عادي
خامس روائي إفريقي يفوز بالجائزة

نوبل للآداب إلى التنزاني عبد الرزاق جورنا

23:13 مساء
قراءة 3 دقائق
9

الشارقة: عثمان حسن

أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية، أمس الخميس، منح جائزة نوبل للآداب، للروائي التنزاني عبد الرزاق جورنا، الذي ولد عام 1948 في زنجبار قبالة سواحل شرق إفريقيا، ومن أعماله البارزة (الجنة 1994) التي وصلت إلى مواقع متقدمة في جائزة «البوكر».

وكانت الأوساط الثقافية تترقب بقوة فوز الكاتبة والشاعرة الكندية مارجريت أتوود، غير أنها توقعت كذلك أن يكون الفائز آسيوياً. ويعتبر جورنا الروائي الإفريقي الرابع الذي يفوز بالجائزة بعد النيجيري وولي سوينكا 1986، والمصري نجيب محفوظ 1988، والجنوب إفريقية نادين جورديمير 1991، والجنوب إفريقي جون ماكسويل كويتزي2003.

أثنت لجنة تحكيم جائزة نوبل على جورنا، بوصفه يقدم سرداً مؤثراً كان على تماس مع مصير اللاجئين العالقين بين القارات والثقافات، وكانت روايته «الجنة» أكبر تجسيد لهذه القضية، خاصة أنه في كثير من أعماله لا يساوم، ويقف موقفاً واضحاً ومبدئياً ضد الاستعمار.

كسر التقاليد

عبد الرزاق جورنا بحسب اللجنة، يكسر بوعي، التقاليد، ويقلب المنظور الاستعماري، لتسليط الضوء على واقع البلاد المستعمرة، هكذا روايته الهجر (2005) حول علاقة حب تصبح تناقضاً صارخاً مع ما أسماه الرومانسية الإمبراطورية. وقالت لجنة تحكيم الجائزة: «جورنا يتفانى في الحقيقة، كما أن رواياته تنحرف عن الأوصاف النمطية، وتفتح أنظارنا على شرق إفريقيا المتنوع ثقافياً غير المألوف لكثيرين في أجزاء أخرى من العالم».

ومن الأعمال المهمة لعبد الرزاق جورنا «جوار البحر» 2001، و«الهجر» 2005، و«ذاكرة المغادرة» 1987، و«طريق الحجاج» 1988 وغيرها.

بدأ جورنا الكتابة في سن 21 عاماً، وألقى سلسلة من المحاضرات في جامعة «بايرو كانو» في نيجيريا خلال الفترة من 1980 إلى 1982. ثم انتقل إلى جامعة «كينت» الأمريكية، حيث حصل على درجة الدكتوراه في عام 1982. وهو الآن أستاذ ومدير الدراسات العليا في الجامعة نفسها، قسم اللغة الإنجليزية. ينصب اهتمام جورنا الأكاديمي في الكتابة على ما بعد الاستعمار والخطابات المرتبطة به، خاصة ما يتعلق منها بإفريقيا والبحر الكاريبي والهند.

قام جورنا بتحرير مجلدين من مقالات عن الكتابة الإفريقية، ونشر مقالات ومشاريع بحثية عن عدد من الكتاب المعاصرين مثل: ف. اس نايبول، وزوي ويكومب، وجوزيف كونراد، وأنتوني بيرجيس وغيرهم.

وصفت رواية عبد الرزاق جورنا «جوار البحر»، بأنها تجسد صورة مؤرقة لرجل في مطار هيثرو بصندوق بخور منحوت، وهذا كل ما لديه. إن جورنا كاتب لا يقل أهمية عن تشينوا أتشيبي، وكتاباته جميلة وخطرة بشكل خاص، كما أنها فكاهية ولطيفة وحساسة.

الشتات

تصور أعمال عبد الرزاق جورنا، عنف ما بعد الاستعمار في بلده الأصلي تنزانيا، حين أطاحت الأغلبية السوداء النخبة التي كانت موجودة في البلد منذ قرون، وغالباً ما يندرج اسمه في قائمة أهم الكتاب الأفارقة بينهم النيجيري تشينوا أتشيبي (1930 2013)، وهو أول روائي بارز من القارة السوداء كتب بالإنجليزية عن المخلفات المأساوية للإمبريالية البريطانية على المجتمعات الإفريقية. غير أن جورنا يختلف عن أتشيبي في أنه أقل تركيزاً على الصراعات نفسها، وإنما ينصب تركيزه على حالة المنفى التي تولدها مثل هذه الصراعات، ويمكن أن ننظر إلى هذا الاختلاف على أنه يميز كتابات الشتات الإفريقي بوجه عام، حيث يستكشف جورنا منذ روايته الأولى «ذكرى الرحيل» في عام 1987 فصاعداً، تجارب الأفارقة الذين لا يشعرون بأنهم في أوطانهم، لا في إفريقيا ولا في بريطانيا العظمى.. ففي عالم يبدو أن العنف يستهلكه حتى النخاع، يجد أبطال جورنا أنفسهم في حالة ترحال دائم: يستوي في ذلك حسن عمر الذي يعمل على سطح سفينة شحن في نهاية رواية «ذكرى الرحيل» ويوسف الذي يهرب ليلتحق بالقوات الألمانية في رواية «الفردوس». ويبدو أن جورنا يرفض أن يصور لحظة مصالحة نهائية بين أبطال رواياته وعائلاتهم، أو بين الجماعات العرقية والدينية المتناحرة أو بين الماضي الاستعماري والحاضر ما بعد الاستعماري. وفي روايات لاحقة له مثل «الإعجاب بالصمت» التي كتبها في عام 1996 يجد الراوي الذي لا نعرف اسمه، نفسه دون مستقبل واضح، بعد أن تركته شريكته الإنجليزية إيما وابنتهما المراهقة إيميليا. والرسالة التي يتلقاها من عائلته في زنجبار تنتهي بالجملة التالية: «عد إلى الوطن»، وهي عبارة لا يمكن للراوي أن يقرأها، إلا باعتبارها نوعاً من المفارقة القاسية، فطوال عشرين عاماً لم يكلم الراوي عائلته عن إيما، كما أن الأوصاف التي كان يصف بها عائلته أمام إيما كانت مجرد اختلاق من جانبه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"