عادي
حلول إخراجية تحقق متعة الفرجة في المسرح الخليجي

«الهود»... صرخة ضد الاستبداد

19:13 مساء
قراءة 3 دقائق
مشهد من العرض
(تصوير: محمد الطاهر)
مشهد من العرض
(تصوير: محمد الطاهر)
الشارقة: علاء الدين محمود
شهد قصر الثقافة في الشارقة، مساء أمس الأول، الثلاثاء، ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، عرض «الهود» لفرقة مسرح الشباب - السعودية، تأليف راشد الشمراني، إعداد مشعل الرشيد، إخراج معتز عبد الله، وتمثيل: مجاهد العمري، ريم سباطي، عبد الوهاب فندي، دنيا العنزي، عهود النفيعي، ونخبة من الممثلين.
والعمل يحكي عن مساكين يعملون في البحر، ويعيشون على صيد السمك في قرية بعيدة هادئة، لا علاقة لهم بما يجري في العالم الخارجي، يكتفون بحياة الكفاف ويقتاتون من الرزق الذي يحمله لهم البحر، غير أن القدر سلط على هذه القرية الوادعة شخصاً دجالاً ومستبداً منهم، يدعى «أبو شداد»، ألقى في روعهم أن ليس في إمكانهم الصيد إلا عن طريقه لأنه يعرف المواقع التي تتوفر فيها الأسماك، فصار الناس لا يذهبون للصيد إلا بإذن منه، وظلوا يخضعون تماماً لهذا الرجل الباطش الذي استغل طيبة وجهل أهل القرية الذين لا ينعمون بالتعليم، وغير ذلك من متطلبات الحياة المتحضرة، فهم يظنون أن «أبو شداد» يعمل من أجل مصلحتهم، ولم يدر في خلدهم أن الرجل ما هو إلا شرير يكوّن ثروته ومكانته من خلال سذاجتهم.
وظل أهل القرية على تلك الحال من الاستكانة إلى أن حل على قريتهم شاب يدعى يحيى، عاش بينهم، وكان يتصف بطيبة القلب والنبل، وغير ذلك من الصفات النبيلة، فكان أن طاب المقام ليحيى، وأحبّ إحدى فتيات القرية تدعى سلمى واتفقا على الزواج في الوقت المناسب، حيث كانت كل القرية تعيش في فاقة بسبب تحكّم «أبو شداد»، الذي حال بينهم وبين العمل في صيد السمك.
وكان يحيى يحمل أفكاراً مختلفة عن تلك السائدة في القرية، ويتحدى سلطة «أبو شداد»، ويعمل على توعية الناس بأن هذا الرجل يستغلهم، وأن بإمكانهم الذهاب إلى الصيد من دون أن يطلبوا الإذن من «أبو شداد»، وحتى يبرهن لهم ذلك عملياً، قام بالذهاب إلى الصيد وجاء لهم بسمك وفير، غير أن «أبو شداد»، الماكر برر لأهل القرية ذلك الأمر بأن «يحيى ذهب إلى الصيد في يوم عيد البحر، لذلك كان السمك متوفراً لأنه كان يحتفل بتلك المناسبة»، وعلى الرغم من المبرر كان واهياً ومضحكاً، لكنه كاد يقنع أهل القرية الطيبين، لولا أن يحيى سفّه لهم ذلك القول، وأعلن أنه سيذهب إلى البحر مرة أخرى، غير أنه لم يرجع من دون أن يدري أحد سبباً لذلك الغياب، وفي تلك الأثناء أعلن «أبو شداد» عن نيته الزواج من سلمى، في إشارة إلى تحقيقه الانتصار على يحيى وأفكاره والقيم الجديدة التي حملها إلى مجتمع القرية.
*مقاربات
المخرج قدم مقاربات وحلولاً إخراجية حاولت أن تتمثل فكرة النص، حيث استعان بديكور مقتصد يعكس بساطة المكان، مثل الخيام التي يقطنها القرويون، إضافة إلى توظيف الأزياء والموسيقى والأغاني التي تنتمي إلى ثقافة البحر ومهنة الصيد، والعديد من المفردات الأخرى، كما استعان براوٍ ليربط بين الأحداث عن طريق الحكايات والأمثال والشعر، وجاءت الإضاءة عن طريق الإسقاط والبقع الضوئية والإنارة الكاملة في بعض الأحيان، أما السينوغرافيا فحاولت أن تعبّر عن المشاهد والانفعالات والحالات النفسية، كما استعان بالكثير من الرموز والإشارات التي تفسر الحالات والمشاهد والأحداث بطريقة يستغنى فيها عن الحوارات والمباشرة.
وعلى الرغم من كل ذلك الجهد الكبير والواضح الذي بذله المخرج في مقاربة النص وصناعة فرجة مميزة، إلا أن هناك الكثير من العوامل التي حالت دون أن يأتي العمل بصورة مثالية، حيث كان الإيقاع بطيئاً إلى حد كبير، وكذلك كان الحال بالنسبة لحركة الممثلين، في ما كانت المشكلة الأكبر هي تقنية الصوت، حيث لم يتمكن الممثلون من إيصال أصواتهم بطريقة مثلى، وهذا الأمر ينطبق بصورة أكبر على الراوي الذي تكمن مهمته الأساسية في شرح الأحداث والربط بينها، لكن صوته كان ضعيفاً، وكان هناك مشكلة في مخارج الحروف، وعلى الرغم من أن العرض يتحدث عن حياة البحر، إلا أن الخشبة خلت من أية إشارة إليه، وكان في الإمكان توظيف بروجوكتر، أو أي عنصر يشير إلى وجود البحر، غير أن العرض بصورة عامة جاء جيداً من حيث الفكرة «النص»، وبعض المقاربات والرؤى الإخراجية، كما جاء الأداء التمثيلي مميزاً في كثير من الأحيان، خاصة العناصر النسائية التي قدمت مردودا طيبا.
النقاد المشاركون في الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض، أشادوا بالنص المسرحي ووصفوه بالجريء، بينما تباينت مواقفهم من المعالجة الإخراجية، حيث أشاروا إلى وجود العديد من الملاحظات خاصة في ما يتعلق بالصوت والإضاءة ووجود الراوي، مع إشادة بالحضور النسائي المميز في العمل، ولفتوا إلى أن استخدام عمق المسرح من قبل المخرج أدى إلى إلى مشكلة في الإضاءة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4nhmem32

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"