نادية.. سيدة كل أوان

عين على الفضائيات
03:17 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

رائعة كانت وتبقى تلك الهوليوودية الملامح، العربية حتى النخاع، القوية العزيمة والإرادة، سيدة المجتمع والثقافة والفكر، «الإنسانة» أولاً وأخيراً.

نادية لطفي، أو بولا شفيق، التي عاشت متصالحة مع نفسها جداً، تركت بصمات كثيرة قبل رحيلها الثلاثاء الماضي. واضحة بمواقفها وآرائها كوضوح الشمس التي كانت تشبهها، لم تشأ أن تترك الباب موارباً سواء في مواقفها السياسية أو الاجتماعية أو الفنية أو حتى قرارها الاعتزال والابتعاد كلياً عن التمثيل. ويوم أثيرت بعض الشائعات عن عودتها إلى السينما عام 2014، ردت بكل حسم وثقة لإحدى الصحف العربية: «أخذت قرار الاعتزال منذ نحو ربع قرن، لأني قدمت من خلال مشواري الفني كل ما أحلم بتقديمه، وليس لديّ أحلام لم أحققها في عملي أو أعمال كنت أتمنى تقديمها».

هي من الفنانات والفنانين القلائل أصحاب الرسالة الفنية والإنسانية، الذين اختاروا أن يغذوا أرواحهم وعقولهم، مستغلين موهبتهم لتجاوزها إلى ما هو أبعد من حدود التمثيل أو الغناء. مثلها مثل فاتن حمامة وتحية كاريوكا وأم كلثوم، سيدات كانت لهن مواقف واضحة وصريحة من كل ما يجري من حولهن، سواء على الصعيد الوطني داخل مصر، أو عربياً وقومياً. ونادية، أو بولا كما كانت تحب أن يناديها الناس خارج الاستوديو، وكل أطر التمثيل والفن، لم تترك فرصة إلا ودعمت وساعدت في كل الميادين.

لم تنشغل بشكلها وجمالها، بل تجاوزتهما لتعمل على التعمق أكثر بالكلمة والثقافة والقراءة والسياسة. واكبت أحداث مصر والعالم العربي مستغلة شهرتها ونجوميتها في خدمة المجتمع. ولا بد هنا من العودة إلى كلام مهم يكشف حقيقة بولا شفيق، حين صرحت إثر تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي أيضاً عام 2014، وفي ظل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها مصر: «كنت أتمنى أن أكون قادرة على حمل السلاح بل مئات الأسلحة، وأنزل إلى الشارع وأقف مع الجيش والشرطة للقضاء على الإرهاب، وأغضب عندما أرى نفسى مكبلة وغير قادرة على تحقيق أي رد فعل أمام ما أراه يومياً، ولكن في الوقت نفسه أرى أن صناعة الفن لا تقل أهمية عن أي صناعة أخرى وهي أيضاً سلاح قوي لمقاومة الإرهاب، لأننا نواجه إرهاباً فكرياً وثقافياً. ورغم ظروفي الصحية الصعبة، إلا أنني قررت أن أنزل إلى المهرجان وأستلم تكريمي لأؤكد للجميع أن مصر آمنة، القوة الناعمة هي سلاحنا الوحيد الذي نمتلكه».

هي القائلة «لكل فنان أو مبدع أوان»، عرفت كيف تكون سيدة كل أوان، فاعلة في محيطها وفي المجتمع، محبة للحياة والناس، مدركة واجباتها وحقوقها. هي نموذج للفنانة الحقيقية التي أعطت الفن حتى المجد، ثم استدارت نحو المجتمع والمحيطين بها كي تعطيهم مما أخذت وتعلمت، ففاضت محبة وعطاء وكرماً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"