الرواية والسينما

03:14 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

كان الأديب والفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو، قد استقبل بغضب شديد عملاً سينمائياً مأخوذاً من روايته «اسم الوردة»، إلى حد مطالبته بأن يزال اسمه من الفيلم، أما الكاتب الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز، فلم ينتظر حتى لحظة انتاج فيلم عن روايته «مئة عام من العزلة»، فقد كان يرفض هذا الأمر باستمرار، رغم التدافع الكبير للمنتجين وإلحاحهم على ضرورة أن تتحول تلك الرواية العظيمة إلى عمل سينمائي.
وقد ذكر ماركيز في معرض تبريره، أنه يريد مشاهد وصوراً وخيالاً وتفسيراً لروايته من صنع القارئ، من تلك العلاقة التي تنشأ بين مخيلة القراء والنص الروائي، بدلاً عن التأويلات والتفاسير المغلقة النمطية التي ينتجها الفيلم السينمائي، وعلى الرغم من أن شركة «نتفليكس»، قد ذكرت قبل عامين أنها ستعرض رواية «مئة عام من العزلة» للمرة الأولى في مسلسل باللغة الإسبانية، كما أراد ماركيز، إلا أن الكثير من النقاد، تخوفوا من التجربة.
وعلى الرغم من تحويل روايتي ماركيز «الحب في زمن الكوليرا»، و«قصة موت معلن»، إلى أعمال سينمائية، إلا أن العملين لم يجدا الصدى المأمول، وذكر عدد من النقاد أن الفيلمين لم يكونا بعظمة الروايتين، وهذا الأمر حدث مع عدد من الأعمال الإبداعية مثل: «شفرة دافينشي» للكاتب الأمريكي دان براون، و«العطر» للكاتب الألماني باتريك سوسكيند، وغيرها من الروايات العالمية.
خوف الروائيين من التجربة السينمائية يبدو أمراً محيراً فعلاً، وشديد الغرابة، لكن معظم التجارب أكدت سلامة هذه المخاوف، ويرجع كثيرون الفشل الذي لازم السينما بشكل عام في النجاح بتحويل الروايات العظيمة إلى أفلام كبيرة، إلا أن لكل من المجالين خصوصيته، فعلى الرغم من الوشائج التي تربط الرواية بالسينما، إلا أن لكل منهما عالمه وفضاءاته وجمهوره، فليس بالضرورة أن قراء الروايات هم أنفسهم جمهور السينما، فهذا ربط وإن بدا منطقياً لكنه ليس صحيحاً في كل الأحوال.
ولا شك أن السينمائيين ظلوا يطورون بشكل كبير في التقنيات من أجل استيعاب الأعمال الروائية الكبيرة وتحويلها إلى أفلام تليق بها، ويمكن القول إن الأدب قد أثر تأثيراً كبيراً في السينما، وأضاف إليها أبعاداً جديدة، حيث أصبح هنالك تفاعل مستمر بين عالمي الكلمة والصورة، إلا أن أدباء كثر مازالوا يصرون على أن السينما غير قادرة على تمثل أعمالهم.
والملاحظة الجديرة هنا أن معظم الأفلام التي لقيت نجاحاً مقدراً وكبيراً، هي في الأصل أعمال روائية بسيطة ومتواضعة رفعت السينما من شأنها، ما يشير إلى أن صناعة الأفلام بالفعل لها منطقها المختلف، وهذا الموقف دفع البعض إلى تبني رأياً يقول إن للسينما كتابتها الخاصة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"