العلاقة بين البيتكوين والتضخم

21:56 مساء
قراءة 4 دقائق

أليسون دريتزين*

في العادة ينجذب الناس إلى كل ما يحميهم من التضخم الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، لهذا يُعتقد أن بعض المستثمرين قد اتجهوا إلى عملة «البيتكوين» من أجل حماية ممتلكاتهم من آثار التضخم المفرط. و لكن ما الذي يعنيه ذلك بالتحديد؟

على الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة إلا أنه من المفترض أن تكون أصول «البيتكوين» مقاومة للتضخم ومع ذلك سرعان ما تصبح الأمور غير واضحة عندما يكتشف الشخص أن كل عملة مشفرة فريدة من نوعها وبعضها تضخمي؛ والفكرة القائلة بأن النقود الورقية ستفقد قيمتها في النهاية نتيجة لطباعتها من قبل البنوك المركزية تعتبر هي الأساس المنطقي وراء التسويق المتكرر لعملة «البيتكوين» كتحوط من التضخم.

وقد أدى الانخفاض المفاجئ في سعر «البيتكوين» إلى مضاربة المستثمرين في العملات المشفرة على عدد من العوامل منها التضخم الذي يتسبب في خسائر في محفظة «البيتكوين» الخاصة بهم ومع ذلك هناك كمية ثابتة تبلغ 21 مليون عملة «بيتكوين»؛ ونظراً لأن هذه العملة لها حد أعلى محدود فإنها تتمتع بميزة على التضخم، ولكن هل ليس لها تأثير في التضخم؟

تشمل الخصائص العامة للتضخم ارتفاع تكلفة المواد الاستهلاكية والانخفاض التدريجي في قيمة العملات. غالباً ما تتمتع العملات المشفرة مثل «البيتكوين» بمعدلات تضخم منخفضة بسبب العرض المحدود.؛ والتعريف النموذجي للتضخم هو اتجاه تصاعدي مستمر في تكلفة السلع والخدمات داخل اقتصاد معين يتزامن مع فقدان عملة هذا الاقتصاد قوتها الشرائية، ما يعني أنه مع زيادة التضخم يتطلب شراء كمية معينة من السلع والخدمات عدداً أكبر من وحدات العملة، وتتأثر كل سلعة أو خدمة بالتضخم بما في ذلك المرافق والسيارات والغذاء والرعاية الصحية والإسكان؛ ونظراً لأن التضخم يقلل بشكل أساسي من قيمة العملة فإنه يؤثر في كلٍ من الشركات والعملاء الأفراد.

بعبارة أخرى يقلل التضخم من المقدرة الشرائية للمستهلك ويقلل من قيمة المدخرات وغير ذلك من التبعات، وتقوم البنوك المركزية العالمية بمراقبته حتى تتمكن من الاستجابة للأمر بشكل مناسب؛ وعلى سبيل المثال حدد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدل تضخم مستهدفاً بنسبة 2%، ولكن هل يجب في السعي لمكافحة التضخم أن تتجاوز معدلات التضخم المستوى المطلوب، وهل يجب على النظام تعديل سياسته النقدية؟

على الرغم من أن اقتصاديات سوق «البيتكوين» معقدة إلا أن بعض العملات المشفرة مصممة إما بحيث تقاوم التضخم أو بحيث تكون لها معدلات تضخم منخفضة يمكن التنبؤ بها. إضافة إلى ذلك على الرغم من الترويج لعملة «البيتكوين» بشكل متكرر على أنها وسيلة تحوط ضد التضخم فإن التغييرات الأخيرة في الاقتصاد شهدت أن أداء «البيتكوين» تراجع تحوطي خالص.

وتتطابق هذه العملة المشفرة بشكل متزايد مع اتجاهات السوق والفضل يعود بشكل كبير إلى المستثمرين المؤسسيين، ولكن هذا يعني أنها من المحتمل أن تنخفض مع انخفاض السوق. نتيجة لهذا من المحتمل أن ينفذ الاحتياطي الفيدرالي أمراً رسمياً مزدوجاً عندما تظهر أخبار تضخمية، وستكون هناك قوة في سياسة رفع أسعار الفائدة وتشدد النظام المالي، ونتيجة لذلك ستنخفض قيمة الأصول بما في ذلك العملات المشفرة ومنها «البيتكوين».

الحصانة ضد التضخم

السؤال هو: هل تعتبر عملة «البيتكوين» وسيلة جيدة للتحوط من التضخم؟  على الرغم من أن الذهب يعتبر تقليدياً أفضل وسيلة للتحوط من التضخم إلا أن العملات المشفرة مثل «البيتكوين» يمكن أن توفر خيارات ممتازة، ويمكن اعتباره بمثابة «أصل مقاوم للتضخم» ما يشير إلى عدم قابلية الاختراق الكاملة ضد أي تغييرات خارجية. 

بشكل عام يُنظر إلى عملة «البيتكوين» على أنها وسيلة ممتازة للتحوط من التضخم لأنها أكبر وأشهر العملات المشفرة، وأنها تحوط أكثر كفاءة من الذهب؛ وتتمتع هذه العملة بإمكانيات نمو فائقة على المدى الطويل وبالتالي فهي تحمي من التضخم، على الرغم من كونها أكثر تقلباً من الذهب. ولكن كيف ذلك؟

الإجابة هي أن عملة «البيتكوين» وسيلة تحوط قوية من التضخم بسبب العرض الثابت حيث لا توجد مخاطر التضخم عندما يكون عرض الأصل ثابتاً ومقيداً، ما يمنع إدخال عملات معدنية جديدة في التداول.

أُنتجت عملة «البيتكوين» خلال فترة الركود الكبير في 2007-2008، المعروفة باسم الأزمة المالية، وتم ذلك لمنح الناس أموالاً مستقلة عن الأطراف الثالثة وعن السلطة المركزية كرد فعل على فشل البنوك على نطاق واسع؛ وكانت النتيجة عملة مشفرة غير مرتبطة بأي منظمة أو دولة ذات سيادة.

ولأن العواقب الاقتصادية السلبية للركود يمكن أن تطال الدول ذات العلاقات الاقتصادية القوية يمكن أن تعمل «البيتكوين» كأصل مقاوم للركود بسبب تنوعها المتأصل؛ فهي على عكس الدولار الأمريكي لا تقتصر على خسارة أي دولة أو مكاسبها، كما يتأثر الدولار بمزايا وعيوب الاقتصاد الأمريكي كالناتج المحلي الإجمالي وأسعار التصدير والسياسة النقدية والطلب على العملة.

إضافة إلى ذلك تعتبر عملة «البيتكوين» ذات قيمة مستقلة عن حالة الاقتصاد. وهذا يرجع إلى ندرتها، كما أنها قابلة للنقل في أي مكان؛ ونظراً لأن استخدامها الرئيسي هو كمخزن للقيمة فمن المتوقع أن تعمل بشكل أفضل خلال فترة الركود مقارنة بالعملات المشفرة الأخرى ك«الإيثيريوم» على سبيل المثال.

*كاتب في «ريد رايت دوت كوم»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"