- حسين الحمادي: جزء أصيل في منظومة الأخلاق والآداب
- عبد الرحمن الحمادي: مناهج متخصصة قوامها الدين والتراث
- حمد اليحيائي: حقائب تدريبية تزود المعلمين بآلية التدريس
- عائشة المهيري: 9 مبادئ أساسية لمناهج السنع أبرزها التسامح
- 277828 طالباً وطالبة من 565 مدرسة استفادوا من البرنامج
- 25999 تربوياً ومعلماً نفذوا مشروع السنع في مختلف القطاعات
- 10محاور تؤسس مناهج السنع أبرزها «المفاهيم والقيم والمقومات»
- ومضات من فكر الآباء والأجداد أبرز مكونات ومشتملات المناهج
- وثيقة السنع ارتكزت على دستور دولة الإمارات والرؤى الوطنية
- دور مؤثر ل«السنع» في توعية فئات الميدان خلال جائحة كورونا
دبي: محمد إبراهيم
لم يكن السنع الإماراتي مجرد مجموعة عادات وتقاليد، يتسم بها المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ بل إنه يشكل الهوية الوطنية الحقيقية، والإرث الذي امتد من الأجداد إلى الأسلاف، ليصل إلى أجيال الحاضر والمستقبل.
وزارة التربية والتعليم ركزت جهودها على مدار السنوات الخمس الماضية، على تجسيد مفاهيم السنع الإماراتي، والتعمق في ماهيته وأصوله، وما يتضمنه من قيم وأخلاقيات ومبادئ، تبلور هوية الوطن، لتحويله من مجرد فكرة إلى علوم ومعارف، ليأخذ مكانته بين مناهج الطلبة الدراسية، لينهل منها الطلبة في مراحل التعليم كافة، تجسيداً للأصالة في مجتمع الإمارات.
ولكن ما قصة السنع الإماراتي؟ ولماذا يشكل جزءاً أصيلاً في منظومة العلم في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
قصة السنع
المتابع للأصالة الإماراتية منذ النشأة، يجد أن برنامج السنع الإماراتي، ترجمة واقعية لهوية الوطن؛ إذ إنه نابع من المكتسبات والتراث الشعبي، ومجموعة القيم التي تركها الأجداد إلى الأسلاف، ليفخروا بها ويحافظوا عليها، ويجتهدوا لتطويرها وتعزيز مكانتها في النفوس والعقول، ليبقى السنع ذخراً لهذا الوطن وللأجيال القادمة.
ويشكل الاهتمام اللامحدود من قبل القيادة الرشيدة للدولة، وتوجيهاتها السامية، مرتكزاً أساسياً في أهمية مناهج السنع الإماراتي؛ إذ يعد تجسيداً لرؤية القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان لديه إيمان راسخ بأن التراث الشعبي، ومجموعة القيم والأخلاقيات والمبادئ، تعد إرثاً حقيقياً، ومصدر فخر للأجيال.
سمة أساسية
أكد وزير التربية والتعليم حسين بن إبراهيم الحمادي، ل«الخليج» أن غرس وتأْصيل السَّنع الإماراتي في نُفوس النشء، يُشكل جُزءاً مهماً من منظومة الأخلاق، التي يعتز بها المجتمع الإماراتي، وينظر إليها باعتبارها سمة أساسية من سمات الشخصية الإماراتية الصالحة، وهويته الوطنية.
وقال: إن تطبيق السنع الإماراتي في مدارس الدولة كافة، أداة فاعلة لترسيخ القيم والسلوكات والأخلاق الحميدة، التي يتحلى بها أبناء الدولة؛ إذ تعد جزءاً من شخصيتهم، وتشكل مصدر فخر لهم بمجتمعهم المتماسك المعتز بهويته الوطنية، والمحافظ على أَصالته وتقاليده وقيمه، في وقت يتصف فيه المجتمع الإماراتي بانفتاحه على الآخر، وقدرته على التعايش السلمي، وتطبيق مفاهيم التسامح مع المجتمعات كافة، وهذا ما تركز على تكريسه المنظومة التعليمية في الدولة.
برنامج وطني
وأفاد بأن «السنع الإماراتي»، برنامج وطني أعدته وتطبقه الوزارة بالتعاون مع المؤسسات التراثية والثقافية بالدولة؛ إذ يركز على توعية وتعليم طلبة المدرسة الإماراتية من الصفوف (1 - 12)، مبادئ وقواعد «السنع الإماراتي» التي توارثوها عن الآباء والأجداد قولاً وفعلاً وتعبر عن هويتهم الوطنية وأصالة مجتمعهم وانفتاحهم على المجتمعات الأخرى.
وأوضح أن مرتكزات برنامج «السَنع» تنبثق من رؤية قيادتنا الرشيدة في إبراز إرثنا الخالد لأجيال المستقبل، من خلال تمكين قدراتهم نحو المواطنة العالمية، مدركين بأن العالم لابد أن يؤمن بقيمه الأصيلة وأخلاقه النبيلة، ليعيش بلغة سلام واحدة، ولنصَّدر من قيمنا المحلية رسائل إيجابية لكل العالم.
حزمة أهداف
من جانبه أكد المهندس عبد الرحمن الحمادي وكيل وزارة التربية والتعليم لتحسين الأداء، رئيس لجنة برنامج السنع الإماراتي، أن مناهج السنع تركز على تحقيق حزمة أهداف، ترتكز على برنامج وطني قيمي أخلاقي نابع من الدين الحنيف والتراث المجتمعي الأصيل، من أجل مجتمع متماسك، فضلاً عن التعرف إلى القيم والعادات والتقاليد والأعراف الأصيلة التي حرص المجتمع على توارثها من جيل إلى جيل، باعتبارها العامل الرئيسي الذي يسهم في تشكيل الهوية الوطنية.
وتقدير دور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والآباء المؤسسين واتخاذهم قدوة، والسير على نهجهم في التمسك بمبادئ وآداب السَّنع الإماراتي، فضلاً عن الاعتزاز بدور قيادتنا الرشيدة في المحافظة على سنَعنا الإماراتي الأصيل.
التمسك بالقيم
وأضاف أن أبرز أهداف مناهج السنع، تركز على تقدير دور سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، في مسيرة التطور والبناء ونهضة المرأة الإماراتية، وإبراز دورها الريادي في التمسك بالتقاليد، فضلاً عن التمسك بقيم السَّنَع وسلوكاته، وعناصر تكوينه الثقافي والاجتماعي والبيئي، واتخاذها منهجاً أخلاقيّاً راقياً في التعاملات اليومية الحياتية، ومناقشة ومضات من فكر الآباء والأجداد.
وقال: إن المناهج تركز على التزام الطلبة بممارسة سلوكات وآداب وعادات ومبادئ سَنعنا الإماراتي قولاً وفعلاً، خلال الأنشطة الصفية واللاصفية، وتعزيز الروابط الاجتماعية؛ لتحقيق التجانس بين أفراد مجتمع البيت الإماراتي المتوحد، فضلاً عن تشجيعهم على التخلص من العادات السيئة والسلوكات المرفوضة، وإكسابهم أنماطاً سلوكية سوية، ونطق المقولات والأشعار والأمثال الشعبية الإماراتية كما تُنطق في مجتمع الإمارات، حرصاً على نطقها واستخدامها كما وردت عند الأسلاف.
أبرز النواتج
الدكتور حمد اليحيائي وكيل الوزارة المساعد لقطاع المناهج، يرى أن أبرز نواتج المشروع، تكمن في تطبيق برنامج السنع، على جميع المدارس في مختلف إمارات الدولة، بمختلف الحلقات التعليمية؛ إذ بدأت المدارس بتدريس منهج السنع لجميع الصفوف بمختلف الحلقات والشعب الصفية بتخصيص حصة نشاط صفية مدتها 40 دقيقة.
وأضاف: «تم تكليف الهيئتين الإدارية والتعليمية من المواطنين، بتدريس منهج السنع وتنفيذ الفعاليات والأنشطة الخاصة بالبرنامج في المدرسة، وفق خطة كل مدرسة؛ بحيث يشارك الطلبة أسبوعياً، لممارسة نشاطين عن السنع، حسب الإجراءات التي تراها المدرسة، وبما يتفق مع ما تم أخذه في حصة النشاط الصفي».
وأشار إلى التعاون الفاعل بين المدارس والشخصيات المجتمعية، وجهات خارجية ومجالس أولياء الأمور لتنفيذ برنامج السنع، فضلاً عن تشكيل مجالس السنع في المدارس؛ إذ يترأس المجلس مدير المدرسة، وفقاً للهيكلية المعتمدة، إضافة إلى تشكيل فرق سفراء السنع من طلبة المدرسة الإماراتية مع تحديد أدوارهم ومسؤولياتهم.
وقال: إن الوزارة ركزت على تدريب المعلمين على منهج السنع، لتزويدهم بالمنهج وآليات التدريس والمشاركة في إعداد الحقائب التدريبية الخاصة بالسنع، فضلاً عن اللقاءات المتوالية مع الطلبة والمتطوعين المشاركين في برنامج السنع، وإجراء الاختبارات والمقابلات في مراكز تابعة للوزارة، موضحاً أن اللقاءات مع كبار المواطنين، كان لها أكبر الأثر في بناء مكونات مناهج السنع.
وشهدت مخرجات برنامج السنع مسحاً ميدانياً، لرصد التحديات ومعالجتها بالتعاون مع مديري النطاقات المدرسية، فضلاً عن إيجاد آليات ممنهجة للمتابعة المستمرة والتقييم، من قبل فريق مجلس السنع.
مبادئ السنع
وفي شرحها ل«الخليج»، أفادت عائشة المهيري خبير المناهج في وزارة التربية والتعليم، بأن مناهج السنع تستهدف طلبة الصفوف من الأول إلى الثاني عشر؛ إذ تركز على تسعة مبادئ أساسية، تضم «الكرم وحسن الضيافة والإيثار، واحترام المرأة، وأدب التخاطب والرد المناسب لكل موقف، والترابط الأسري، والمعاملة الطيبة والذوق الرفيع، والتسامح واحترام الآخر، والتطوع ونجدة المحتاج «الفزعة»، والإخلاص والأمانة والصدق».
وقالت: إن المناهج، بُنيت على عشرة محاور رئيسية، تضم: مفهوم السنع والأهمية، وقيمه ومقوماته، والسنع في نهج زايد، وفي الأسرة والمدرسة الإماراتية، وسنع الضيافة وآداب المجالس، والتواصل الاجتماعي، والعلاقات الاجتماعية، والمرأة، وآداب وسنع السفر، والهوايات والأدب الشعبي.
خمس مراحل
وأكدت أن برنامج السنع مر ب 5 مراحل؛ إذ ركزت المرحلة الأولى (التحضيرية)، على تشكيل اللجنة العليا، للإشراف على البرنامج، وتشكيل اللجنة الرئيسية لبناء وثيقة السنع الإماراتي، التي ارتكزت على دستور الدولة، وتوجهات وأهداف الرؤية الوطنية للحكومة الاتحادية 2021، ووثائق سلوك المواطن الإماراتي، ومنهج الدراسات الاجتماعية 2018، والباني المؤسس، ورؤية وقيم وزارة التربية والتعليم، لإعداد منهج السنع الطبعة التجريبية.
أما المرحلة الثانية «التجريبية» تنضوي على التطبيق التجريبي في محور سنع الضيافة في إبريل/ نيسان 2019، ضمن مادتي التربية الأخلاقية والدراسات الاجتماعية على الصفوف 3، 7، 11، لمدة أربعة أسابيع، فضلاً عن إخضاع المعلمين لحقائب تدريبية متخصصة في مركزي أبوظبي وعجمان لتدريب المعلمين، فضلاً عن رصد آراء الطلبة ومقترحاتهم ومدى تأثير المشروع عليهم.
وأوضحت أن المرحلة الثالثة، ركزت على توظيف الممكنات، وترجمة واقع المعطيات إلى نواتج فعلية مؤثرة، من خلال بناء مناهج هادفة للسنع؛ إذ تم تشكيل فريق عمل متخصص، لوضع الآلية التشغيلية لتطبيق المشروع وتأليف منهج السنع للصفوف (5-8) وتطبيقه في مدارس الدولة، بدءاً من العام الدراسي 2019-2020، مع الأخذ في الاعتبار نتائج التغذية الراجعة، للتطوير وتعميم البرنامج على باقية صفوف المدرسة الإماراتية.
وتضمنت المرحلة الرابعة، تأليف مناهج السنع وكتب نشاط الطالب للصفوف 1- 4، لتطبيقه عليها، وجاءت المرحلة الخامسة لتكون خطوة تكميلية تم من خلالها إعداد منهج السنع للصفوف 9- 12 بالتعاون مع إدارة لجنة الفعاليات والمهرجانات الثقافية والتراثية، واعتماد تدريسه لطلبة تلك الصفوف.
وفيما يخص دور السنع الإماراتي خلال جائحة كورونا «كوفيد 19»، أكدت أن مناهج السنع لعبت دوراً مؤثراً في توعية الميدان التربوي بمختلف فئاته، ونشر الوعي المجتمعي خلال فترة التعقيم الوطني، وتعزيز قيم المواطنة الصالحة، التي تستند إلى التعاون والتسامح وتحمل المسؤولية واحترام الأنظمة والقوانين، وطاعة ولي الأمر.
في قراءتها، لأبرز نواتج برنامج السنع، نجد أن إجمالي عدد الطلبة وصل إلى 277 ألفاً و828 طالباً وطالبة؛ يدرسون في 565 مدرسة في إمارات الدولة، فضلاً عن 25999 إجمالي التربويين والمعلمين والإداريين المنفذين لبرنامج السنع على مستوى الدولة، وهناك 90 متدرباً فعلياً ضمن النواة التدريبية التي تم تخصيصها لمناهج السنع.
