، والتأكد من توفير معدات السلامة أثناء السباحة على الشواطئ، وضرورة ارتداء سترة النجاة قبل السباحة، والتأكد من وجود منقذ بجانب الشاطئ، والحرص على الحضور بالقرب من الأطفال.

وتدعو الوزارة مرتادي الشواطئ، إلى ضرورة سرعة تنبيه المنقذ أو الاتصال بالطوارئ في حال رؤية شخص يتعرض للغرق، للمساهمة في سرعة إنقاذه. كما دعت الآباء والأمهات إلى مراقبة أبنائهم عند دخولهم أحواض السباحة، حتى وإن كانوا يجيدون التعامل معها، وعدم تركهم وحدهم، وقفل الأبواب المؤدية إلى أحواض السباحة في المنزل، وأهمية مراقبة الأطفال الذين يعانون التشنجات العصبية والمصابين بعجز حركي، من قرب أثناء السباحة، ويفضل تعليم الطفل السباحة ابتداء من عمر 6 سنوات.

حوادث الغرق

وتحذر شرطة أبوظبي، من مخاطر ترك الأطفال دون رقابة الأهل أثناء السباحة.

وتحدد 6 أسباب لوقوع حوادث غرق الأطفال في أحواض السباحة المنزلية وهي: استخدام الأطفال لها بمفردهم، وإهمال الأسرة لمراقبتهم، وعمق الماء، وعدم الإلمام بالسباحة، والتعرض للانزلاق من الأرضية المحيطة بالحوض، وعدم وجود سياج حوله.

وتؤكد أن ترك الأطفال ممن هم دون 3 سنوات، بمفردهم في مسابح المنازل أو البنايات والمرافق المختلفة، يعرضهم للغرق.

معايير عالمية

وتنظم بلدية مدينة أبوظبي كل عام حملات على الشواطئ العامة لتوعية الأفراد بالاشتراطات التي يجب اتباعها خلال تواجدهم على الشاطئ والتنبيه عليهم بمراقبة الأطفال طوال الوقت.

السايورة

ويقول إبراهيم الجروان، الباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية، إن مخاطر الشاطئ والسباحة في البحر تتشكل في عدة مظاهر أهمها «اضطرابات وهيجان البحر» يكون بفعل الرياح؛ حيث ترفع الرياح المستديمة أمواج البحر بصورة غير متوقعة، وتتسبب بتلاطم الأمواج. وقد يرتفع موج البحر عند الرياح المستديمة في مدة لا تقل عن ساعتين إلى 4 أقدام عند رياح سرعتها 12 عقدة، وإلى 7 أقدام عند رياح سرعتها 20 عقدة ونحو 15 قدماً، عند رياح سرعتها 30 عقدة.

ويحذر من التيار الساحب الذي يكثر تشكله قرب الشاطئ مع بداية الصيف، ودخول يونيو، وهو تيار ماء قوي يندفع من قرب الشاطئ، ويتدفق نحو عمق البحر، ويشكل خطورة على السباحين يطلق عليها محلياً «السايورة»، تحدث نتيجة التقاء التيارات البحرية على الشاطئ أو طبيعة تضاريس الساحل، وقد يتغير موقعها من وقت إلى آخر. كما تنشط في فترات دخول موسم الحر وخروجه في شهري أغسطس وسبتمبر؛ حيث تعمل الفروق الحرارية، في نشاط قوة التيارات البحرية.

إنذارات المسابح

وتقول الدكتورة أمينة الماجد، مستشارة أسرية، وخبيرة تربوية، إن مسؤولية وفاة الأطفال غرقاً سواء في أحواض السباحة المنزلية أو في الشواطئ والنوادي والفنادق، يتحملها الأهل. مشددة على ضرورة منعهم من السباحة دون وجود رقيب، وضرورة أن يتخذ مُلّاك المنازل والبنايات السكنية أكبر قدر ممكن من الاحتياطات الوقائية، وتطبيق معايير إضافية، لجعل أحواض السباحة آمنة.

وتضيف أنه على الأسر الاستفادة من التقنيات الجديدة وتركيب الأجهزة التي تعطي تنبيهاً في حال دخول أي طفل إلى المسبح أو اقترب من المياه، أو تركيب حاجز من الخيوط على المسابح لحماية الأطفال من الغرق.

وتؤكد ضرورة تعليم الأطفال السباحة بمراقبة الأهل، وعدم تركهم ينزلون إلى المياه بمفردهم، واتباع إجراءات الحماية عند النزول للمياه، لافتة إلى أن بعض المسابح الخاصة تفتقر إلى وجود المنقذين على المسابح كونها خاصة بالأسر.

مسؤولية قانونية

ويقول المحامي والمستشار القانوني عثمان الحسيني، إن المادة 56 من قانون حقوق الطفل تنص على أن تنسق السلطات المختصة والجهات المعنية مع وزارة تنمية المجتمع، لتحديد المعايير والمواصفات الهندسية الخاصة، وقوانين البناء، واشتراطات السلامة والأمان، التي تحمي الطفل من أي نوع من الأذى، على أن تحدد اللائحة التنفيذية الضوابط اللازمة لذلك.

ويضيف أن المادة نصت أيضاً على وضع الضوابط والإجراءات اللازمة لسلامة الطفل في الأماكن العامة والترفيهية ووسائل النقل، وتحدد اللائحة التنفيذية هذه الضوابط والإجراءات المطلوبة.

ويوضح أن المادة 35 من قانون حقوق الطفل (وديمة)، نصت على أنه يحظر على القائم على رعاية الطفل تعريضه للنبذ أو التشرد أو الإهمال، أو اعتياد تركه دون رقابة، أو متابعة، أو التخلي عن إرشاده وتوجيهه، أو عدم القيام على شؤونه، أو عدم إلحاقه بإحدى المؤسسات التعليمية، أو تركه في حالة انقطاعه عن التعليم من دون موجب خلال مرحلة التعليم الإلزامي.

ويضيف أن المادة 60 تنص على أن يعاقب بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف درهم، كل من خالف حكماً من أحكام المادة 35 من قانون حقوق الطفل وديمة، موضحة أن الجهات المختصة في الدولة تتحمل مسؤولية الرقابة على أحواض السباحة، والتأكد من تطبيق معايير الأمن والسلامة فيها، لتفادي تكرار وفاة الأطفال غرقاً داخلها.

الإسعافات الأولية

ويقول الدكتور أحمد محمد زين، طبيب عام في أبوظبي، أنه يجب معرفة الجميع بالإسعافات الأولية، لمواجهة أي طارئ يحدث، ومنها حالات الغرق. لافتاً إلى أنه في حال وجود حالة غرق لأحد الأشخاص على الشواطئ يجب الاتصال بأقصى سرعة بخدمة الإسعاف ومن ثم إجراء الإسعافات الأولية الضرورية للغريق من أجل إخراج الماء من الرئتين وإدخال الهواء بهما في أسرع وقت ممكن.

ويوضح كيفية عمل الإسعافات الأولية للغريق قائلاً: أولاً يجب وضعه في مكان آمن وبعيد عن أي خطر ومن ثم إجراء الإسعافات الأولية وتبدأ من التأكد ما إذا كان مازال على قيد الحياة بوجود النبض من وضع أصابع اليد بجانب الرقبة، وإذا لم يكن هناك أي نبض يجب بسرعة إجراء الإنعاش الرئوي القلبي بطلب المساعدة والبدء في الضغط على الصدر في حدود 30 ضغطة وإجراء التنفس الصناعي عن طريق الفم حتى وصول الإسعاف، وإذا بدأ الشخص بالتنفس وبدأ القلب بالنبض، يوضع على جنبه ويغطّى لتدفئته حتى وصول الإسعاف.

متطلبات السلامة

وشدد عدد من الأهالي على ضرورة تعزيز متطلبات السلامة في أحواض السباحة والشواطئ، لاسيما المنزلية منها، مطالبين بضرورة تشديد الرقابة من الجهات المختصة على منازل الأهالي والشواطئ للتأكد من توافر الإجراءات الاحتياطية على المسابح لحماية الأطفال من الغرق.

ويقول المواطن هزاع القحطاني: إن حوادث غرق الأطفال المتكررة كل عام، لاسيما خلال الصيف، تحتم على الجهات والمؤسسات المعنية ضرورة إعادة النظر في آلية تصميم وإنشاء أحواض السباحة في مساكن الأسر، لحماية الأطفال، مؤكداً ضرورة مراقبة الأهل لأطفالهم من قرب، ومنعهم من الاقتراب من المياه بمفردهم وخاصة خلال الأشهر المقبلة مع ارتفاع الحرارة.

ويطالب بضرورة إعادة النظر في تحديد عمق المياه في المسابح الخاصة التي يستأجرها الأفراد وإلزام ملاكها بوضع لوحات إرشادية تبين عمق المياه، وإنشاء مسبح صغير للفئات العمرية الصغيرة.

ويضيف زايد بشير حسين، أن مسؤولية حماية الأطفال من الغرق يتحملها الأهالي. مطالباً بضرورة تشديد الرقابة على الشواطئ والمسابح، وخاصة المنزلية للتأكد من توافر متطلبات السلامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"