سعيد الهنجري: أول درس تعلمته إكرام الضيف

يتولى مسؤولية وادي «أصفني» خلفاً لوالده
01:51 صباحا
قراءة 4 دقائق
حوار: بكر المحاسنة

بين جبال وادي أصفني الجنوبية وعلى ضفاف واديها الكبير، وفي بيت من الطين والحجارة وسعف النخيل، ولد سعيد محمد سعيد الهنجري، في مجتمع بني على الحب والتسامح وقوة العلاقات الاجتماعية، زرع القمح وحصده، اعتاد تربية الماشية والأبقار والإبل والاهتمام بها، ورث مسؤولية المنطقة عن والده، وكان كبيراً مع الكبار، تعلم الحكمة والقيادة وأصبح يشار له بالبنان، حتى أصبح من الشخصيات النادرة التي تحتفظ بتاريخ وتراث الآباء والأجداد، وهو مثال للرجل الهادئ الطيب الذي يحظى باحترام الكبير والصغير من داخل وخارج المنطقة، لتميز شخصيته بالتواضع والشهامة والشجاعة العربية الأصيلة، وحبه وانتمائه للوطن والولاء للقيادة الرشيدة.
يقول الهنجري: نشأت في منطقة وادي أصفني على الحب والتسامح وقوة العلاقات الاجتماعية، وذلك من خلال مرافقتي لوالدي رحمه الله منذ أن كان عمري أربع سنوات كنت أقوم بمساعدته في أعمال الزراعة خاصة زراعة أشجار النخيل، ونبات الغليون، وزراعة حبوب البر «القمح» التي كانت تشتهر في المنطقة، كما كنت أساعد والدي في تربية الماشية والأبقار والإبل والاهتمام بها، ويضيف كنت أزرع البر «القمح» بمياه الأمطار، وعن طريق الأفلاج أو الآبار المتصلة باليازرة وهي الأداة التي تستخدم الثيران في استخراج المياه، أو من خلال الآبار التي تكون فيها المياه قريبة من الأرض فيكتفى بوضع «منزفة» عليها وهي وعاء من جلد الماعز يسحب فيه المياه لتنقل الى خارج البئر، وتعلمت الكثير وكل مهارات وأعمال الزراعة من والدي رحمه الله، وما زلت حتى وقتنا الحاضر أقوم بزراعة أشجار النخيل والعديد من المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها أرض الوادي، علاوة على تربية الماشية والعناية بها دون الاعتماد على أحد.
ويقول الهنجري: خلال مرافقتي لوالدي رحمه الله تعلمت منه الكثير حيث تعلمت منه الاعتماد على النفس وقوة التحمل والصبر، كما أن أول درس تعلمته إكرام الضيف وحسن استقباله، ونشأت على العادات والتقاليد العربية الأصيلة وحب الناس واحترامهم، والانتماء والولاء للوطن وللقيادة الحكيمة، حيث ورثت مسؤولية المنطقة عن والدي رحمه الله محمد الهنجري الذي عينه المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة السابق كمسؤول للمنطقة في بداية حكمه تقريباً في عام 1949 وبقي مسؤولاً الى أن توفاه الله سنة،1997 وكان مسؤول المنطقة قديماً هو سيف بن مسلم قبل والدي، ومن ثم استدعاني المغفور له الشيخ صقر القاسمي رحمه الله وطلب مني إكمال الدور وأصبحت مسؤولاً للمنطقة منذ ذلك الوقت، حيث كان مسؤول المنطقة في الماضي يسمى «أميراً» يتولى جمع الزكاة عن الأموال والحيوانات والنخيل والقمح ويوصلها لحاكم الإمارة، كما كان ينقل مطالب وحاجات الأهالي وهو الدور المقتصر في وقتنا الحاضر، حيث لم يقصر المغفور له الشيخ صقر القاسمي وواصل من بعده صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي حاكم رأس الخيمة تلبية أي احتياجات لأهالي المنطقة أو تقديم أي خدمات للمنطقة لكي تكون منطقة متطورة ويعيش أهلها في رغد وهناء وسعادة.
الرحلة ال 7 أيام
وعن الحياة في الماضي بمنطقة وادي أصفني يقول: كنا نعيش حياة بسيطة وقاسية نوعاً ما، حيث عشنا في موسم الشتاء في بيوت مبنية من الطين والحجارة وفي «الخيم» المصنوعة من شعر الماشية، وفي موسم الصيف كنا نسكن في بيوت مصنوعة من سعف النخيل، ورغم صعوبة الحياة في ذلك الوقت إلا أنها كانت حياتنا بسيطة وتتميز بقوة العلاقات الاجتماعية وبالحب والتسامح بين الجميع، وكان اعتمادنا على الزراعة بشكل رئيسي وتربية المواشي، والرحلات التجارية التي كنا نقوم بها بشكل جماعي مع أهالي المنطقة والمناطق المجاورة وذلك بالذهاب الى أسواق رأس الخيمة والشارقة بواسطة الجمال والخيول والحمير المحملة ببعض المحاصيل الزراعية ومنتجات الماشية، ونبات الغليون والفحم «السخام» وكانت الرحلة تستغرق ما بين 6 أيام الى 7 أيام ذهاباً وإياباً، وعند بيع المنتجات والمحاصيل أو مقايضتها ببعض احتياجات الأهالي من عيش وسكر وشاي وقهوة وما شابه نرجع الى منطقتنا ويتم استقبالنا بالأهازيج والاحتفال. كما في أنه الماضي لم يكن مستشفيات أو مراكز صحية حيث كان العلاج من الأمراض يتم بواسطة الأعشاب الجبلية أو الوسم أو الرقية أو العسل، وكان المطوع عبدالله بن سالمين النقبي من منطقة دفتا القريبة هو من يتولى أمر الرقية ويأتينا كل جمعة ليخطب، ويصلي بنا، ويعلم بعض أبناء القرية القرآن الكريم.
مساكن حديثة
ويشير الهنجري الى أنه منذ بداية فترة السبعينات أي بعد قيام الاتحاد حظيت المنطقة بمنجزات عهد النهضة المباركة التي قادها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وسار على النهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وأخوه صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي حاكم رأس الخيمة، حيث بنيت المساكن الحديثة ووصلها التيار الكهربائي وتوفرت خدمات الاتصالات والإنترنت، كما تعبدت الطرق الداخلية والخارجية للمنطقة حتى أصبحت معظم الطرق ممهدة ومرصوفة ويسهل على المواطنين والزائرين التنقل عبرها والوصول إلى مختلف المواقع بالمنطقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"