الصين تعزز شراكاتها

00:49 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تبدو الجهود الصينية لتعزيز شراكاتها مع البلدان العربية والإفريقية خفيفة الحركة ومفعمة بالثقة والأمل والتطلعات الكبيرة في مقابل التحركات الأمريكية التي يغلب عليها التردد والاضطراب وعدم اليقين خاصة في السنوات الأخيرة.

وفي نهاية الأسبوع الماضي بدأ وزير الخارجية الصيني جولة إفريقية استهلها بزيارة إثيوبيا حيث المقر الدائم للاتحاد الإفريقي. وهي أول زيارة خارجية للوزير الصيني منذ تعيينه. وسبق ذلك مشاركة الرئيس الصيني لي بينج في قمم الرياض الثلاث السعودية - الصينية والخليجية - الصينية والعربية - الصينية. وتعكس هذه التحركات الأهمية التي توليها الصين لعلاقاتها العربية والإفريقية استمراراً لسنوات من الجهود الدبلوماسية الحثيثة والمثابرة لتعميق العلاقات المشتركة ونقل الشراكات التجارية والسياسية مع دول المنطقتين إلى آفاق جديدة.

لقد نجحت الدبلوماسية الصينية في جعل نموذجها للتعاون والشراكة على المستوى الإفريقي أكثر جاذبية ومقبولية، كونه يركز على بناء مشروعات تنمية حقيقية ومحاربة الفقر والتخلف والاستثمار في مشروعات البنية التحتية. فالنموذج الصيني الذي اختبره الشركاء الأفارقة يتأسس على تعزيز قيم المنافع المشتركة غير المرتبطة بأي شروط سياسية أو ضغوط لفرض قناعات ايدولوجية أو ثقافية.

وقد وقعت جميع البلدان الإفريقية التي لديها علاقات دبلوماسية مع الصين بالفعل اتفاقات بشأن التعاون في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، حيث انضمت إليها 141 دولة و32 منظمة دولية. ومثلت المشاريع التي نفذتها الشركات الصينية 31.4% من جميع مشاريع البنية التحتية في إفريقيا في عام 2020.

واستثمرت الشركات الصينية، في مشروعات استكشاف النِّفْط وتشييد البنية التحتية والطرق والسكك الحديدية وفي برامج الزراعة والتعليم. كما توسعت في بناء الطرق والجسور والسدود بتكاليف أقلَّ وفي وقت أقلَّ ممَّا كان الأفارقة يتَوَقَّعونه. وكان النهج الصيني للاستثمار النفطي يرتكز على الاكتشافات الصغيرة، بخلاف نهج الولايات المتحدة التي ترتكز على الاكتشافات الكبيرة.

وبحلول نهاية عام 2020، تجاوزت الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في إفريقيا 43 مليار دولار أمريكي، ووفرت أكثر من 3500 شركة صينية في جميع أنحاء القارة بشكل مباشر وغير مباشر ملايين الوظائف.

كما أصبحت الصين في صدارة قائمة أكبر شركاء الدول العربية في المبادلات التجارية، وتوجد من بين أكبر ثلاثة شركاء تجاريين لكل دولة عربية على حدة. وأبرم الجانبان العربي والصيني مؤخراً 277 اتفاقاً للتعاون بإجمالي 24 مليار دولار، غطت مجالات عديدة من بينها تكنولوجيا المعلومات، والطاقة النظيفة، والأغذية، والسياحة.

وفي مقابل خطوات بكين المتسارعة لتعميق وجودها في العالمين العربي والإفريقي، فان الولايات المتحدة تحاول جاهدة استعادة ثقة القادة الأفارقة وإقناعهم بجدوى التحالف والشراكة معها ومنافسة الوجود الصيني المتوسع في القارة، بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من هذه الثقة خلال السنوات العشر الماضية بسبب ما اعتبره قادة إفريقيا عدم التزام واشنطن تجاه مشكلات القارة وهمومها في التنمية والاستقرار والتطور والازدهار. لكن ذلك لا ينجح كثيراً لأن التحرك الأمريكي يمضي بطيئاً ويفتقر إلى ثقة الشركاء، مع أولويات متحولة والتزامات داخلية ودولية ثقيلة الوطأة وباهظة التكاليف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycxe48e5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"