غلطة السقا بألف وأكثر

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يستسيغ كثيرون ضجيج «السوشيال ميديا» لأنه في نظرهم باب العبور مباشرة إلى الشهرة، ومن كان مشهوراً عبَر من خلاله إلى المزيد من «اللمعان»، وكسب المركز الأول في سباق الفنانين. وصارت الرغبة في تصدّر مانشيت الصحف الفنية والصفحات «التويترية» و«الإنستجرامية» و«الفيسبوكية» و«الترند»، موجة عالية جداً، جرفت معها صغار الفنانين الذين ما زالوا يتلمّسون طريق التمثيل وعالم الأضواء. ولعل ما حصل في الأيام الماضية خلال مهرجان الجونة السينمائي هو الصورة الأمثل لهذا «الهوس»، واللهاث خلف الضجة و«الترند». 
الفنان أحمد السقا لم يفتعل ضجة، لكن كلمته أثناء تكريمه في المهرجان والتي تحدث فيها عن بدايته وزملائه من أبناء جيله في الفن كانت كفيلة بإثارة ردود الفعل بين الفنانين، والناس عموماً. زلة لسان السقا احتاجت إلى توضيح منه، لكننا نشكره عليها لأنها استنفرت الناس جميعاً، فهبّوا يدافعون ويستعيدون أمجاد السينما المصرية وتاريخها وكبار نجومها الذين نعتبرهم عمالقة، بما ملكوا من موهبة وتفان وإخلاص في العمل، والثقافة والوعي، والعزيمة على إعلاء شأن الفن العربي. 
السقا قال إن السينما المصرية من 1967 وحتى «1997 كانت مخنوقة، إلى أن جاء فيلم «إسماعيلية رايح جاي» فقلب الدنيا، وبدأت نهضة جديدة في السينما. ثم أوضح أنه لم يقصد التقليل من شأن الكبار لكنه يتحدث عن التقنيات التي حملها معه «إسماعيلية رايح جاي»، وبعده «صعيدي في الجامعة الأمريكية»، والتغير الكبير الذي حصل. ولم يعلم السقا أنه استفز ذاكرتنا فاستعادت أمجاد السينما التي سبقت «إسماعيلية..». 
عن أي قفزة يتحدث السقا؟ لن نقارن بين هذا التقدم التي يحكي عنه وبين أفلام تم إنتاجها من 1967 وحتى 1997، إذ يكفي أن نسرد أسماء لكبار المخرجين، وبعض ما قدموه للسينما كي نعرف الفرق، وندرك أن السقا أراد تعظيم شأن ما أنجزه في السينما، وأنه استحق التكريم، فسقط. 
من أفلام 1967، «الزوجة الثانية»، و«قصر الشوق»، و«معبودة الجماهير».. ومن أعمال 1968 «قنديل أم هاشم»، ومن 1969 نختار «الأرض» ليوسف شاهين الذي قدم في 1994 «المهاجر»، ورائعته «المصير» في 1997. ومن الأعمال الاجتماعية والشبابية الرائعة «خلّي بالك من زوزو» لحسن الإمام 1972، وفي العام نفسه قدم حسين كمال «إمبراطورية ميم». وهنري بركات قدم «أجمل أيام حياتي» في 1974، وقدم في 1977 «أفواه وأرانب». ولا ننسى مثلاً «أريد حلاً» لسعيد مرزوق عام 1975، والذي أدى إلى تغيير قانون الأحوال الشخصية. 
القائمة طويلة ولا مجال لسردها، وقد فات السقا أن تلك الحقبة كانت تحمل توقيع كبار السينمائيين، وأن يوسف شاهين كان دائماً سباقاً في تقديم سينما جديدة، ومختلفة، وأنه تم تكريمه في مهرجان «كان» السينمائي الدولي عن مسيرته ومجمل أعماله. غلطة السقا بألف وأكثر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"