الأب وابنه.. يتنافسان ويتكاملان

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

من أجمل ما يمكنك مشاهدته وسط هذا الماراثون الدرامي، عمل يدخل مباشرة إلى القلب، ناعم سلس هادئ، مميز بتقديمه رومانسية مختلفة، ليست قصة الحب هي البطلة الأولى فيه إنما في حكايته الاجتماعية رومانسية جميلة. 

«راجعين يا هوى» يرجعنا إلى زمن الدراما الاجتماعية التي كنا نرتبط بها، ونتمنى لو أنها لا تنتهي؛ ولا تستغرب هذه الحالة من الكتابة المشغولة بنضج وعمق وسلاسة، حين تعلم أنها تحمل توقيع الكاتب الراحل وعميد الدراما العربية، أسامة أنور عكاشة، وقد نجح في المعالجة الدرامية محمد سليمان عبدالمالك، ومع إخراج محمد سلامة اكتمل العمل، وصار لنا موعد ننتظره لمعرفة قصة بليغ أبو الهنا وأسرته المنقسمة. 

فكرة انقسام عائلة أبو الهنا وخلافات ورثة الأخوين (عائلتا شقيقَي بليغ) فيما بينهم من جهة، وصراعهم مع الأخ الثالث بليغ من جهة ثانية، معتادة في الدراما، لكن فكرة شقّ الفيلا الواحدة نصفين ووضع سور عال يشقّ المدخل والباحة المؤدية إلى الفيلا ويمنع التقاء أبناء العمومة ولو للحظة، هي فكرة مبتكرة زادت من الحس الكوميدي والمواقف الظريفة في العمل؛ والأجمل أن يأخذنا المخرج والمسلسل إلى «الجمالية» وأجواء زمان، وديكور منزل عم بليغ أستاذ الفلسفة وعاشق التاريخ والذي يجسده بأدائه الجميل أحمد بدير.

وفاء عامر تؤدي بامتياز دور المرأة المتسلطة بجهل، تقابلها أنوشكا السيدة الأرستقراطية الأنيقة.. نور (اللبنانية) ناجحة في دور الطبيبة النفسية التي تحتاج بدورها إلى من يحلّ عُقدها.. هنا شيحة مميزة بجنونها، أما سلمى أبو ضيف فتبدو كأن المسلسل أعاد اكتشافها ليقدمها بشكل مختلف وبقدرات أقوى مما شاهدناه فيه حتى الآن.

بطل المسلسل خالد النبوي كامل النضج مثال في الأداء السهل الممتنع، مميز بتلقائيته فيشعرك دائماً بأنه يُخرج الكلام من عقله وقلبه، ولا يمثل، أو يردد ما كتبه الآخرون له؛ وفي لقائه مع ابنه نور في هذا المسلسل شكّلا «دويتو» رائعاً لأول مرة أراه بهذا الانسجام والسلاسة والعفوية في عمل درامي بين أب وابنه. 

نور يشبه والده في كل شيء، وربما يكون أكثر ليونة وأريحية في التمثيل مما كان عليه والده في بدايته، موهبته وإن كسبها بالوراثة، إلا أن هذه الوراثة لم تكن هي بابه لدخول عالم الفن، بل الطاقة التي يملكها والموهبة الحقيقية. «دويتو» الأب وابنه في الواقع، العم وابن أخيه في المسلسل، رائع، حواراتهما، نفس الإيقاع السريع في الحركة البدنية والتنقل، كأنهما يتنافسان ويتكاملان فيدخلان قلوب المشاهدين في الوقت نفسه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"