سندان البطالة ومطرقة الاحتلال

05:12 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

في تقريرها عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، قرعت الأمم المتحدة ناقوس الخطر الذي ينذر بكل تأكيد، بانفجار وشيك للأوضاع الأمنية هناك، والعودة إلى دائرة العنف والعنف المضاد، بين الشعب الفلسطيني القابع تحت نير الاحتلال، وقوات هذا الاحتلال العنصري البغيض.
وفي تقريرها أعلنت الأمم المتحدة أن نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، العام الماضي، بلغت 27.4%، وهي أعلى نسبة للبطالة في العالم.
وبحسب هذا التقرير الذي أعده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، عن الصعوبات التي يواجهها الشعب الفلسطيني، فإن الإنتاج الزراعي في الأراضي الفلسطينية تراجع بنسبة 11% في 2017.
ويبين التقرير الدولي المذكور أيضاً، أن نصف الشباب الفلسطيني دون سن الثلاثين في الأراضي الفلسطينية بلا عمل، وأنه رغم تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.1 %، فإن حصة الفرد من الدخل السنوي ظلت ثابتة، ولم يطرأ عليها التغيير المرجوّ.
التقرير الأممي أشار أيضاً، إلى أن «إسرائيل» تواصل فرض قيودها على الشعب الفلسطيني، وأنها زادت من معاناة الحياة في الأراضي المحتلة، منتقداً في الوقت ذاته مواقف الولايات المتحدة الأمريكية الأخيرة، ولا سيما ما يتعلق منها بوقف المساعدات المالية، وقطعها بشكل كامل عن الشعب الفلسطيني، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، التي تساعد أكثر من خمسة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين، سواء داخل أو خارج الأرضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار تقرير المنظمة الدولية كذلك، إلى أن الوضع الإنساني يزداد سوءاً في قطاع غزة، الذي يواجه حصاراً منذ أحد عشر عاماً، إلى جانب نقص كبير متواصل في التيار الكهربائي منذ سنوات.
وفي تعليقها على هذا التقرير الأممي، قالت إيزابيل ديورانت، مساعدة الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، في مؤتمر صحفي عقدته بمكتب الأمم المتحدة في جنيف: «إن الوضع في غزة أصبح بمرور الوقت لا يطاق، وهذه كارثة»، مضيفة أن الوضع في فلسطين يصبح عاماً بعد عام، «أمراً لا يمكن قبوله أكثر من ذلك»، و«أكثر صعوبة».
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما نشره الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء مؤخراً، من أن عدد العاطلين عن العمل بالأراضي الفلسطينية في الربع الأول من العام الجاري، بلغ 396.4 ألف فرد؛ أي ما نسبته 27%، فهذا يعني أن الفلسطينيين باتوا يواجهون معضلة كبيرة، من شأنها أن تزيد من حالة الإحباط والمعاناة لدى الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص فئة الشباب، التي تدفع ثمن ذلك، حيث تؤثر هذه الأوضاع المزرية على طموحاتهم وخططهم في المستقبل، بسبب الظروف السياسية القائمة، والضغوطات الاقتصادية والسياسية التي تمارسها واشنطن على الشعب الفلسطيني، بهدف تركيعه وإفساح المجال أمام صفقات سياسية مشبوهة، يسعى أصحابها إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائياً لصالح المشروع «الإسرائيلي»، لا سيما ما تُسمى بصفقة القرن.
ولو تتبعنا المواقف الأمريكية الأخيرة، لوجدنا أن واشنطن تحاول كما هي عادتها دائماً، استخدام سياسة العصا والجزرة مع القيادة الفلسطينية، التي باتت مكبلة بمقتضى اتفاقيات أوسلو، وأن الولايات المتحدة تسعى إلى جلب القيادة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، على أرضية المصالح «الإسرائيلية»، في ظل أوضاع كارثية يعانيها الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.
ولذلك، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى بكل قوة إلى زيادة الأعباء على الشعب الفلسطيني لابتزازه سياسياً، وهو ما يفسر سلسلة القرارات الأخيرة لهذه الإدارة، وأخطرها محاولات واشنطن خنق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» التي تعاني أساساً أزمة مالية خانقة، في أعقاب قرار الإدارة الأمريكية تجميد 300 مليون دولار، من أصل مساعداتها البالغة 365 مليوناً، وهو ما يُفضي إلى وقف كثير من الخدمات التي تقدمها الوكالة في الصحة والتعليم، وما يتعلق بمستويات المعيشة، وهو أمر من شأنه وضع المزيد من الأعباء الحياتية القاسية على الشعب الفلسطيني، بهدف دفعه للقبول بالإملاءات «الإسرائيلية»، والوصول بالقضية الفلسطينية إلى مرحلة التصفية النهائية، عبر طمس وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولا سيما بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، ومحاولات شطب حق العودة.
أمام كل هذه الوقائع يبدو أن الشعب الفلسطيني المكافح من أجل حريته، مرشح للمزيد من الضغوط والمعاناة، التي لن تقود بالتأكيد إلى فرض الاستسلام على شعب قاوم الاحتلال على مدى عشرات السنين، وإنما ستقود بالتأكيد إلى انتفاضات فلسطينية جديدة، قد يكون الصراع المسلح أحد أوجهها المحتملة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"