عادي

دوزنة «الكبريت»

23:26 مساء
قراءة دقيقتين
حسين المحضار

إيمان الهاشمي
تدور الأيام حولنا كالسباق، في حلبة التناقض والانطباق، كاختلاف الانتصار عن الإخفاق، وتوافق النجاح مع النفاق، وتفوّق الخصام على الاتفاق، وتكاثف الأعداء باسم الرّفاق، واختلاط الرحمة بالإشفاق، وتدهور المشاعر والأشواق، لتُباع القلوب في الأسواق، بسعر العبث والإرهاق، والحب حد الإزهاق، والتقارب عند الانشقاق، والتعايش مع الشقاق، تماماً كالفراق بعد العناق، أو الخزي برفع الأعناق، أو التنفس بالاختناق، كاستنشاق الوضع الشاق، والاستهانة بكل المشاق، ثم فجأة، تبزغ خمسة دواوين عن العشاق، بيد حسين المحضار، شاعر الحب والأخلاق، والموسيقي الفذ والملحن العملاق، وربما الأكثر شهرة على الإطلاق، في بلاد اليمن أرض الخير والانطلاق.

طوال حياته لم يشعر بالمهانة أو بالعار، كونه لا يقرأ الموسيقى إلا بالاستشعار، فهو لم يدرس «النوتة» وفقاً للدروس والأسعار، ومع ذلك خرجت موسيقاه من بين الأشعار، حيث لم يعزف على أي آلة قط، مع أقرانه الصغار، ولكن ذلك لم يشعره أبداً بالنقص، أو الاستصغار، فالحقيقة أنه لم يعرف يوماً ضبط الأوتار، ليس بسبب التهاون أو التقاعس أو الاستهتار، وإنما لأنه أراد أن يثبت ماهية إبداعه المُختار، من خلال الإجابة عن السؤال العميق و«المحتار»، ألا وهو «كيف أثبتَ ابن المحضار، أن الكبريت يطفئ النار؟».

ومن هنا تأتي قصة نجاحه باختصار، والتي يرويها الجميع بمختلف الأعمار، فبالرغم من أنف قواعد الإيقاع بالضبط والتوقيت، ورغم مبادئ الألحان وأسس «التنويت» والتثبيت، اكتفى المحضار بتلحين قصائده المغناة في كل بيت، بعيداً عن شيطان الشعر، أو وحي العفريت، لأنه هكذا وبكل بساطة دقّ ألحانه على «علبة الكبريت»، فقد اعتبرها آلة موسيقية متكاملة لا تحتاج الدوزنة أو التزييت، وبات كما لو أنه يمارس فناً خاصاً باسم الطبطبة،أو التربيت على ظهر آلته «علبة الكبريت»، وذلك بإصرارٍ غريب وثباتٍ مستميت؛ لكيلا يسمح بتشويش النقد المقيت، ولئلا يتيح المجال للالتباس أو التشتيت، وبالتالي لم يتقبل أساليب التضييع أو التفويت، ليحتل المركز الأول في الإبداع وانتشار الصيت، من دون الحاجة إلى مسابقات المواهب أو التصويت.

لقد طوّر المحضار معنى الأغنية الحضرمية، مع أنه لم يعتمد على قوانين البنية العلمية، ولكنه برز من خلال أعماله الفنية وأشعاره الغنائية، وبعض أعماله الثُنائية والاستثنائية، مع الفنان اليمني الكبير أبوبكر سالم ليصبح إعراب أعمالهما معاً «جمع مبدع سالم».

الاسم: حسين المحضار

التاريخ:

1930 – 2000 (70 سنة)

الجنسية: يمني

النشاط: موسيقي

من أعماله: أغنية: سير في نيس (كلمات وألحان)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2zz2dzbt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"