لماذا ارتفعت صفقات الاستحواذ والاندماج في العام 2021 ؟

21:47 مساء
قراءة 3 دقائق

عدنان أحمد يوسف *

نقف في هذه المقالة أمام عمليات الاستحواذ والاندماج التي شهدناها في العام 2021، باعتبارها أحد اتجاهات الاستثمار العالمية التي برزت بصورة أكبر خلال العام الماضي، وهي تعكس جملة من العوامل الهامة التي نرى من المفيد التعرف إليها.

ويشير تقرير أصدرته شركة ريفينيتف، وهي إحدى شركات مجموعة بورصة لندن، إلى انتعاش عمليات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقوة في العام 2021 حيث بلغت عائداتها 109 مليارات دولار أمريكي، بزيادة 57٪ عن العام الماضي. وكان عام 2021 هو العام الأول الذي تجاوزت فيه عمليات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 1000 صفقة. وتم تسجيل ما مجموعه 1141 صفقة في عام 2021، بزيادة قدرها 40٪ عن عام 2020 وأعلى إجمالي سنوي منذ بدء السجلات في عام 1980.

ووصلت عمليات الاندماج والاستحواذ الواردة إلى مستويات قياسية حيث بلغت قيمة هذه العمليات 45.4 مليار دولار أمريكي في عام 2021، بزيادة 88٪ وهو أعلى مستوى منذ عام 1980. وبلغ إجمالي عمليات الاندماج والاستحواذ الصادرة 30.2 مليار دولار أمريكي في عام 2021، بزيادة قدرها 198٪ عن عام 2020 وأعلى مستوى لها في ست سنوات.

أما عالمياً فقد ارتفعت أحجام عمليات الاستحواذ والاندماج بنسبة 63% إلى 5.63 تريليون دولار في العام 2021، متجاوزة الرقم القياسي السابق خلال الأزمة المالية البالغ 4.42 تريليون دولار في عام 2007.

وكما ذكرنا، فقد تضافرت العديد من العوامل العالمية والإقليمية وراء هذا النشاط الكبير في سوق الاستحواذ والاندماج.

ونحن نعتقد أن من أهم هذه العوامل، توفر السيولة النقدية وارتفاع قيمة الأسهم في البورصات العالمية، حيث انتهزت صناديق شراء كبرى ومؤسسات ورجال أعمال هذه الفرصة لإتمام عمليات كانت مؤجلة خلال العامين الماضيين. هذا وأحدثت سياسات نقدية توفيقية اتبعها الفيدرالي الأمريكي انتعاشة في أسواق الأسهم وأتاحت للمديرين التنفيذيين فرصة الحصول على تمويل بتكلفة بسيطة، مما شجعهم على السعي وراء تلك العمليات، حيث نلاحظ بالفعل قيادة الولايات المتحدة الطريق صوب عمليات الاندماج والاستحواذ إذ ساهمت بما يقرب من نصف الأحجام العالمية، وتضاعفت فيها قيمة هذه الصفقات تقريباً لتصل إلى 2.5 تريليون دولار في 2021.

وعامل أخر هو تزايد جاذبية عدد من القطاعات، حيث شكل قطاعا التكنولوجيا والرعاية الصحية حصة كبيرة في سوق الاندماج والاستحواذ في العام الماضي، وهذا منطقي وسط الطفرة الكبيرة في الخدمات الرقمية حول العالم التي باتت تهيمن على المعاملات، كذلك بالنسبة لقطاع الرعاية الصحية الذي بات يحظى بأولوية من قبل كل من الاستثمارات الحكومية والخاصة نتيجة تنامي الطلب الكبير على خدماته وسط تواصل تفشي جائحة كورونا.

وعامل ثالث يتعلق بقطاع الطاقة، حيث شهدت الأحواض الجنوبية للغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة عمليات استحواذ واندماج العام الماضي كانت هي الأعلى منذ عام 2014. ومنذ الربع الثاني من العام الماضي، عاد النشاط بقوة لقطاع الغاز والنفط الصخري الذي شهد تراجعاً قبل عامين بسبب وباء كورونا وانخفاض سعر النفط. ومع الارتفاع المطرد في أسعار النفط، وكذلك الارتفاع الهائل في أسعار الغاز الطبيعي، الذي تضاعف في أوروبا بأكثر من ثلاث مرات وبلغ في الولايات المتحدة أعلى مستوى منذ أكثر من 12 عاماً، عادت منصات إنتاج الغاز والنفط الصخري للعمل. وبحسب مسح وتحليل أجرته وحدة الطاقة في مؤسسة ستاندرد أند بورز «غلوبال بلاتس» فإن الأحواض الثلاثة الرئيسية لإنتاج الغاز والنفط الصخري في جنوب الولايات المتحدة شهدت ما نسبته 83 في المئة من عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع الطاقة العام الماضي.

أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد جذب قطاع الطاقة رغبة الكثيرين للاستحواذ على أصول فيها بسبب ارتفاع أسعار النفط، والتوقعات بمواصلة هذا الارتفاع خلال العام 2022. وبلغ حجم نشاط الصفقات في هذا القطاع 39 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 189% عن العام 2020. وكانت أكبر صفقة اندماج وشراء لشركة أرامكو لأنابيب الغاز في صفقة بقيمة 15.5 مليار دولار أمريكي حول عقد إيجار وإعادة تأجير لشبكة خطوط أنابيب الغاز الخاصة بها. وبلغ حجم نشاط الصفقات في هذا القطاع 38.8 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 189٪ عن العام الماضي.

ونحن نتوقع استمرار هذا النشاط في العام 2022 حيث ستتضافر نفس العوامل التي تطرقنا لها أعلاه لتشكل قوة دفع لهذا النشاط، علاوة على توجه جدول العام نحو الانفتاح وإعادة الحياة إلى وضعها الطبيعي.

* رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"