الإمارات.. واحة التنمية

21:56 مساء
قراءة 4 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *

تؤكد التقارير الاقتصادية العالمية كافة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل واحة التنمية في العالم، وقد حققت الازدهار الاقتصادي والرخاء الاجتماعي للوطن والمواطنين، وعززت مكانتها كلاعب رئيسي في الخريطة الاقتصادية العالمية، بحضور قوي متميز، كما صعدت مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة على سلم الترتيب الدولي في مجال التجارة العالمية على مدار العقود الماضية، وأصبحت شريكاً تجارياً مهماً للاقتصادات الأكبر على مستوى العالم، وأضحى النموذج التنموي لدولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً فريداً ملهماً في تجارب التنمية، يحظى بالتقدير في مختلف الأوساط والهيئات الإقليمية والدولية، لتميز اقتصادها بصفات فريدة، فهو اقتصاد مفتوح ونشط يعتمد على تنويع موارده ومؤسس على عدة دعائم جعلته يرتقي بدولة الإمارات لتحتل مراتب متقدمة بين دول العالم، وهو اقتصاد قائم على بنية تحتية متطورة ومعرفة مستدامة مع تطوير للموارد والمحافظة على العلاقات المتميزة مع بقية دول العالم على مختلف الصعد، إضافة إلى تفعيل دور القطاع الخاص، وتقديم خدمات تعليمية وصحية عالية الجودة وغير ذلك الكثير، الأمر الذي جعل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجهة عالمية للشركات. وقد اكتسبت الإمارات سمعة طيبة كمركز أعمال إقليمي قوي، فهي لا تتمتع بموقع استراتيجي فحسب، بل تتمتع أيضاً بإطار تنظيمي قوي وبيئة مخاطر مستقرة وسياسات تقدمية.

إن الإمارات نموذج تنموي ناجح، لما تتمتع به من قدرات اقتصادية هائلة، ومن هنا جاء الاعجاب العالمي بذلك النموذج، فبالإضافة إلى الثقافة والتراث الإماراتي الأصيل فإن الإمارات تتميز بالحداثة والفعالية والتجارة المفتوحة وقدرتها على القفز فوق الجغرافيا لتكون دولة مؤثرة على مستوى العالم، فهي بمثابة مدينة عالمية تتجمع فيها بحق الخدمات العالمية. ففيها يتم أداء الأعمال (في التمويل والمهن والنقل والاتصالات) بعدة لغات وعبر عدة نطاقات زمنية وتشريعية، وهي مركز الشرق الأوسط بامتياز. وتشير دراسات البنك الدولي عبر مؤشرات علمية عالمية، إلى أن الإمارات العربية المتحدة تقود دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى الخدمات اللوجستية للتبادل التجاري. ومن مصادر الإشادة العالمية بالنموذج الإماراتي في التنمية هو اتجاه الامارات نحو تعزيز ممارسات الابتكار في مختلف القطاعات الاقتصادية، عبر ما تم اتخاذه من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة بهذا الصدد وفقاً لمرتكزات الاستراتيجية الوطنية الإماراتية للابتكار، ولا سيما في القطاعات الرئيسية السبعة، التي حددتها الاستراتيجية؛ لتعزيز التنمية القائمة على الابتكار من خلالها، وهي: الطاقة المتجددة والمياه والنقل والتكنولوجيا والصحة والتعليم والفضاء.

والجديد الذي تشير إليه دراسات عالمية هو مواكبة الإمارات للتحول العالمي نحو الاقتصاد الدائري. وهو نموذج اقتصادي يهدف إلى إنتاج السلع والخدمات بطريقة مستدامة، وذلك من خلال الحد من استهلاك الموارد الطبيعية (كالمواد الخام والمياه والطاقة) وإنتاج النفايات، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة والحفاظ على المنتجات والمواد واستخدامها بشكل متكرر. وقد جرى تحديد مكوّنات واستراتيجيات نموذج الاقتصاد الدائري لأول مرة في مطلع ثمانينات القرن الماضي. وخلال العقود الماضية، كانت هناك مراجعات مستمرة لهذا النموذج. وفيما كانت منهجية الاقتصاد الدائري تقوم فقط على إدارة النفايات، بما فيها الجمع والفصل والتدوير وإعادة الاستخدام، فإن المقاربة الحالية تتبنى أيضاً التصميم الأمثل للمنتجات وتقليل الاستهلاك والإدارة المستدامة للموارد.

والهدف العام للاقتصاد الدائري هو استخدام الموارد بأفضل طريقة متاحة لأطول وقت ممكن. فكلما جرى تناقل الموارد عبر عمليات المعالجة المختلفة، أو من خلال إعادة الاستخدام، أو الإصلاح، أو إعادة التصميم، أو إعادة التصنيع، قلت الحاجة إلى مواد خام جديدة، وتناقصت كمية المخلفات. وينطوي تسريع الانتقال إلى الاقتصاد الدائري على إجراء تحول واسع في قطاع الأعمال وفي ذهنية المستهلك، وهذا يعني اعتماد عمليات إنتاج وأنماط استهلاك مستدامة. ولتحقيق ذلك، يتم وضع قوانين وسياسات جديدة تقوم على تنقيح وإعادة تصميم نماذج العمل، أو وضع نماذج جديدة تناسب الصناعات، وتضع في الحسبان الكلف البيئية والاجتماعية طويلة الأمد لعمليات الإنتاج، إلى جانب ابتكار تقنيات جديدة، وإحداث تغييرات جوهرية في أنماط الاستهلاك. وقد اعتمدت الصين الاقتصاد الدائري كاستراتيجية تنموية، وأصبح هذا الأمر نافذاً من خلال قانون «تعزيز الاقتصاد الدائري» الذي صدر في سنة 2009. كما تبنت المفوضية الأوروبية في سنة 2011 «خريطة طريق لأوروبا تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد»، واستبدلت بها في سنة 2015 «خطة عمل الاتحاد الأوروبي من أجل الاقتصاد الدائري».

ولم تأتِ هذه الخطوات الصينية والأوروبية من فراغ، بل استفادت من الأبحاث والسياسات السابقة التي ركزت على إدارة النفايات في أكثر من مكان حول العالم. ويغطي الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة في سنة 2015 الإنتاج والاستهلاك المستدامين. ويُشرك هذا الهدف جميع الجهات الفاعلة للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة، بما فيها القطاع الخاص. كما يبرز أهمية توفير المعلومات للمستهلكين، وتثقيفهم بشأن التنمية وأنماط الحياة المستدامة.

إن مواكبة الإمارات للتحول العالمي نحو الاقتصاد الدائري يتم عبر سياسات ومبادرات يتم تنفيذها، من ضمنها المساهمة بحوالي 17 مليار دولار لدعم مشاريع الطاقة المتجددة في 50 دولة.

سبق ذلك إطلاق دولة الإمارات استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، وهي مبادرة وطنية طويلة المدى لبناء اقتصاد أخضر في الدولة تحت شعار «اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة».

معجزات وانجازات ونجاحات دولة الامارات حكايات لا تنتهي.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/amr32zfh

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"