لبنان وضرورة التسوية

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بعد نحو أسبوعين على دخول لبنان في مرحلة الفراغ أو الشغور الرئاسي، بات من الواضح أن الجلسات البرلمانية التي تعقد أسبوعياً لانتخاب رئيس أصبحت عديمة الفائدة، بل تحولت إلى جلسات وصفت ب «المسرحية أو الاستعراضية»، لأن مسألة انتخاب رئيس تبدو في مكان آخر، بينما البرلمان ليس سوى المكان الذي يقوم بعملية الإخراج لا أكثر.

إذا كانت المسألة تتعلق برفع العتب أو تلبية متطلبات دستورية، وهذا هو المرجح، فإن تكرار عقد الجلسات البرلمانية من دون توافق داخلي، يصبح نوعاً من العبث في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية وكل الأزمات التي تعانيها البلاد ويدفع ثمنها الشعب اللبناني وحده. وبالتالي يصبح البحث عن حل أو تسوية من خارج قبة البرلمان مطلباً ضرورياً إذا كانت الأطراف اللبنانية تريد منع تمديد الفراغ خوفاً من الأسوأ.

وبما أنه بات من المسلم به أن التوازنات التي أحدثتها الانتخابات التشريعية الأخيرة، لن تسمح لأي فريق بفرض مرشحه على الآخر داخل قبة البرلمان، فإن التوافق على مرشح للرئاسة يكون مقبولاً لدى الجميع، ويصبح ضرورياً بين الأطراف اللبنانية، أي أن التسوية لا بد منها للخروج من المأزق. لكن انعدام الثقة وعمق الخلافات القائمة بين القوى والأطراف السياسية، لا يزالان يحولان دون ذلك، ويمنعان أي إمكانية للحوار الداخلي، على غرار الدعوة التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري بدعوى أنه طرف وليس وسيطاً.

والحقيقة أن أي طرف لبناني يقوم بطرح مبادرة من هذا القبيل، فإنها لن تلقى قبولاً لدى الأطراف الأخرى، لكن اللافت أن الساسة اللبنانيين، توحدوا على اختلاف انتماءاتهم، في مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. والأكثر إدهاشاً، أن هؤلاء الساسة مستعدون لقبول أي مبادرة أو دعوة للحوار من الخارج بينما يرفضون ذلك بين بعضهم البعض. ربما لأنهم تعودوا انتظار مواقف الخارج وما تفرزه التقاطعات الإقليمية والدولية حتى في حال انتخاب رئيس لهم، وسبب ذلك معروف، إذ يتعلق الأمر بالتركيبة الطائفية والقيود المفروضة عليهم جراء الاتفاقات والصيغ والمواثيق التي تم إبرامها على مدار العقود الماضية.

ولكن ماذا لو كان الخارج لديه أولويات أخرى، وهو كذلك بالفعل، هل يصطف اللبنانيون في طابور الانتظار حتى يأتيهم الدور؟ وماذا أيضاً لو فشل الخارج في التوافق أو إعطاء «الضوء الأخضر» للداخل لانتخاب رئيس جديد؟ هل يذهب اللبنانيون إلى التقاتل في ما بينهم لفرض الحل بالقوة؟ وهو في النهاية سيكون حلاً أخطر بكثير من الفراغ الرئاسي مهما امتد هذا الفراغ، لأنه يعني عودة إلى الحرب الأهلية بكل ما تحمله من ويلات ومآس وما يمكن أن يقود إلى تفكيك ما تبقى من الدولة اللبنانية ومؤسساتها وجرها إلى المجهول والفوضى التي لا يمكن التكهن بنتائجها. وبالتالي لا بد من قطع الطريق على مثل هذه السيناريوهات المدمرة، والعودة إلى صيغة التعايش التي اعتاد اللبنانيون عليها، والبحث عن مرشح للرئاسة يكون مقبولاً للجميع وهو أمر متوفر ولن يكون عسيراً عليهم إذا خلصت النوايا.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2xj223hp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"