الرشيقة المحبوبة

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

حين نقول إن لغتنا العربية تراجعت كثيراً، هل نملك الإحصاءات الكافية والدقيقة التي تؤكد هذه الأحكام مقارنة بباقي لغات العالم؟ ربما نتحدث عن لغتنا ومكانتها من منظورنا «العاطفي» ومن واقع حالها بين شبابنا وأطفالنا الذين نراهم يميلون إلى التحدث بلغات أجنبية، ويتباهون بركاكة عباراتهم وتلعثم ألسنتهم، حين يقررون الكلام بلغة آبائهم وأجدادهم. 
الجهة المحايدة في مثل هذه الدراسات أو الإحصاءات، هي منظمة الأمم المتحدة التي تؤكد اليوم أن هناك أكثر من ٤٢٠ مليون شخص في العالم يتحدثون العربية، وهذا الرقم ربما يفاجئنا، لكنه خير دليل على مدى انتشار العربية، وعلى أنها من أكثر اللغات شيوعاً في العالم، ناهيك بكونها واحدة من بين ست لغات رسمية اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة، وواحدة من اللغات الأربع الأكثر استخداماً في الإنترنت.
هذه المعلومات تكشف لنا حقيقة موقع العربية، اليوم في زمن العولمة والانفتاح على العالم الخارجي والتواصل المستمر بين كل شعوب العالم عبر مواقع التواصل، و«التواصل الحضاري» الذي حددته «يونيسكو» موضوعاً لليوم العالمي للغة العربية هذا العام في الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول. 
في عيون الآخرين، تبدو العربية، أجمل مما هي في عيون أبنائها، رشيقة محبوبة، تملك من السحر ما يكفي لجذب الغرباء عنها فتحثهم على اكتشاف أسرارها. في عيونهم هي مدللة تتمايل بين الشدة واللين في حروفها، عريقة بتاريخها، حاملة لكنوز الأدب والعلم والثقافة، جامعة للشعوب العربية..
أن تعرف حقيقة أن العربية هي من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، فهذه ليست مجرد معلومة تسعدك وتدعوك للفخر؛ كونك أحد أبناء هذه اللغة، إنما هي رسالة مباشرة لك ولكل من تعدّ العربية هويته، ودعوة مباشرة أيضاً كي يتحمل المسؤولية ويواجه الواقع، ويسهم في صون كرامة لغته وهويته، وإعلاء شأنها، والدفاع عنها، بدل نبذها من أجل التمسك بلغات بديلة، الانفتاح على لغات العالم يزيدنا ثراء إذا أضفنا إلى كنزنا الذي نملكه كنوزاً أخرى، ويفقرنا إذا استغنينا عمّا نملك من أجل استبداله والتنكر له، وكأنه دليل ضعف أو نقص. 
إذا كان للغتنا العربية دور تاريخي وعالمي وثقافي مهم، فلكل منا أيضاً دور لا يقل أهمية، وعلينا مسؤولية ينبغي أن ندركها حتى نحافظ على مكانة لغتنا وعراقتها ودورها، وننشرها بصورة تزيد من جمالها ونزداد فخراً بها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"