عادي
أثناء الوقوف والجلوس وحمل الحقيبة

عادات دراسية شائعة تهدّد سلامة الطلبة الجسدية

00:04 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمود محسن

تتوارد لأذهان البعض عند الحديث عن الاستعدادات الواجب أخذها في الحسبان مع دخول عام دراسي جديد، الأمور المادية في المقام الأول، واللحاق بركب التخفيضات، بالتهافت على شراء المستلزمات الدراسية، من أقلام ودفاتر وعلب حفظ الوجبات، وغيرها، من دون إدراك حقيقي للمعنى الكلي للاستعدادات الفعلية؛ فثمة أمور ضرورية لا بدّ من التطرق إليها في الاستعدادات، بعيدة كل البعد عن الجانب المادي، إذ يأتي الإعداد النفسي للأبناء للعام الدراسي الجديد، ضمن العناصر الأساسية في عملية الاستعداد، والنوم والاستيقاظ المبكر نوعاً من الاعتياد على إيقاع الحياة الدراسية القادمة، والاهتمام بالحالة الصحية والبدنية للأبناء ضرورة لا ينبغي إغفالها، فاتباع عادات دراسية معينة واختيار بعض المستلزمات يعدان من أهم العوامل المؤثرة، ويكمن ذلك في مدى ملاءمتها للأبناء، وإمكانية تأثيرها في بنيتهم الجسدية، إذ يتوجب على الآباء والأمهات، مراعاة اتباع أبنائهم للعادات السليمة في الجلوس للدراسة، واختيار أدوات من شأنها تحافظ على سلامتهم من مخاطر الأحمال الثقيلة على الكتفين والظهر، وما ينجم عن إهمال الاختيارات المناسبة في الفتك بالسلامة الجسدية للطلبة على المدى البعيد.

الصورة
1

وإيماناً بأهمية الإضاءة على بعض الاستعدادات المفقودة، يستعرض التحقيق الآتي مدى خطورة اتباع بعض العادات الدراسية الخطأ، وكيفية الوقاية منها.

بسؤال أولياء أمور الطلبة عن معايير اختيار الحقيبة المدرسية للأبناء، يقول أحمد هاني «يأتي الاعتماد في المقام الأول لاختيار الحقيبة، على مدى ملاءمتها للأبناء وقدرتهم على سحبها وتحريكها، إذ لا بدّ أن تتوافر في الحقيبة المدرسية عجلات صغيرة، وعصا للتحكم ليتسنّى لهم سحبها بسلاسة ويُسر من دون أي معوقات، لتفادي حملها لمسافات طويلة من المدرسة وإليها، أو في حال الصعود والنزول من الحافلة. كما يقع الاختيار بشكل كبير على الخامات ذات الجودة العالية، والقادرة على التحمل.

وأضاف «هناك حقيقة أخرى وأمور لا يمكن إنكارها، أن بعض الشخصيات الكرتونية المحببة لدى الأبناء تؤدي دوراً مهماً في اختيار الحقائب المدرسية، فارتباطهم ببعض الشخصيات ينعكس على اختياراتهم التي لا يمكن حجبها أو الالتفاف إليها، لكونهم في طور تكوين الشخصية وتحديد اختياراتهم واحتياجاتهم الشخصية».

أنواع عالمية

أما راشد الأمين حسن، فيقول «لا أجازف في شراء الحقيبة المدرسية، باختيار الحقائب التي يمكن حملها على الظهر، فمع ثقل وزنها وإمكانية حملها لمدة طويلة، هناك خطورة على السلامة الجسدية للأبناء، لذا تتحدد اختياراتي في الأنسب منها والمتمثل في حقائب ذات عجلات، تتيح جرّ الحقيبة عوضاً عن حملها. ورغم تفاوت درجات الجودة وتعدد الاختيارات، فإن الخيار الأمثل يظل في اختيار ذات العجلات».

ويدخل في اختيار الحقائب المدرسية أيضاً «النوع العالمي»، إذ يشهد لبعض العلامات التجارية بالمتانة والقوة، وهو ما أستند إليه في اختيار الجودة العالية للحقيبة، ما يعني الحصول على الفائدة منها. كما يفضل الأبناء في اختيار الحقائب، العلامات التجارية اقتداءً ببعض مشاهير عالم الرياضة والفن.

الأنسب والملائم

فيما يقول محمد طارق «أرى في واقع الأمر أن اختيار المستلزمات المناسبة ينعكس مباشرة على سلامة البنية الجسدية للأبناء، خاصة في الاستعداد للعام الدراسي الجديد، وأنا على وعي بضرورة اختيار المقعد والمكان المناسب لأبنائي، خاصة أنه من الاحتياجات ذات الاعتماد الأساسي خلال المرحلة الدراسية، وعليه أتأنى في اختياراتي للملائم والصحي.

كما أن الاستعداد لا يتوقف على الاختيار للمستلزمات فحسب، فتوعية الأبناء بالعادات السلمية في الجلوس، خاصة لأوقات طويلة تأتي ضمن أولوياتي، فأحرص على توجيههم والبحث مطولاً عبر القنوات المختلفة عن العادات الدراسية السليمة التي لابد للطلبة اتباعها أثناء الدراسة، إما في الجلوس، وإما حمل الأمتعة، أو حتى في الوقوف وممارسة الأنشطة الرياضية في ساحات المدرسة.

تشوّه العمود الفقري

وعن مخاطر بعض العادات غير السليمة والمتبعة أثناء العام الدراسي يقول د. خالد ديب، استشاري جراحة العمود الفقري في مستشفى الجراحة العصبية والعمود الفقري «تعدّ تشوّهات العمود الفقري إحدى المشكلات الكبيرة التي تواجه الطبيب أو المريض، على السواء، أهمها هو الجنف، وهو ما يعرف بالميلان الجانبي للعمود الفقري، ويمكن أن يكون لأسباب وراثية أو بعد كسر قديم بالعمود الفقري، أو قد يكون غير محدد السبب، وتبدأ تشوهات العمود الفقري بالظهور من 8 إلى 10 سنوات، ويحدث غالباً في الإناث، وإن لا ينتفي حدوثه في الذكور، ويزداد في التطور حتى يكون ظهوره ملموساً في سن البلوغ، وغالباً ما يتوقف مع تمام البلوغ».

ويضيف: تبدأ الشكوى في أغلب الأحيان من الأبوين أو طبيب المدرسة، بوجود انحناء قليل في الظهر، مع عدم وجود أي ألم، وفي أغلب الأحيان يكون الجنف أو الميلان في المنطقة الصدرية من العمود الفقري متجهاً إلى الجهة اليمنى، ويشخّص بالكشف السريري والأشعة السينية، وتقاس درجة التقوس والميلان بالعمود الفقري ومن ثم تحديد خطة العلاج المناسبة.

جراحة وعلاج

تعالج معظم تلك الحالات جراحياً، وتقوم فكرة الجراحة على مبدأ تصليح التشوّه والميلان وصهر الفقرات على الوضع الجديد الصحيح، والتثبيت بمسامير وأعمدة معدنية مصنّعة من مادة التيتانيوم، وتكون الجراحة والتثبيت من الناحية الخلفية في معظم الأحيان، وإن كانت في بعض الحالات تحتاج إلى الجراحة من الناحية الأمامية أو كلتا الناحيتين في بعض الحالات المعقدة.

وإذا تحدثنا عن كيفية تجنّب حدوث هذه الظاهرة، فلا توجد طريقة أكيدة لمنع ذلك، لكنه من الأفضل التخطيط لكيفية التشخيص المسحي المبكر، وهي الطريقة الوحيدة والمثلى عن طريق عمل مسح طبي لأطفال المدارس في السنوات الأولى من الدراسة، وكذلك التوعية الكافية بطبيعة هذه الظاهرة، يأتي بعد ذلك التدرج الصحيح في العلاج، بداية من إيجاد الأخصائيين للعلاج والمتابعة ووجود أخصائيي الطب الطبيعي والتمريض اللازمين في علاج مثل هذه الحالات.

آثار جانبية

أكدت آراء طبية أن المواظبة على بعض العادات الدراسية غير السليمة في الوقوف والجلوس وحمل الأمتعة، قد تنتج عنها مضاعفات وآثار جانبية عدّة، يتحدث عنها د. يحيى رسلان، اختصاصي تقويم العمود الفقري قائلاً «حمل الحقيبة الدراسية لناحية منفردة عادة خطأ، وتتسبب بآثار جانبية، إذ إن حملها على كتف واحدة قد يؤدي إلى تمزق في الأربطة والعضلات، إلى جانب ميلان للعمود الفقري. كما أن الجلوس المطوّل بشكل غير صحيح يؤذي بشكل أساسي الرقبة، ويؤثر في الغضاريف والأربطة والعضلات، خصوصاً إذا كان النظر إلى شاشة الحاسوب في غير مستوى نظر الطفل ويضطر لساعات أن يميل رقبته إلى الأسفل».

أساليب وقائية

الوقاية خير من العلاج، ومن هذا المنطلق يقول د. يحيى رسلان «يجب الجلوس بزاوية قائمة على أن يكون الهاتف أو شاشة الحاسوب بارتفاع مستوى النظر، مع عدم إطالة الجلوس والوقوف للتحرك كل نصف ساعة، وحمل الحقيبة على كتفين وليس كتف واحدة، وتكون ملاصقة للظهر، وألا يزيد وزنها على 15%؜ من وزن الطفل، وتفادي حمل الأوزان الثقيلة في الصالات الرياضية، والتعود على ممارسة السباحة لتقوية عضلات الظهر.

أما د. ميشيل انطوني، استشاري جراحة العمود الفقري، في مستشفى الجراحة العصبية والعمود الفقري فيقول «تتمثل المخاطر الصحية لحمل الحقيبة المدرسة بشكل خطأ على الأطفال، في حدوث آلام في الرقبة والكتف والظهر، وقد تسبب على المدى الطويل الجنف، ولا توجد دراسات للإثبات. كما أن هناك حالات قليلة مدروسة عن الجنف والفرط، كما أن المواصفات المثالية للحقيبة المدرسية أن تراوح بين 21 إلى 30 لتراً، على أن يكون وزنها مناسباً للطفل، ويفضل حملها على الكتفين، وفي حال ثقل حجم الكتب على الطفل يمكنه استعمال حقيبة الجر، وينصح دائماً الآباء والأمهات بضرورة توعية الأبناء بخطورة أخطاء حمل الحقيبة على صحة الطفل واختيارها بحذر، ويجب النصح بتمارين للظهر أيضاً.

فيما قال د. خالد ديب: «العادات الصحية السليمة أثناء حمل الأشياء الثقيلة مثل حقيبة المدرسة، تكون في تجنّب الحمل لناحية منفردة، أو إذا كان الحمل ثقيلاً، فيجب استخدام حقيبة جر، حيث يتجنب تماماً أية أحمال خطأ على العمود الفقري، أما عن الجلوس بطريقة صحيحة وصحية، فيكون في اتباع التعليمات بأن يكون الظهر مستقيماً ومتعامداً مع الكتفين وعلى الحوض، وأن تكون الركبتان في انثناء بدرجة زاوية قائمة، والقدمان ملامستين للأرض، وأن تكون هناك مسافة كافية بين العينين وسطح المكتب، وتجنب الانكباب على سطح المكتب».

مظاهر خاطئة

بالحديث عن بعض العادات الخطأ التي يتبعها الطلبة خلال العام الدراسي يقول د. خالد ديب «حمل الحقيبة المدرسية على الظهر من أبرز العادات الخطأ والمنتشرة بين الطلبة، إذ إن العمود الفقري له استقامة رأسية ويجب المحافظة عليها، والأولى أن تكون المحافظة على تلك الاستقامة منذ السن الصغيرة، وتجنّب حمل أية أحمال لناحية منفردة، حتى لا تتأثر استقامة العمود الفقري، وتؤثر سلباً مستقبلاً.

كما يجب المحافظة على استقامة العمود الفقري أثناء الوقوف وحمل الأشياء كحقيبة المدرسة، وكذلك أثناء الجلوس باتباع بطريقة مستقيمة وصحيحة، لاسيما وأن الجلوس أثناء الدراسة يكون لأوقات طويلة، ومتكرراً، لذلك فإن الاهتمام بوضعية الجلوس بطريقه صحية وسليمة من الأساسيات التي يجب المحافظة عليها والانتباه إليها، ويؤدي المعلّمون دوراً مهماً في التوعية، وتوعية الوالدين خلال الوجود في المنزل، بعدم ترك الطفل في وضعيات جلوس غير صحية وغير مناسبة للعمود الفقري.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2wvn5bvv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"