عادي

«الإيدز» يواصل تقدمه في أوروبا الشرقية في ظل تفشي «كورونا»

20:56 مساء
قراءة 3 دقائق
علاج_مرض_الإيدز

بوخارست- أ.ف.ب

في أحد شوارع بوخارست، يتجمع مدمنو المخدرات حول سيارة إسعاف لجمع الحقن النادرة، وبينما تتركز الأنظار على جائحة «كوفيد-19»، تتباطأ الحرب ضد فيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز» في أوروبا الشرقية.

تجول ألينا شياو، من الجمعية الرومانية لمكافحة «الإيدز»، ثلاث مرات في الأسبوع في الأحياء الحساسة في العاصمة بوخارست، لمساعدة الأشخاص المعرضين للخطر، وتزويدهم بمعدات معقمة لتجنب خطر انتقال العدوى. لكنّ المخزون بدأ ينفد وباتت الجولات أقصر. فبسبب نقص الأموال العامة في ظل تركز كل الجهود على مكافحة فيروس «كورونا»، قد تُضطر سيارة الإسعاف إلى البقاء في المرآب بعد شهر، بحسب شياو.

وتسأل زميلتها أدا لوكا الغاضبة من تقاعس الحكومة في هذا الموضوع: «ما الذي يكلّف أقل؟ شراء حقنة أو علاج مريض طوال حياته؟».

وحتى قبل الأزمة الصحية، كانت بلدان الكتلة الشيوعية السابقة من الأكثر تضرراً على هذا الصعيد: ففي عام 2019، استحوذت أوروبا الشرقية على 76% من حالات «الإيدز» التي تم تشخيصها في القارة العجوز، بحسب المركز الأوروبي للوقاية والسيطرة على الأمراض.

وقد أتى تفشي فيروس «كورونا» ليفاقم الوضع المعقّد أساساً.

انخفاض شديد في عدد الفحوص

يوضح منسق الصليب الأحمر في أوروبا دافرون مخمدييف: أنه إضافة إلى وصمة العار التي لا يزال يعانيها الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية في بلدان كثيرة، أضافت الجائحة تحديات جديدة. فمع إغلاق المستشفيات أمام المرضى غير المصابين ب«كوفيد-19»، وتدابير الإغلاق والقيود على التنقلات، «تم تقييد الوصول إلى خدمات الفحص والتشخيص»، وفق مخمدييف.

وبحسب برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة «الإيدز»، تم إحصاء 140 ألف إصابة جديدة بفيروس «إتش أي في» في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في عام 2020، مقابل 170 ألفاً في عام 2019.

ولا يؤشر هذا الانخفاض إلى حدوث تغيير في الاتجاه السائد؛ بل يعكس تباطؤاً «مفاجئاً» في عدد الفحوص، وفق هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة. وشهدت رومانيا التي يبلغ عدد سكانها 19 مليون نسمة وتضم نحو 17 ألف مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، انخفاضاً في عدد الاختبارات بمقدار الثلث العام الماضي.

والحال عينها في بلغاريا المجاورة؛ حيث يأسف ألكسندر ميلانوف من المنظمة الوطنية للمرضى لأن «المراكز الصحية الإقليمية أُغرقت بفحوص كوفيد-19 وبالكاد أجرت أي اختبارات لرصد فيروس إتش أي في».

«متروكون»

من خلال تعطيل سلاسل التموين اللوجستي، عقّدت الجائحة أيضاً حصول المرضى على الأدوية، بحسب مخمدييف. ويشكّل ذلك تحدّياً إضافياً يواجهه الرومانيون المصابون ب«الإيدز»، فيما تجد المستشفيات نفسها في أحيان كثيرة من دون علاج، في هذا البلد الذي تُعد ميزانيته المخصصة للصحة الأدنى في الاتحاد الأوروبي.

ويرى خبير المعلوماتية البالغ 28 عاماً ألكسندرو تانتو المصاب بفيروس «اتش اي في» والمقيم في بوخارست أن حجة نقص الموارد «واهية».

ويقول الشاب: «نحن غاضبون لأننا نشعر بأننا متروكون»، في إشارة إلى المرضى الذين قد يؤدي غياب أو تأخير العلاج عنهم إلى «عواقب لا يمكن إصلاحها».

وفيما يرى ألكسندرو أنه «محظوظ» لكونه يعمل في وظيفة ثابتة، يكشف عن تلقيه مكالمات من مرضى «يفكرون في الانتحار». كذلك ينتقد الدولة لعدم اعترافها «بمسؤوليتها التاريخية»، في حين أن المسؤولية عن معظم الوفيات الناجمة عن «الإيدز» تُنسب إليها.

وقد أصيب نحو 11 ألف طفل وُلدوا في الثمانينات خلال نظام نيكولاي تشاوشيسكو الذي كان يشجع على كثرة الولادات، ب«الإيدز» بسبب استخدام حقن غير معقمة في المستشفيات أو دور الأيتام. وكان يُنظر إلى هذا المرض حينها بأنه لا يصيب سوى «الغرب الفاسد».

خوف دائم

وشهدت مديرة منظمة «سنس بوزيتيف» غير الحكومية ألينا دوميتريو على فترات نقصاً في العلاجات المضادة ل«الإيدز»، لكنها كانت تظن أن تلك الأيام قد ولت. وبين المكالمات والرسائل النصية من المرضى اليائسين، تفرز ألينا عقاقير الدواء الواردة من واهبين في الخارج لإرسالها إلى أشخاص يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة، وعددهم يُقدّر بالعشرات أسبوعياً.

كما تزود ألينا أحياناً المستشفيات التي «اضطرت إلى خفض ميزانية مرضى الإيدز لمواجهة تدفق الحالات الشديدة من فيروس كورونا». وعلى الرغم من أن العلاجات الجديدة تطيل عمر المصابين ب«الإيدز»، لكنّ «هؤلاء المرضى ما زالوا يعيشون بخوف دائم ولا يعرفون ما إذا كانوا سيجدون الدواء في اليوم التالي»، وفق دوميتريو.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"