عادي

مكبر صوت

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

كتبت: آية الديب

كان أحمد يعتبر صديقه خالد مرآته؛ فصداقتهما دامت سنوات كانا يقولان فيها الحقيقة لبعضهما دون نفاق، ويتبادلان سوياً الأفكار والمشاعر بكل حرية وصراحة وصدق، فهو يعلم مدى إخلاص خالد له ويعلم بأنه لن يخذله في يوم من الأيام، ويطلب منه النصائح والتوجيه في حالات مختلفة.

وخلال السنة الأخيرة تعرف خالد على أصدقاء آخرين وبات بعدها يسهر طويلاً خارج المنزل، ويتغيب عن عمله، ولا يزور أهله ولا يلتقي بهم كما كان الأمر في السابق، وبات الأمر مزعجاً لزوجته وأبنائه، وفي بداية الأمر توجّه أحمد بالنصح إلى صديقه خالد مراراً وتكراراً عسى أن يعود إلى صوابه ولكن دون جدوى أو إصلاح، غير أن أحمد لم ييأس وواصل نصح صديقه دون كلل إيماناً بأن الصديق الحقيقي كالمظلة كلما اشتد المطر زادت الحاجة لها، وأن صديقه بات في حاجة ماسة إليه حتى يفيق من الغفوة التي تهدد مستقبله الأسري والمهني، ولكن مع مرور الوقت واستمرار المحاولات دون فائدة بات لدى الطرفين تراكمات من الأفعال التي تجلب الضيق والألم والحزن، فحدث تباعد، وصار الأمر وكأنّ هناك اتفاقاً ضمنياً على الابتعاد، فقلّت الاتصالات وخفّت الزيارات بين الطرفين.

حاول زميل سابق التدخل بين الصديقين بهدف سد الفجوة والإصلاح بينهما، ورحّب أحمد بالأمر، وأجرى اتصالاً هاتفياً بخالد بينما كان الزميل السابق يجلس بجواره، وخلال الاتصال احتد النقاش بين خالد وأحمد على الهاتف إلى أن سبّ خالد صديقه بعبارة سباب تعنى أنه شخص يلاحق للنساء.

لم يتحمل أحمد سبّه بهذه العبارة ولاسيما أن المكالمة كانت في وضع «الميكروفون» يسمعها زميلهما، وبعدها رفع أحمد دعوى قضائية جزائية اتهم فيها صديقه بالسبّ وقضت المحكمة الجزائية فيها بإدانة خالد ومعاقبته بغرامة ألفي درهم مع إلزامه بالرسوم القضائية.

بعدها رفع أحمد قضية أمام محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية أكد فيها أن صديقه سبّه عن طريق الاتصال الهاتفي والذي كان على وضعية «الميكرفون» وأن شخصاً ثالثاً كان برفقته سمع واقعة السب عبر مكبر الصوت، وأن فعل خالد سبب له أضراراً مادية تمثلت في تنقله بين أقسام الشرطة وتوقفه عن أداء عمله كما سبب له أضراراً معنوية ونفسيه ومادية، وطالب في دعواه بإلزام خالد بأن يؤدي له 20 ألف درهم تعويضاً جابراً للأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، وإلزام خالد كذلك برسوم ومصروفات الدعوى، وأرفق أحمد بدعواه حكم المحكمة في القضية الجزائية قرار مركز التوفيق والمصالحة بعدم الممانعة من نظر النزاع أمام المحكمة، وشهادة بعدم استئناف الحكم الجزائي.

وخلال تداول الدعوى حضر خالد وأكد أنه لم يسبّ أحمد، أما المحكمة فأكدت أن الحكم الجزائي فصل في الدعوى وأثبت الخطأ من جانب خالد وأن لفظ السباب ألحق بأحمد أضراراً نفسية ومعنوية، حيث تسبب في إيذاء مشاعره وشعوره بالإهانة والذل، الأمر الذي يكون معه أحمد مستحقاً للتعويض عن الضرر النفسي والمعنوي.

وعليه قضت المحكمة بإلزام خالد بأن يؤدي إلى أحمد مبلغ ثلاثة آلاف درهم تعويضاً جابراً للضرر المعنوي الذي لحق به، وألزمت خالد برسوم ومصروفات الدعوى في حدود المبلغ المحكوم به.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"