صدر مؤخرا عن وزارة التراث والثقافة العمانية، وضمن مشروع جمع التاريخ المروي ثلاثة إصدارات حملت عناوين مختلفة منها (العادات والتقاليد لمرحلة الميلاد لولاية سمائل) و(عادات ميلاد الإنسان في ولاية قريات) و(عادات وتقاليد الزواج في ولاية قريات)، ويأتي إصدار هذه الكتب ضمن سلسلة مطبوعات مشروع جمع التاريخ المروي لولايات (سمائل وقريات) الذي نفذته وزارة التراث والثقافة ضمن برامج مسقط عاصمة الثقافة العربية لعام 2006 م، كبداية للمشاريع الهادفة لجمع الموروث الشعبي الشفهي من مناطق ومحافظات سلطنة عمان، ويعد هذا المشروع نتاج جهد مشترك بين المجتمع والحكومة، فخرج في صورة مشرقة عبرت عن مدى تجاوب المواطن مع مثل هذه المشاريع، كما عكس الأهمية البالغة التي توليها وزارة التراث والثقافة لجمع ونشر وحفظ التراث الثقافي غير المادي بجميع مفرداته.
وقد أشرف على كتاب (العادات والتقاليد لمرحلة الميلاد لولاية سمائل) الدكتور سعيد بن محمد بن سعيد الهاشمي وهو يمثل جزءا من موروث ثقافي يعبر عن حضارة ضاربة في جذور التاريخ ومدى التأثير والتأثر فيما حولها من حضارات، كما يعكس هذا الموروث الجوانب الاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع العماني، بالإضافة إلى العادات والمعتقدات والأفكار التي يتسم بها العماني والتي تراكمت من خلال تأثره بالبيئة المحيطة، ويسرد الكتاب في مقدمته العادات والتقاليد، ثم مرحلة الحمل وتبعاتها، والوضع والعناية بالأم، والعناية بالمولود، وجاء الإصدار وفق مقابلات لتسع راويات تم طرح الأسئلة عليهن، واستغرقت عملية البحث حوالي ثلاثة أشهر.
وقد أوضحت الدراسة، أدبيات العادات والتقاليد في ثقافة المجتمع، إضافة إلى الممارسات اليومية المتبعة في تسيير الحياة، بجانب اكتشافها للمفردات اللغوية العامية الكثيرة في المجتمع العماني، وأهمها المفردات الخاصة بالموروث الطبي، كما أوضحت الدراسة بعض الأغاني التي تؤدى في المناسبات المختلفة المصحوبة بترانيم خاصة وفق السن العمرية.
أما كتابا (عادات ميلاد الإنسان في ولاية قريات) و(عادات وتقاليد الزواج في ولاية قريات) فقد أشرفت عليهما عائشة حمد سعيد الدرمكي، ويضم الفصل الأول لكتاب عادات ميلاد الانسان العادات الخاصة بفترة الحمل، ألم الولادة وفترة ما بعد الولادة، إضافة إلى العادات المصاحبة لولادة الطفل ميتا بعد تمامه، وسقوط الطفل ميتا قبل تمامه، كما تناول الكتاب أيضا العادات الخاصة بالرضاعة وبتسمية الطفل والعادات المتعلقة بالتنشئة والختان وأطوار النمو.
ومن النتائج التي توصل لها البحث في الكتاب وفرة نصوص (التبطولة والحويرة) مما يدلنا على شيوعها وكثرة استعمالها، إضافة إلى نصوص القصص والحكايات على غلبة حدث الفتاة الفقيرة وابن السلطان، واختلاف لغة النصوص الدينية واقترابها من اللغة الفصحى العامة مما يدل على الفئة المتعلمة التي تتبناها، إضافة إلى وفرة النصوص عامة بالظواهر الصوتية والدلالية للهجة مما يتيح للباحث اللغوي مجالا كبيرا للدراسة، وتكشف الدراسة نصوص الحياة الثقافية والفكرية للحقبة التاريخية السابقة، والتي كشفت أن المعتقدات والأفكار والآراء تتركز على الأشياء المحسوسة والعقلية الظاهرة وأنه ليس هناك تفسيرات للظواهر والمعتقدات الغيبية.
