عادي
لغة مكثفة تعبر عن أزمة الانسان المعاصر

“كائنات لينة” في عالم حازم سليمان

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين

البيت المرمي في أعلى الأعالي يعجز عنه مصعد البناية والأصدقاء، لكن الشمس تدخله جيداً، والمطر الذي يجد لنفسه أكثر من وسيلة ليتسلل على شكل خطوط تعبر السقف، ومن ثم على شكل نقاط تفتك بالأعصاب تستقر في أوعية معدنية موزعة هنا وهناك بهذه الفقرة تبدأ قصة لأكثر من أحد ما ضمن مجموعة كائنات لينة والتي صدرت مؤخراً للقاص السوري حازم سليمان. تتضمن المجموعة عشرين قصة قصيرة تتميز بلغة مكثفة استطاع من خلالها المؤلف إيصال رؤيته إلى القارئ ففي قصته أغادير يقول على لسان البطل المأزوم ثمة وقت كاف للموت.. قلت لنفسك وأنت تتحرك في عتمة المكان وعلى فمك آثار دم امتزج بفلتر السيجارة، ووقت للانتحار، والحروب، والقتل، وما يكفي للسفلة أن يتكاثروا، وللمرتزقة أن يبطشوا، وللجهلة أن يحكموا.

إن إحساس القلق الممزوج بالاغتراب تلك النجمة الاساسية المميزة للعديد من القصاصين المعاصرين تتجلى دائماً في قصص سليمان ونجدها متناثرة في كل صفحات المجموعة فيفتح قصة غارق في تسونامي المغسلة: لا بداية لي، ولا نهاية لأقصدها، لا وطن يغري بعودة ناقصة، ولا غربة كافية لقتل هذا القلب، ولا الأصدقاء كما كانوا، لا شيء غير وقت يمضي، عقارب تدور في المعاصم، على الجدران، الساحات العامة، وقت تتجدد فيه الحكايا وتضيع، إن لم تُكتب على دفاتر.

تتحول لغة سليمان أحياناً إلى ما يشبه الشعر وذلك مجرد توصيف لا يحتوي على أية حكم قيمي فالمناط يبقى في النهاية متعلقاً بجمالية النص وقدرته على توظيف المفردات والتقنيات المستمدة من حقول عدة لخدمة إبداعه، نلمح هذا التوجه في قصة أفكار خاصة وأخرى علنية حيث يقول:

فرشاة أسناني ناعمة

معجون حلاقتي للبشرة الحساسة

سائل المضمضة كفيل بالقضاء على أحزان حنجرتي

غالباً ما استيقظ متأخراً بدهشة رجل نجا من كارثة، لا وقت لدي لأسناني، وذقني، وأحزان حنجرتي.

يذكر أن لحازم سليمان عدة إصدارات سابقة منها رجل الدعوة الأخير، الجدار الرابع، المسرات، يوميات ساذجة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"