الإرهاب والفساد.. علاقة عضوية

00:54 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

خلال افتتاح المؤتمر الدولي لاسترداد أموال العراق المنهوبة، قال رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي: «الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، كما أن الفساد وتبديد قدرات الدولة وإمكاناتها إرهاب صريح، وقد مهّد الفساد الطريق لعصابات «داعش» لتدنيس أرض العراق».

كلام صحيح، ينطبق على العراق، وعلى غيره من الدول، فالفساد والإرهاب توأم، وكلاهما آفة كبرى تواجه العديد من دول العالم، وكان للعديد من الدول العربية نصيب منهما، وهي لا تزال مبتلاة بالإرهاب والفساد معاً.

إنهما بمعنى من المعاني شرّ مطلق، فالإرهاب الذي تمارسه جماعة، أو فرد، أو دول، وبأي شكل من الأشكال، مثل القتل والتدمير والتفجير والعنف والطغيان والنهب والسلب واستباحة الحرمات وحياة الناس، والاعتداء على حقوق الآخرين، هو مثل الفساد الذي يهدر حقوق الدولة، ويعتدي على أملاكها وأموالها، وينهب مقدّراتها، ويسرق مدخرات المودعين، ويؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير الدولة ومؤسساتها، ويتسبب بإفقار الناس وتجويعهم.

الاثنان، الفساد والإرهاب، يستهدفان الإنسان في حياته وعيشه ورزقه، ويحرمانه من حقه في الحياة، إما بالقتل المباشر، وإما بالقتل المستتر.

لذا، فالمعركة ضد الإرهاب والفساد تتشابه من حيث الأدوات المستخدمة، لأنهما في أحيان كثيرة يتخفيان تحت أسماء وهمية، أو يتخذان من الدين وسيلة للتخفي. وأحياناً يتخذ الفاسدون سلطاتهم، أو طوائفهم أو أحزابهم، وسيلة لممارسة فسادهم، كما أن الإرهابيين يتوسلون الدين سلّماً لارتكاب الفظائع ضد الآخرين، من خلال تزوير أو تشويه المضامين الحقيقية للأديان التي تدعو كلها إلى المحبة والتآخي والتآزر والرحمة.

المعركة ضد الإرهاب والفساد طويلة وشاقة، ويجب أن تكون متكاملة، فالإرهاب والفساد يتغذيان من المرعى نفسه، والمنبع نفسه، وشرايينهما متشابكة، لذا فمن المفترض أن يتوفر التنسيق الدولي بين مختلف الدول في هذه المواجهة، كما يجب تعزيز حكم القانون والديمقراطية والحكم الرشيد في الدول التي تعاني الفساد، وكذلك توفير فهم مشترك حول الإرهاب، من دون تمييز حول دوافع الإرهاب وأهدافه، إذ لا يوجد إرهاب حميد وإرهاب سيئ، لأنهما في المحصلة النهائية يستهدفان الإنسان وحقه في الحياة. ثم إن الإرهاب لا يقتصر على شعب، أو دين واحد، فهو عابر للدول والأديان.

الإرهاب والفساد آفة قاتلة مثل الداء الذي يستوجب العلاج العاجل، وفي حال عدم الاستجابة يجب اللجوء إلى الاستئصال،لأنهما من دون ذلك ينخران جسم الدول والشعوب وصولاً إلى تدميرها. وهذا واجب المجتمع الدولي بكياناته ومؤسساته ومنظماته السياسية والثقافية والدينية والأمنية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"