بسطاء يرسمون خريطة الإنسانية

بقاع ضوء منيرة داخل الأنفاق المظلمة
00:41 صباحا
قراءة 10 دقائق

على مدار العام أطلت علينا أسماء لأشخاص عاديين رسموا بإرادتهم، ومواقفهم، ودفاعهم عن الحقوق ملامح مهمة على وجه العالم، وتركوا آثارهم الواضحة على الضمير الجماعي، وانتقلوا من دون دراية، وعن غير قصد من عالمهم البسيط إلى دائرة الشهرة التي يستحقونها، وأصبحت مجهوداتهم على بساطتها أحياناً نماذج تستحق تسليط الأضواء عليها، وتقديمها لآخرين لا يعرفونها ليتعلموا من تجاربهم الفريدة التي أعلت من ذات الإنسان، وسعت إلى تقديم حياة أفضل للآخرين، مدافعين عن الحق في الحياة الكريمة للجميع من دون تمييز .

وعلى اتساع العالم ومع ازدياد وتعقد مشاكله وأزماته، مر علينا أشخاص اعتبروا بقع ضوء منيرة داخل أنفاق مظلمة، رفعت أياديهم البيضاء المعاناة عن آخرين لا يعرفونهم، بعضهم تعرف العالم إليه، وبقيت الأغلبية تعمل بصمت ومحبة من دون كلل أو انتظار مقابل، واثقين من أن الأعمال البسيطة الجيدة إذا تراكمت تصبح قادرة على إحداث فروق حقيقية لمصلحة مجتمعاتهم . هنا سنحاول تسليط الضوء على بعض ممن زرعوا الأمل في نفوس الآخرين، ومنحوهم طاقة الحياة ليتمكنوا من تجاوز مشكلاتهم، ونجحوا في العبور بهم إلى شواطئ الأمان .

ملالا يوسف زاي، وكائنات رياض، وشازيا رمضان، وغيرهن قائمة طويلة جداً من أسماء فتيات باكستانيات بعمر الزهور حلمن بتغيير واقعهن المرير عن طريق التعليم، وتمسكن بحقهن في الذهاب للمدرسة وتلقي العلوم، فكان جزاؤهن رصاصات الجهل والغدر . وإن كانت ملالا يوسف زاي هي الأشهر بعد اعتداء عناصر من حركة طالبان عليها وتعاطف المجتمع الدولي مع قصتها، إلا أننا هنا سنعتبر كل الطالبات وتحديداً الفتيات نظراً لواقعهن الصعب هن نجمات الإنسانية الأول لهذا العام لأنهن لم يقعن أسيرات لمخاوفهن، ولم يرضخن للتهديدات والمخاطر المحدقة بهن من كل حدب وصوب، وأصررن على مطاردة أحلامهن المشروعة بمستقبل واعد .

راضية خان محاربة عجوز

وعلى مقربة من باكستان برزت هذا العام الأفغانية راضية خان المدافعة عن القضية نفسها، وهو حق الفتيات في التعليم، تجربة خان الفريدة ليست في تطوعها ببناء معهد تعليمي بأحد الضواحي النائية خارج العاصمة كابول، ولا في تقديمها خدماتها التعليمية بالمجان فقط، ولكن في عزيمتها القوية على الاستمرار بأداء رسالتها وسط ظروف بالغة القسوة .

كان التحدي قد بدأ مبكراً عندما لم تستجب خان 68 عاماً لتهديدات عناصر من طالبان حضروا إليها قبل افتتاح معهدها الذي أطلقت عليه زابولي zabuli وطالبوها بتحويله لتعليم الفتيان فقط، وأعلنت رفضها التام لمناقشة الفكرة وأنهت الحوار معهم، وكانت النتيجة إلقاء عدة قنابل يدوية على المدرسة بأول أيام افتتاحها ليذهب ضحية الاعتداء الجاهل 100 فتاة، وتغلق المدرسة قبل أن تبدأ .

وعلى الرغم من حجم المأساة الكبير، فإنها لم تيأس، ولم تنسحب من أرض المعركة، بل على العكس اتبعت استراتيجية أخرى . فعملت على بناء جدار كبير حول المدرسة لحمايتها مع استخدام عدد من حراس الأمن لتأمين المكان، وجالت بنفسها على أكثر من 7 قرى نائية تقع بالقرب من موقع المعهد لإقناع العائلات بإرسال بناتهن للدراسة .

وبعد أشهر عدة بدأت العجلة تدور ببطء، واليوم نظراً للإقبال عليه تمت إضافة طابق ثان، وتدرس به 345 فتاة يتلقين دروساً بالعلوم، والرياضيات، وثلاث لغات (الفارسية، والإنجليزية، والباشتو)، ومع نهاية العام تمت إضافة مادة الكمبيوتر .

يقدم المعهد خدماته التعليمية من مرحلة الروضة وحتى الصف الثامن، وتتكلف كل فتاة 300 دولار نفقات تعلم سنوية تعمل خان على تدبرها من الجهات الدولية المانحة .

لكنها بشخصها المثابر تنظر دوماً لنصف الكوب الممتلئ وتقول نعم الطريق صعب للغاية، ونحن مازلنا على بدايته، لكن الآن أفضل من السابق، أتذكر بالعام 2000 لم يكن هناك مدرسة فتيات واحدة، وعندما افتتحت المعهد، لم تكن الفتاة المتقدمة للالتحاق به قادرة على كتابة اسمها، أو معرفة الأرقام، على الرغم من تجاوز أغلبهن 14 عاماً، أما الآن فهناك أكثر من 3 ملايين فتاة بالتعليم، وأحلم أن تستمر مدرستي 100 عام آخر، وتتولى الخريجات تعليم الأجيال القادمة .

لابورت إنسانية عابرة للقارات

رسم الطبيب الأمريكي بنجامين لابورت مستقبله بعد تخرجه في الجامعة بشكل مختلف تماماً عن نظرائه الذين حلموا بالاستقرار والحصول على عمل بأحد المراكز الطبية، أو المستشفيات بمدينة ميامي، أما هو فقرر انه صاحب رسالة وليس باحثاً عن مهنة أو وظيفة، لذا حمل حقيبته التي اشتهر بها بعد ذلك وزودها بما تمكن من نقله من أدوات طبية وأدوية، وتوجه لعلاج أفراد من قبيلة الماساي المنتشرين في كل من كينيا وتنزانيا . استغرقت مهمته شهرين حتى نفدت منه المؤن، واضطر للعودة للولايات المتحدة يتفطر ألماً وحزناً على أوضاع الفقراء الذين لم يناظرهم طبيب طوال حياتهم، لذا قرر إنشاء منظمة تطوعية أطلق عليها FLOATING DOCTORS، وترجمتها الحرفية أطباء عائمون، والأقرب للواقع أطباء مترجلون لأن أعضاءها يسيرون أميالاً على أقدامهم وصولاً لمناطق نائية لاتصل إليها المركبات، وقرر التوجه لتقديم الرعاية الطبية للبسطاء حول العالم ممن يعانون أمراضاً مختلفة، وبدأ مهمته الإنسانية الثانية من هايتي التي قضى بها 7 أشهر متنقلاً بين الأماكن النائية التي دمرها زلزال 2010 .

وقبل التوجه إلى هناك وضع لابورت خطة متكاملة من نوع فريد حتى يكون لمجهوده تأثير أفضل وأوسع، فعمل للترويج لجمعيته حتى يتمكن من جذب أكبر عدد من المتطوعين، وجمع أدوات ومعدات طبية بلغت 20 ألف نوع مختلف، والأهم هو تخطيطه السليم للخطوة التالية، إذ هدف إلى تخصيص جزء من الوقت لتدريب سكان محليين يحظون بقدر من التعليم على بعض المهارات الطبية البسيطة، والإسعافات الأولية اللازمة التي يمكن بفضلها إنقاذ حياة آلاف البسطاء . وهنا تميز لابورت عن غيره في رؤيته السديدة التي نجح بالفعل عن طريقها في أداء أكثر من مهمة، وتحقيق أكثر من هدف، إضافة إلى اجتذابه أكثر من 180 متطوعاً من أطباء متقاعدين، وأطقم تمريض من 9 دول حول العالم . وتمكن من إنشاء 25 عيادة متنقلة في هايتي ناظرت 2500 مريض . ولم يقف عند حدود العلاج والدواء فقط، بل أسهم في إعادة بناء المدارس المهدمة بقرى عدة، وقدم أنظمة تعقيم مياه لأخرى محرومة من البنية الأساسية، خاصة مياه الشرب النظيف، والكهرباء، إضافة إلى تنظيم مجموعات عمل صغيرة للتوعية بطرق العناية الصحية، وتجنب الإصابة بالعدوى .

هذا العام انتقل لابورت 36 عاماً وعدد من فريقه المتطوع إلى هندرواس في وقت هرب فيه الجميع من هناك بعد تفشي الكوليرا، وقضى عدة أشهر مترجلاً بحقيبته الشهيرة يقدم أمصالاً هنا، وأدوية هناك، ومع نهاية العام انتقل إلى ساحة معركة جديدة في بنما مردداً قولته الشهيرة تخليت عن جزء من حياتي الخاصة، ولكني ربحت أكثر مما خسرت .

ينجون يكرّم والدته والعالم يقلده وساماً

قدم الشاب الصيني كوم ينجون (29 عاماً) أروع الأمثلة في بر الوالدين عندما أنهى رحلة استغرقت 96 يوماً قطع خلالها 3360 كيلومتراً وهو يجر عربة والدته المقعدة بسبب شلل في قدميها، وهدف من رحلته إلى تحقيق حلم راود والدته طويلاً بزيارة أماكن والتعرف إلى معالمها السياحية، وأقعدها المرض عن تنفيذ أحلامها الكبيرة .

ولم يتردد الشاب طويلاً في تنفيذ فكرته المجنونة بخاصة أنهم فقراء، ولا يستطيعون تدبر نفقات مثل هذه الرحلات، إلا أنه اعتمد على أبسط المقومات من هاتف نقال لاكتشاف الوجهات، وتحديد مسارات السير، مستعيناً بإرادته الفولاذية، ومستمتعاً بقضاء أحلى الأوقات مع أحب الناس .

أناند كومار قم للمعلم وفه التبجيل

عمل المعلم الهندي أناند كومار لعقد كامل في الظل، يؤدي رسالته السامية في تدريس الطلبة أبناء الأسر الفقيرة مجاناً، وتمكن العشرات منهم بفضل مساعدته من الالتحاق بمنح مجانية بأفضل المعاهد الهندية للتقنية، وبزغ نجم كومار هذا العام عندما صنفته MONOCLE البريطانية المتخصصة بشؤون التعليم كأحد أفضل 20 معلماً على مستوى العالم، لتسلط عليه أضواء الشهرة التي يستحقها من كل مكان، فضمته مجلة تايم الأمريكية على لائحتها السنوية لأهم 100 شخصية نافذة بالعالم، وأطلقت عليه نيويورك تايمز بطل الشعب . كان حلم أناند الكبير بالالتحاق بجامعة كمبريدج البريطانية تحطم قبل سنوات بسبب فقر عائلته، لكنه عزم على تعويض إخفاقه بمساعدة آخرين على مواصلة تعليمهم والانضمام لمعاهد تقنية، فأسس مدرسة أطلق عليها سوبر30 يدرس فيها بمفرده وبالمجان، تخرج فيها المئات حصل منهم 263 نابغاً على منح مجانية وتمكنوا من الالتحاق بمعاهد تقنية مرموقة بعدد من المدن الهندية .

هذا العام صنفت مجلة نيوزويك مدرسته كأفضل رابع مدرسة مجانية على مستوى العالم، وهو ما لفت انتباه قناة ديسكفري التي أعدت وثائقياً مدته 4 ساعات عن كومار ومدرسته وطلبته النابغين . ومع نهاية العام أعلنت جامعة طوكيو تخصيصها منحاً دراسية سنوية لطلبة سوبر 30 .

موناي نجاح من رحم المعاناة

قضى برايان موناي 22 عاماً من عمره ساكناً كوخ صفيح صغير لم تدخله يوماً لا الماء، ولا الكهرباء، ولم يعرف هو وجيرانه حتى الآن سوى لمبات الزيت التي تنير الطرقات مساء، نشأ في أسرة من 9 أبناء يكتظون جميعهم داخل الكوخ الصغير شتاء هرباً من البرد القارس، ويفترشون جميعهم الأرض خارجه صيفاً بحثاً عن نسمة هواء رطبة في ليالي الصيف الحارة . ولم يختلف حالهم هذا عن حال أكثر من 40 ألف شخص هم سكان ضاحية كليبتون الواقعة على أطراف جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا .

أجيال متعاقبة توارثت البؤس والشقاء عاماً بعد آخر، ولم تتغير الأحوال فالصغار متسربون من المدارس غير المتوافرة بالأساس، ونسبة البطالة بين الشباب في أعلى معدلاتها، والنتيجة الحتمية ارتفاع معدلات العنف والجريمة .

الفريد أن موناي لم يستسلم لوضعه البائس، وعقد العزم منذ الصغر على استكمال تعليمه، واضطر للممارسة عدة أعمال مختلفة من جمع القمامة، وتنظيف السيارات، وحتى نقل الأغراض على ظهره مشياً على الأقدام لمسافات طويلة، وكان الهدف الحصول على بضع دولارات شهرياً لمواصلة التعليم . لم يعرف يوماً شكل الزي المدرسي، وظل ينتعل حذاء واحداً 12 عاماً على الرغم من اهترائه، وتمزقه .

كان يفضل التضور جوعاً على التصرف في الأموال القليلة لديه التي سيخصصها لشراء كتب وأدوات مدرسية، وبعد نجاحه في الثانوية، حصل على منحة من جامعة جوهانسبرغ، وهذا العام أنهى دراسته الجامعية وحصل على درجة في علوم الصيرفة والتجارة .

ألهبت قصة نجاحه حماس رجل أعمال يدعى ثولاني مادوندو عمل على الالتقاء به، وأسسا لبرنامج أطلق عليه KYP، ويهدف إلى انتشال مجتمع كليبتون من مشكلاته المزمنة من دون انتظار منح حكومية .

وكانت أولى الخطوات التي أنجزها البرنامج هي إنشاء مدرسة مجانية يتلقى فيها 400 تلميذ تعليمهم، ويقوم بتدريسهم موناي ومجموعة أخرى من المتطوعين، وعلى الرغم من أن عدد الأطفال في سن التعليم هناك يبلغ 100 ألف، إلا أن 400 بداية مناسبة، وقابلة للزيادة عاماً بعد الآخر، خاصة إذا توافرت قيمة العمل الجماعي العام، وأدرك الكثيرون أهمية خدمة مجتمعاتهم ومد يد العون إلى المستحقين .

مؤسسة الشباب أمل جديد

يعتني الطالب نيكولاس دينت (13 عاماً) بوالدته المريضة بفيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، ومنذ رحيل والده قبل عامين يتولى مسؤولية إدارة المنزل، إلى جانب توفير رعاية طبية خاصة نظراً لتدهور حالة والدته الصحية، وعلى الرغم من المهام الشاقة الملقاة على عاتقه بالنظر لصغر سنه، إلا أنه حريص على الاستمرار في الذهاب إلى المدرسة لاستكمال تعليمه بمدرسة بوكاداتون في بالم بيتش بولاية فلوريدا . لفتت قصة دينت انتباه الممرضة المتقاعدة كوني سيسكوسكي (65 عاماً)، وزاد من أهمية القضية إحصائية حديثة أصدرتها مؤسسة ميراندا وبيل جيتس الخيرية التي أشارت إلى أن 22% من الطلبة الأمريكيين يضطرون لمغادرة المدارس كل عام للتفرغ لرعاية أحد أفراد عائلاتهم الذين يعانون أمراضاً مختلفة، فبادرت بتأسيس مؤسسة الشباب مانحو الرعاية وهدفها تقديم المساعدة للطلبة المسؤولين عن رعاية أحد ذويهم حتى يستمروا في تلقي تعليمهم، ولا يضطرون لمغادرة المدارس .

حققت المبادرة صدى واسعاً بخاصة بعد الإعلان عنها بعدد من مدارس بالم بيتش، وفي أقل من عدة أشهر ازداد عدد المتطوعين المنضمين إلى المؤسسة .

التي تخدم حالياً أكثر من 17 مدرسة في فلوريدا، وتعتزم توسيع خدماتها لتشمل مناطق أخرى، كما تأمل سيسكوسكي بنشر الفكرة عالمياً لتطبق بأماكن كثيرة حول العالم .

وتضم قائمة نجوم الإنسانية المئات الذين لم يتسع المجال لذكرهم مثل واندا بوتس التي قضى ابنها (16 عاماً) غرقاً لعدم أجادته السباحة، لتكرس كثيراً من وقتها لإعطاء تدريبات خاصة لآلاف الأطفال في السباحة منعاً لتكرار المأساة، ونانسي زوتشي مؤسسة مركز مورغان لرعاية الأطفال المصابين بمرض السرطان بالمجان، والطبيب ستان بروك الذي كرس حياته منذ العام 1985 لخدمة المرضى الفقراء حول العالم، وتمكن من إنشاء أكثر من 660 عيادة طبية متنقلة بأفقر بقاع العالم وأقصاها، وتمكن من علاج أكثر من نصف مليون مريض، وسيدة الأعمال كتالينا أسكوبار التي تخلت عن شركتها الدولية الناجحة وكانت تدر أرباحاً سنوية بالملايين، وخصصت عائد بيعها لمصلحة إنشاء مؤسسة خيرية تعنى بالأطفال الخدج في مدينة كارتاجينا في كولومبيا وبها أعلى نسبة وفيات للرضع في العالم لافتقارهم لأبسط وسائل الراعية الصحية، وغيرهم كثير من الأسماء التي تمكنا من رصدها، وملايين لم تمكن من التعرف إليهم لأنهم صامدون، صامتون في مزارعهم النائية وقراهم الجبلية وبيوتهم البسيطة وسط الصحارى المقفرة لا ينتظرون تكريماً بل يعملون بجد حالمين بغد أفضل .

تلفزيون الواقع عندما يكون مفيداً

تجربة إنسانية راقية مختلفة جاءت هذا العام من بقعة قصية في تنزانيا بقارة إفريقيا، بطلاتها (أيستر، آنا، مواندا) ثلاث سيدات من ضحايا العنف، تقدمن للمشاركة في أول برنامج تلفزيون واقع من نوعه بالعالم أطلق عليه سيدة الغذاء (FEMALE FOOD HERO)، ويهدف إلى تقديم فرص لإعادة تأهيل النساء وتعليمهن فنون الزراعة ليصبحن عضوات فاعلات بمجتمعاتهن . والفكرة ليست جريئة لأنها جديدة على مجتمع لا يمتلك أغلب سكانه أجهزة تلفاز للمشاهدة والتصويت فقط، لكنها أثبتت نجاحاً غير متوقع، إذ تمكنت المزارعات الثلاث من جذب الانتباه إلى مجهوداتهن التي بدأت بسيطة وانتهت إلى حقل ذرة وافر بعد 8 أسابيع من العمل الشاق، ويوماً بعد آخر أصبحن حديث الساعة، واكتظت المقاهي التي يتوافر بها تلفاز بالمشاهدين وقت بث البرنامج الذي اقتصر على ساعة واحدة لعرض أنشطة المزارعات يومياً، كما تحدثت الصحافة المحلية عنهن وتحولن إلى نجمات يتداول الصغار والكبار أسمائهن . وكانت منظمة أوكسفام هي صاحبة فكرة المشروع وهي من قدمت الأراضي التي زرعتها المتسابقات اللاتي لم يكن يتملكن شيئاً من حطام الدنيا سوى إرادة الحياة . وكانت الهدايا قطع أراضي صغيرة سجلت باسم الفائزات لزراعتها شريطة الاستعانة بخمس سيدات أخريات في زراعتها، وتنوعت الهدايا مابين ألواح شمسية، ومعدات ري وحصاد متطورة . ومع نهاية العام تحولت المشاركات اللاتي بدأن بائسات إلى نجمات يتحدثن عن التمكين ودور المرأة، ويعقدن جلسات توعية لمئات السيدات لتحفيزهن على احتراف الزراعة، وشاركن الشهر الماضي في منتدى تنمية حقوق المرأة في تركيا .

المثير أن نجاحهن أعطى دفعة قوية لتكرار التجربة بموسمها الثاني، واحتشدت أكثر من 25 ألف سيدة عند الإعلان عن فتح باب التقدم، سيتم اختيار 21 فقط .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"