"كاسبرسكي" تطور نظام تشغيل فائق الحماية

03:29 صباحا
قراءة 4 دقائق

فاجأ الرئيس التنفيذي لشركة كاسبرسكي، يوجين كاسبرسكي العالم بإعلانه مؤخراً عن أن شركته تعمل على تطوير نظام تشغيل فائق الأمان، يكفل حماية أنظمة التحكم الصناعية المعتمدة في مختلف الصناعات والبنى التحتية .

وبالنظر إلى التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا بأن الولايات المتحدة تتعرض إلى حرب رقمية جديدة، يبدو أن الحلم المستحيل أصبح حقيقة، حيث سنرى معركة من نوع آخر تدور بين أروقة الانترنت والشبكات، خصوصاً بعد إصدار نظام كاسبرسكي الذي لا يحتاج إلى تحديثات أو إصلاحات، كما لا يتطلب من الحكومات أو الشركات الاستعانة ببرمجيات باهظة الثمن لمكافحة الملايين من الهجمات الخبيثة التي تستهدف البنية التحتية الحيوية العامة أو الخاصة، وكل ما عليها القيام به تثبيت النظام في أجهزتها فقط ليقوم بعد ذلك بدوره بتلقاء نفسه .

يقول نيل مكاليستر من موقع ذا ريجيستر: يهدف نظام التشغيل الجديد إلى خلق بيئة عمل آمنة تماماً، وتشغيل البرمجيات المختلفة التي تهم المستخدمين، وتثبيته ضمن بنية تحكم موجودة مسبقاً في الأنظمة السليمة المستخدمة، بما يضمن الحفاظ على البيانات وعدم استغلالها من قبل برامج خارجية .

ويشير يوجين كاسبرسكي في مدونته الخاصة إلى أن النظام سيكون مجهزاً خصيصاً لأداء مهام معينة ومحددة ولن يكون بالإمكان تشغيل أي برمجيات طرف ثالث من خلاله، حيث إنه لن يعتمد في بنائه على أية تعليمات برمجية موجودة مسبقاً، وإنما سيتم إنشاؤه بالكامل من الصفر، كما أنه غير مصمم للمستهلكين العاديين وإنما يستهدف الحكومات والمؤسسات الخاصة أو العامة .

وفي هذا السياق نوه غاري ماك غرو رئيس قسم التكنولوجيا في شركة Cigitial إلى أن ما تقوم به كاسبرسكي سيكون لصالح الجميع، لكنه لا يعتقد أن يتم إطلاقه في وقت قريب، نظراً لأنه يتطلب أنظمة تحكم تعمل طوال الوقت، ويضيف قائلاً: يبقى تساؤل واحد هو هل يمكن الوثوق بالأشخاص الذين يصممون هذا البرنامج وأنهم لن يعمدوا على تسريب معلوماته إلى القراصنة؟ أرجو أن تكون الإجابة نعم .

يأتي نظام كاسبرسكي الجديد كنوع من الحماية المضاعفة، بعد أن ظهرت في الفترة الأخيرة مجموعة جديدة من البرمجيات الخبيثة شديدة الخطورة أقلقت الكثيرين، لا سيما الدودة البرمجية التي تدعى Stuxnet، والتي تم اكتشافها في وقت سابق من عام 2010 .

وتكمن المشكلة الكبرى في أن يوجين كاسبرسكي الروسي وصاحب الشركة العملاقة، يريد تغيير العالم وحمايته في الوقت ذاته، لكن طريقة تفكيره لا تروق للغرب والمصالح الأمريكية، حيث أشار نوا شاكتمان المحرر في مجلة وايرد، إلى أن كاسبرسكي غير راض عن المستوى الحالي الذي وصلت إليه حرية الانترنت، إذ إن الملياردير الروسي يريد تقسيم الشبكة ووضع ضوابط أمنية للوصول إلى بعض الجهات والمواقع، كما يدعو الحكومات إلى مراقبة وتنظيم آلية عمل الشبكات الاجتماعية . يقول كاسبرسكي متحدثاً إلى شاكتمان: الحرية أمر جيد، لكن الطامعين يمكن أن يستغلوا هذه النقطة للتلاعب بالرأي العام .

تعتبر منتجات كاسبرسكي من بين أعلى المنتجات استخداماً في العالم، حيث إن هنالك ما يقارب 300 مليون شخص من بينهم كبريات الشركات الأمريكية مثل مايكروسوفت وسيسكو وجونيبر نتوركس التي تستخدم برمجيات كاسبرسكي .

لم يكن يوجين كاسبرسكي أبداً حليفاً للولايات المتحدة، ففي وقت سابق من هذا العام، اكتشف فريق مختبر أبحاث شركة كاسبرسكي إصابة أكثر من 417 جهاز حاسوب حول العالم، معظمها في الشرق الأوسط وإيران، بفيروس فلايم الذي يستخدم لأغراض التجسس، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى الحكومة الأمريكية، كون مصدر الفيروس موجوداً في الولايات المتحدة . وفي التاسع عشر من شهر يونيو/حزيران الماضي، أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن فيروس فلايم ما هو إلا جزء من حرب أمريكا الخفية التي تشنها ضد إيران، لكن كشف كاسبرسكي للفيروس أفشل الخطة . ويكمن السؤال هنا: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تثق بنظام تشغيل تنتجه شركة روسية لها تاريخ بتعقب تحركات الحكومة الأمريكية؟ يجيب غاري ماك غرو من Cigits على هذا التساؤل قائلاً ملايين الأشخاص حول العالم يستخدمون برمجيات كاسبرسكي لمكافحة الفيروسات، وهذا النظام الجديد يستهدف المستهلكين، وهو ليس برنامجاً للتحكم بالأجهزة .

يقول كيفين مك ألفي أحد مهندسي نظام KNOS Project، وصديق مقرب من يوجين كاسبرسكي، إن الأخير يعتقد أن البرمجيات الخبيثة يمكن أن تسبب الأذى للمواطنين الأبرياء من خلال شن هجوم على البنية التحتية المدنية، إذ إن هذا الموضوع ليس له حدود وطنية، لكن مك ألفي ينوه إلى أن تورط كاسبرسكي بموضوع الكشف عن مخطط التجسس الأمريكي، سيجعل العديد من الدول الغربية غير واثقة بنظام كاسبرسكي .

ويشير الخبراء في هذا المجال إلى أنه لا يوجد خلاف على أن هناك حاجة لوجود مثل هذا النوع من الأنظمة، ويضيف كيفين مك ألفي قائلاً: إن نظم التحكم الصناعية هذه عرضة لهجمات البرمجيات الخبيثة والفيروسات، لأنه من الصعب ترقيتها وتصليحها على مدار الوقت، لذا فإنها تحتاج إلى نظام تشغيل محمي بشكل تام .

وإلى ذلك يضيف مك ألفي أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على تطوير نظام تشغيل آمن محلي الصنع، ويقول إن شركته استطاعت تطوير نظام مماثل، مبني على نظام تشغيل يونيكس، لكن المشروع يحتاج إلى رأس مال كبير، وإقناع الشركات بتبنيه .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"