بطي عبيد الشامسي

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

حينما يرحل الطيبون، يأخذون معهم شيئاً من سويداء القلب، وينثلم جزء من ذاكرة الوطن الطيبة، فما بالنا والراحل من الرعيل الأول الذي خبر ما واجهه الآباء المؤسسون لهذا الوطن، عرف شظف العيش، وشهد التحول إلى دولة اسمها يطال عنان السماء.
الوالد بطي عبيد «العيماني» الشامسي، الذي رحل إلى رحمة ربه يوم 23 يوليو 2021 رجل من رجالات الإمارات الأوفياء، من الذين لم يغيرهم الزمن بكل تحولاته، غني النفس محب للجميع مع تسامح مد به علاقات ود لا تنتهي مع جميع الناس مواطنهم ومقيمهم، لم تفارق الابتسامة محياه في كل وقت، وكأنه طاقة إيجابية تتوزع أينما حل كمصدر للبهجة والرضا، مع صفاء مارسه في كل تعاملاته.
ولد رحمه الله في أبوظبي سنة 1939 وتتلمذ على يد الراحل درويش بن كرم، ثم شد رحال العلم طالباً بالمدرسة الأحمدية بدبي، ثم في منتصف الستينات توجه إلى بريطانيا ملتحقاً بأحد المعاهد هناك ثم عاد ليبدأ مسيرة العطاء لوطنه وأهله وناسه في بداية تأسيس الاتحاد؛ حيث شغل مناصب عدة، أهمها مديراً للجمارك في أبوظبي، ومساهماً في تأسيس مجلس الخدمة المدنية، ثم وكيلاً لدائرة التنظيم والإدارة لحكومة أبوظبي حتى سنة 1987، ثم عين مستشاراً في ديوان رئيس الدولة، ويؤثر عنه أنه في فترة عملة أسهم بشكل فاعل في إيجاد فرص العمل للمواطنين؛ حيث كان مكتبه مفتوحاً للجميع ولا يرفض أي طلب لمستحق بتاتاً، كل ذلك بهدوء دون ضوضاء، لأنه يعرف أنه يؤدي واجبه تجاه وطنه وأبناء وطنه.
كان زاخراً كالبحر، الذي كان قريباً إلى نفسه فخبره خبرة عاشق منذ الطفولة فتعلم الغوص وهو في 14 من العمر حتى أصبح يجيد أبجدياته متحولاً إلى ملهم معلم للكثير من سكان إمارة أبوظبي لفنونه وخصائصه، وأحد المؤرخين القلائل الملمين بأسماء الجزر وأماكن الغوص، وهو كذلك من هواة الصيد والقنص ولم يتخلف عنها منذ السبعينات، تلك الرحلة الحياتية أكسبته الكثير من المعرفة والتي طرزها بالاطلاع والقراءة والاهتمام بالأدب والسياسة والشعر فصيحه ونبطه، مع تمكن تام من اللغة الإنجليزية والفارسية والأردو، اشتهر بين معارفه بالحكمة والتسامح والصفاء والهدوء والسكينة والحلم مع الأنفة ورفض الظلم والصدق مع النفس والآخرين.
رحل بطي عبيد الشامسي، غفر الله له ورحمه وأسكنه فسيح جناته، لكن ذكره وعطاءه لن يرحلا أبداً وسيبقيان في سجل وذاكرة الوطن وكل من عرفه، وكما يقال «من خلف ما مات» فهو ترك لنا في أسرته من الأبناء والبنات من الذين هم على شاكلته سائرون على دربه عطاء وبذلاً وانتماء وسيرة عطِرة.
لنا وللجميع كل العزاء في فقيدنا الغالي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"