المستقبل للذكاء الاصطناعي

22:25 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة

هنالك تاريخياً اكتشافات تكنولوجية عديدة، منها ما أثر سريعاً وأخرى كانت تأثيراتها محصورة أو ضعيفة. في سنة 1957، توقع الاقتصادي «هربرت سايمن» أن يستطيع الحاسوب الفوز على الإنسان في «الشطرنج» خلال 10 سنوات. حصل ذلك، لكن بعد 40 سنة. يستطيع الحاسوب اليوم طبع الرسائل بسرعة أكبر مما يستطيعه الإنسان كما يستطيع التعرف على الأصوات والصور ويضع الحلول لمشاكل عدة متنوعة. المستقبل هو للذكاء الاصطناعي ولغاته أهمها اليوم ChatGPT التي تسمح بتبادل البحوث والأفكار. يمكنها الإجابة على أسئلة دقيقة ومساعدة الإنسان في العديد من المهمات ككتابة البريد والرسائل وغيرها. سيكون لها دور كبير في معالجة مشاكل التنمية بالتعاون مع الإنسان. استعمال هذه اللغة بذكاء سيؤدي إلى رفع مستوى الإنتاجية كما إلى تنويع الإنتاج وإنجاح الصادرات ومعالجة تعقيداتها. ستسبب اللغة ثورة كبيرة في الاقتصاد نجهل حتى اليوم توقيتها ومواقعها الجغرافية والقطاعية. يقول الاقتصاديون إن أهم شرط للتوقعات «الناجحة» هو إبقاء التوقيت أو الموقع غامضين.

أهم الاكتشافات التكنولوجية هي التي تستعمل في ميادين عدة وليست محصورة في قطاعات أو حاجات محددة، منها المولدات والآليات والكهرباء والمحركات. سيكون لماكينات الذكاء الاصطناعي دور كبير في الحياة والاقتصاد تحديداً، إذ يمكنها أن تتعلم وتتطور وتؤدي مهمات بسرعة ونوعية وربما تكون منتجة أكثر من الإنسان الذي صنعها. على كل شركة أن تستفيد إلى أقصى الحدود من الذكاء الاصطناعي، لذا من الضروري أن تكون إدارة الشركات خاصة المتوسطة والكبيرة منفتحة وبمستوى المهمات والتحديات. ستتحقق تغييرات كبيرة في عمل الشركات نتيجة التقدم التكنولوجي، كما ستكون هنالك قيادات جديدة مختلفة في قطاع الأعمال.

يُبنى النمو الاقتصادي على النمو الإنساني أي على تراكم رأس المال الإنساني عبر التعليم والصحة والغذاء. إذا لم تتوافر القدرات المالية الكافية لتحقيق التنمية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوض عنها ويسبب التنمية الضرورية للمستقبل. كُلفته أقل ويمكن تعلم ميزاته بسرعة كما إدخاله في كافة أقسام وفروع الشركات والمؤسسات. في منطقتنا العربية، ما زلنا نفضل أولاً استعمال ذكائنا الطبيعي لتطوير اقتصاداتنا وتعميم التنمية. لكن لا أحد يستطيع الوقوف في وجه إدخال الذكاء الاصطناعي إلى مختلف زوايا المجتمعات. إنجاح هذا الذكاء يتطلب قدرة في الاستيعاب ورغبة في الاستفادة منه لتطوير التنمية. هنالك ضرورة لأن يحدد كل مجتمع ضوابط لاستعمال الذكاء الاصطناعي للكبار والصغار ضمن الواقع الثقافي واحترام التاريخ والعادات. في كل دولة، المطلوب تطوير القوانين والمؤسسات لتسهيل اعتماد الذكاء الاصطناعي في القطاعين العام والخاص.

إدخال الذكاء الاصطناعي إلى مجتمعاتنا يفرض موضوعين مهمين. أولاً، تحديث برامج التعليم خاصة التقني والجامعي بحيث يتحضر الطلاب بشكل أكبر على الدخول إلى أسواق العمل الجديدة. ثانياً، يجب أن نعي أن الذكاء الاصطناعي وإن كان مفيداً لا يمكن أن يحل مكان الإنسان في الإنتاج، لذا علينا أن نحدّث القوانين التي تحمي حقوق العامل دون أن تؤذي الإنتاجية.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kcr9s2b

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"