عادي
تسابق محموم لتقديم الخدمات

«ميتافيرس» مقرّ حكومات العالم قريباً

00:07 صباحا
قراءة 5 دقائق
لقاء بالميتافيرس يوضح مستقبل العمل الحكومي
مؤتمرات رقمية عبر ميتافيرس

إعداد: بنيمين زرزور

لم يعد التحول الرقمي في العمل الحكومي في العالم، مجرد رفاهية؛ بل صار فرض عين، وسط تسابق محموم على رقمنة الخدمات الحكومية في كثير من الدول التي تحرص على ألّا يفوتها الركب.

فقد أظهر تقرير حديث للأمم المتحدة عن الحكومة الإلكترونية لعام 2022، حجم التقدم والمفاجآت والفرص المتاحة للحكومات من جرّاء تحولها إلى رقمنة الخدمات، بعد أن سرّع تفشي «كورونا» الحاجة إلى قرب الحكومات من مواطنيها رقمياًً.

هذه المعطيات المتسارعة تفرض على الحكومة أن تترك «لعملائها» أي للمواطنين حرية أداء الأعمال على طريقتهم، بدل إجبارهم على أدائها كما ترى هي، وهذه دائماً الطريقة الحكيمة لممارسة الأعمال، لكن إزالة حجب البيروقراطية الهائلة التي تشل الحكومات هو أمر معقد وفوضوي، وأحياناً شبه مستحيل.

تسهيل تقديم الخدمات

ونظراً لأن الحكومات في جميع أنحاء العالم تتطلع إلى تسهيل تقديم الخدمات بعمليات الهاتف المحمول والحوسبة السحابية والأتمتة والرقمنة، فكيف سيبدو مستقبل التفاعل بين الأفراد؟ هل ستصبح علاقاتنا مع كياناتنا الحكومية «أفضل»؟ أم أن التقنيات القديمة التي استثمرت الحكومات فيها في السابق ستصبح عائقاً أمام التقدم الفعلي؟

لقد أظهرت التقنيات الرقمية إمكانية تغيير أدوات وأنماط تفاعل كل شخص مع الخدمات الحكومية، فقد وضع الوباء القطاع العام في حالة تأهب قصوى في تطوره، ليصبح مدفوعاً بالبيانات بشكل متزايد، ومستجيباً لاحتياجات المواطنين. يصبح هذا التحول أكثر وضوحاً عندما نرى كيف تتيح المؤسسات الحكومية خدماتها عبر الإنترنت.

ويفرض الوضع المستجد على الحكومات الوطنية أو المحلية، التزامات بمتابعة استراتيجيات الحكومة الرقمية وتنفيذ استراتيجيات حكومة إلكترونية أكثر تطوراً واستنارة. ومع ذلك، لم تفعل كثير من الحكومات كل ما هو مطلوب لتوفير خدمات حكومية مناسبة وسهلة الوصول وسهلة الاستخدام عبر الإنترنت. ووفقاً لإصدار 2022 من دراسة الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية، يستمر تحسين الاتصال عبر الإنترنت، لكن الشمولية الرقمية لا تزال تمثل تحدياً. فقد حققت نسبة68.91 في المئة من الدول الأعضاء مستوى مرتفعاً.

أعلى الدرجات

وتصدرت الدنمارك وفنلندا وكوريا الجنوبية قائمة الأمم المتحدة؛ حيث سجلت أعلى الدرجات في ما يتعلق بنطاق وجودة الخدمات عبر الإنترنت، وحالة البنية التحتية للاتصالات، والقدرات البشرية الحالية. وجاءت في المركز الثاني نيوزيلندا والسويد وآيسلندا وأستراليا وإستونيا وهولندا والولايات المتحدة وبريطانيا وسنغافورة والإمارات واليابان ومالطا.

وتستعد هذه البلدان عبر تبنّي الحاجة إلى الحوكمة الرقمية، إلى مواصلة قيادة العالم جيداً في القرن الحادي والعشرين وما بعده. وعبر خدمة مواطنيها بشكل أفضل، فإن مواطنيها سيكونون أكثر صحة، وأكثر استنارة، وأكثر انخراطاً، ما يؤدي إلى بناء مجتمع أقوى.

وعرض مسح الأمم المتحدة لعام 2022 تطور الحكومة الإلكترونية في المدينة المحلية؛ حيث عملت معظم المدن على تحسين درجات مؤشر الخدمة المحلية عبر الإنترنت. وحققت مدينة دبي على سبيل المثال، أعلى التصنيفات في مؤشر الخدمات المحلية عبر الإنترنت عام 2022. واحتلت دبي المرتبة الخامسة عالمياً وواحدة من أفضل الحكومات الرقمية في العالم.

استقرار البلد

ويعد الوصول إلى الخدمات الرقمية أمراً بالغ الأهمية للأداء الاقتصادي الشامل واستقرار البلد. فالعلاقة بين الصحة الاقتصادية لأي بلد وإمكانية وصولها إلى شبكة الجيل الرابع (4G) واضحة للغاية. وفقاً لمعهد بروكينغز، تتمتع نسبة 87 في المئة من سكان العالم المتقدم بإمكانية الوصول إلى شبكة الجيل الرابع. وينخفض هذا الرقم إلى 65 في المئة في البلدان النامية، وينخفض إلى نسبة مقلقة عند 25 في المئة في البلدان الأقل نمواً.

ولا يقتصر الأمر على وصول الأشخاص إلى المعلومات فقط، وهو أمر مهم للغاية، ولكن إمكانية وصولهم إلى الخدمات الصحية عن بُعد والتجارة الإلكترونية والخدمات القانونية والتعلم عن بُعد للأطفال في سن المدرسة والبالغين على حدٍ سواء.

وفي ظل هذا التحول الجامح تتصدر تقنيات بعينها قائمة اهتمام خبراء التقنية، خاصة تقنية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والفضاء المفتوح وتقنية «بلوك تشين» للخدمات المالية. وتحتل منصات التواصل وعلى رأسها منصة «ميتافيرس» مركز الصدارة في ربط مؤسسات الحكومة بالأفراد ما ينبئ بتحولها إلى مقر لحكومة العالم قريباً.

النمذجة الثلاثية

فعبر هذا المقر سوف ينشأ المحتوى الافتراضي الذي يقوم على استخدام النمذجة الثلاثية الأبعاد في جميع القطاعات، بدءاً من الألعاب الرقمية وانتهاء بالهندسة؛ حيث بات إنشاء جميع المنتجات والمباني والشخصيات والبيئات باستخدام أدوات النمذجة الثلاثية، على جهاز الكمبيوتر متاحاً وسهلاً. ومن المتوقع أن تزداد قيمة هذه الصناعة لتصل إلى 6.33 مليار دولار عام 2028. ولا يشمل هذا الرقم مساحة تخزين «ميتافيرس» التي يتوقع أن تصل إلى 783.3 مليار دولار بحلول عام 2024.

وعلى صعيد التعليم حولت الجائحة معظم العالم إلى العمل عن بُعد والتعلم عن بُعد. وكان تلاميذ اليوم رجال الغد، الأسرع في التكيف مع هذا التغيير. لقد جذبت فكرة التعلم رقمياً جيل الشباب لدرجة أن إحدى أشهر منصات ميتافيرس وهي «ماين كرافت» بات لديها منصة تعليمية خاصة للتعلم عن بُعد.

ومع ذلك، فهذه مجرد بداية الاتجاه العالمي للتعليم عبر الإنترنت؛ حيث يتوقع أن يصل حجم سوق التعليم عن بُعد إلى 198.9 مليار دولار بحلول عام 2030. ويتوقع رواد الأعمال ظهور منصات دراسة افتراضية جديدة، ودورات تشمل موضوعات مثل التسويق وتصميم الصور الرمزية والقانون الافتراضي. سيؤدي هذا إلى فتح الكثير من الخيارات الوظيفية للأجيال الشابة التي تستخدم «ميتافيرس».

التأليف الموسيقي

وفضلاً عن استقطابها أنشطة الترفيه والتأليف الموسيقي وتبادل المحتوى، تكتسب «ميتافيرس» أهمية متزايدة في نشر نوافذ التعارف الشخصي، ليس في الصداقات والبحث عن شريك العمر فقط؛ بل الأهم من ذلك التعارف بين مندوبي الشركات والتنفيذيين فيها، ويشمل مختلف قطاعات الاقتصاد. وقد أنشأت الشركات المتخصصة في هذا النوع من الخدمات منصات تعارف من أبرزها منصة «نفرميت» التي تتيح التعارف بالصور الرمزية لشاغلي العالم الرقمي. ومن المرجح أن يصبح هذا الفضاء الافتراضي الأيسر والأكثر استخداماً لدى رواد الأعمال نظراً لتعدد الفرص التي يتيحها.

وبينما يكتسب الاتصال الجماهيري أهمية كبرى في أداء الحكومات وسط عواصف التحولات السياسية الحالية، تصبح «ميتافيرس» الأداة الفعّالة في نشر التوعية الجماهيرية عبر دور «المؤثرين» في مخاطبة متابعيهم. كما أن «ميتافيرس» باتت منصة رئيسية للتسويق والإعلان عن المنتجات والخدمات، وهذا يرجع في الأغلب إلى نظامها الأساسي التفاعلي، الذي يسمح للمستخدمين بالتفاعل مع بعضهم في الوقت الفعلي.

ويُعرف هذا الاتجاه باسم «ميتا إنفلوانسينغ»، الذي يشير إلى الوقت الذي يستفيد فيه المؤثر من متابعيه، للتأثير في المستخدمين الآخرين. فقد جمع ألبرت سبنسر أيتز المؤثر المعرف باسم «فلامنغو» على سبيل المثال، أكثر من 20 مليون دولار، لشعبيته؛ حيث تدفع العلامات التجارية له الآن للترويج لمنتجاتها على قناته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/f2fk7ju8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"