الشعبويون في أوروبا

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تستمر الرياح العكسية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا في تعبئة أشرعة التيارات الشعبوية في أوروبا، ومنحها المزيد من الزخم على حساب تيارات اليمين التقليدي المعتدل والتيارات الاشتراكية التي تسيطر على مقاليد السلطة في دول القارة.

والقضية المركزية التي تثير الجدل، وتعزز مواقف الشعبويين، هي قضية الطاقة. ونقص الطاقة وارتفاع أسعارها هي المناورة الكبرى التي تدور حولها الحرب السياسية الموازية لحرب المدافع. وألمانيا التي تتصدر التحالف الداعم لأوكرانيا تعد من أشد الدول التي تعاني الإرباك الداخلي من جرّاء أزمة الطاقة.

فقد كشفت نتائج الانتخابات الأخيرة في ولاية ساكسونيا السفلى، تراجع التأييد للحزب الاشتراكي الديمقراطي برئاسة المستشار أولاف شولتس، على الرغم من فوز الحزب برئاسة الحكومة في الولاية التي تعد ثاني أكبر ولاية في ألمانيا.

ونال الحزب نحو 33 في المئة من أصوات الناخبين في تراجع واضح مقارنة مع نسبة 37 في المئة حققها الحزب في انتخابات 2017. ويقول مراقبون: إن الفوز الذي حققه الحزب في انتخابات الأحد يعود بالدرجة الأولى إلى شعبية رئيس حكومة الولاية شتيفان فايل، الذي كافح للمحافظة على منصبه وسط موجة من السخط الشعبي على سياسات الحكومة المركزية.

كما عكست النتائج أيضاً تراجع شعبية الحزب الديمقراطي المسيحي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم. وحقق الحزب الذي كانت تتزعمه أنجيلا ميركل 28 في المئة من الأصوات متراجعاً عن نسبة ال33.6 التي حصدها الحزب في انتخابات 2017. وكانت أزمة الطاقة والتضخم وارتفاع الأسعار والخوف من مستقبل غامض تجلبه الحرب، هي العوامل التي تدفع باتجاه تراجع نتائج الحزبين وشعبيتهما في أوساط الناخب الألماني.

وفي المقابل، فقد اعتبر المراقبون أن اليمين الشعبوي، الساعي لاستغلال الإحباط والقلق من مشكلات نقص الإمدادات النفطية وارتفاع أسعارها، هو الفائز الأكبر في الانتخابات. ونال حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف 11.5 في المئة من الأصوات، وهي نسبة تعادل ضعف النتيجة التي حقّقها في سباق 2017. وانتصار الحزب في ولاية ساكسونيا السفلى، له رمزية مهمة؛ إذ إن قواعد الحزب الشعبوي التقليدية بعيدة تماماً عن هذه المنطقة.

وأدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى تسارع التضخم الذي بلغ 10 في المئة في سبتمبر/ أيلول، وهو معّدل غير مسبوق منذ 70 عاماً في ألمانيا. وأعلن شولتس عن خطة لتخفيف الأعباء والانتقادات بقيمة 200 مليار يورو، لكن هذه الخطة لا تزال متعثرة في الداخل، وتواجه انتقادات أوروبية شديدة من قبل دول الاتحاد الأوروبي.

ويعد خبير العلوم السياسية الألماني كارل رودولف كوره أن انتخابات ساكسونيا السفلى، «استفتاء على سياسة شولتس ومواقفه حيال الحرب الدائرة في أوكرانيا والأزمة النفطية». ومن الواضح أن النتائج منحت الحزب الشعبوي المزيد من الزخم والتأييد لسياساته الداعية إلى عدم التورط في حرب أوكرانيا. ويطالب قادة «حزب البديل» بتعزيز العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأن ألمانيا لا يمكنها أن تستغني عن الغاز الروسي. ويوم السبت الماضي جمع الحزب آلاف المناصرين خلال تظاهرة ضد ارتفاع الأسعار.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3cx3db76

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"