عادي

سوداني بساق خشبية يدخل تاريخ كرة القدم

16:06 مساء
قراءة 3 دقائق
سوداني بساق خشبية

بقدم خشبية وعزيمة كالفولاذ، انتصر رمضان رحمة، لاعب كرة القدم السوداني على 36 عاماً من الإعاقة، وحفر اسمه راسخاً له في كتب التاريخ، محققاً رقماً قياسياً عالمياً لأكثر عدد ركلات جزاء خلال ساعة – تصنيفات البتر الأحادي فوق الركبة، محققاً 365 ركلة احترافية خلال ساعة.
في عام 1986 وبعمر 6 سنوات، وخلال عودته من رياض الأطفال، عبر رمضان رحمة بقدميه طريقاً مؤدياً إلى المنزل. وعلى الرغم من قصر المسافة إلا أنه فقد ساقاً خلال هذا الطريق القصير، فقد اعترضته شاحنة يقودها شخص مخمور قذفت بالطفل الصغير عرض الشارع ونقلته ومستقبله إلى مرحلة جديدة – مرحلة اختار فيها أن يكون مثالاً وعبرة للصمود والتحدي والعزيمة.
قضى الطفل رمضان عاماً ونصف العام يخضع للعلاج في كلتا قدميه، قُدر له فيها أن تنجو واحدة وتحمله بقية عمره. وعلى الرغم من تأخره عن نظرائه في التعليم، إلا أنه استدرك ما فاته وتفوق ليحصل على إجازتين هما درجة البكالوريوس في المحاسبة والتجارة ودبلوم في البنوك والمصارف.
قضى رحمة سنوات العمل في بعض البنوك ثم في شركة خاصة، وحارب الأحاسيس المزعجة التي تولدها الإعاقة في عقله. نفض عن عاتقه ملل الاستسلام، ونهض إلى الشارع يلعب كرة القدم مع من يجده في الحي. سنوات تطور فيها السوداني إلى أن تقوّست إحدى قدميه التي تحمل كامل الجسد لطفل لا تزال عظامه هشة.
ويقول: «لم أكن جيداً في البداية، لم أعرف حتى قوانين هذه اللعبة. كنت أعتقد بأن الركل عشوائي في أي مكان. اليوم، أصبحت هدافاً وواضعاً للخطط الاستراتيجية في اللعبة. أصبح عقلي وجسدي وحتى من حولي أكثر قبولاً لواقعي».
وفي معرض حديثه لجينيس للأرقام القياسية حول هذه الإرادة الصلبة، قال رحمة بأن التطور يمنح القبول بين الناس، وأن الإعاقة ما هي إلا تقلبات نفسية تضع الإنسان حيث يستسلم.
يبلغ رمضان من العمر حالياً 42 عاماً، وقد لعب كرة القدم طوال حياته ويجد فيها ذاته. أضف إلى أنه عاصر العصر الذهبي للنادي الكتالوني برشلونة وعشق نجمه البرازيلي رونالدينيو فيسمي نفسه «روماضينيو».

الصورة
سوداني بساق خشبية

ساحر قلوب العاصمة السودانية ممتن لكل ما حملته كرة القدم له، ويعبر قائلاً: «حاولت كثيراً نيل اللقب الثمين – لقب جينيس للأرقام القياسية، لا أستطيع إدراك أني فعلتها أخيراً. أنا ممتن لكل شيء حولي، ممتن للحادث ولأسوء لحظات حياتي التي جعلت مني رياضياً عالمياً».
ومع مرور السنوات، أصبح هذا الحادث بمثابة هبة لرمضان، حيث تأثرت قدمه اليسري بالإعاقة وأصبحت تتقوس إلى جهة اليمين، وهذا ما جعل اللاعب السوداني يسدد كرة القدم بطريقة خاصة، ويحرز أهدافاً قياسية تشبه تلك الخاصة بالفرنسي زين الدين زيدان. وأصبحت قصة الشاب العاشق للساحرة المستديرة، مضرباً للأمثال في تحدي الإعاقة، من خلال مشاهدته المستمرة في عدة ملاعب مختلفة بالعاصمة الخرطوم.
ويقول: «لم تثنني إعاقتي عن تحقيق أحلامي، وأصبحت ألعب كرة القدم لمدة 90 دقيقة. فعلى الرغم من حركتي المحدودة في الملعب، إلا أنني موضع ثقة في مركز الهجوم لكثير من اللاعبين».
ويؤكد رحمة أنه ظل يتدرب لسنوات طويلة مع كبار نجوم الكرة السودانية أمثال فائز نصر الدين وموسى عجب والزين آدم. وأنه لو كان يسير بقدمين لارتدى على الفور قميص نادي المريخ الذي يعشقه بشكل لا محدود.
ويقول: عندما أدخل أرض الملعب أكون مثل جميع اللاعبين، أحياناً أشعر بأنني أفضل من غيري رغم أنني أتدرب مع نجوم كبار لعبوا لأندية المريخ والهلال والموردة وكوبر، وعندما أحرز الأهداف أنسى أنني أسير على قدم واحدة، وأشعر بأنني أمتلك قدمين وأطير في الفضاء من كثرة الفرحة.
وعلى الرغم من دراسته للتجارة بجامعة السودان لكنه يفضل العمل الصحفي، ولا يزال حلمه كبيراً أن يكون صحفياً رياضياً يشاهد المباريات ويكتب عن تجربته الخاصة.
واحتفت الجالية السودانية في الإمارات برمضان الذي انتقل إلى دبي لاستلام شهادة جينيس للأرقام القياسية بإنجازه العالمي. ويطمح الرياضي العالمي لمتابعة شغفه في هذا المجال من خلال نشاطات رياضية عدة.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"