عقدة الانتخابات الجزائرية

03:33 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

أغلقت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر باب الترشح للسباق الرئاسي بقائمة من 22 شخصية للمنافسة في اقتراع 12 ديسمبر المقبل لاختيار خليفة للرئيس المتنحي عبدالعزيز بوتفليقة. وأملاً في الأفضل، تتجه الجزائر إلى هذا الاستحقاق في خضم جدل مستمر وحراك في الشارع وأصوات داعية إلى تغيير النظام والقطيعة مع رموز العهد السابق.
في ضوء الاحتقان السياسي المستمر منذ 36 أسبوعاً، يدافع الممسكون بزمام السلطة عن حتمية الاقتراع ليختار الشعب من يحكمه، بينما يعارض آخرون. ومن حيث المبدأ ليس هناك من خيار غير صندوق الانتخاب، أما سواه فتحريض على الفوضى ودفع للبلاد إلى منعطف صعب، رغم النجاح اللافت، الذي حققه الشعب الجزائري بجميع مكوناته، في تجاوز مراحل هذه الأزمة بنشاط مدني متحضر دون اعتداءات أو تهديد للأمن الخاص والعام. ومن حق بعض النشطاء والأطراف السياسية أن تتخوف من أن يفرز الموعد الانتخابي المقبل استمراراً للنظام المتحكم بالجزائر منذ الاستقلال. وعدم السقوط في هذا الاحتمال، يتطلب من سلطة الإشراف تقديم ضمانات وافية لنزاهة العملية الانتخابية وحياد مؤسسات الدولة عن جميع المترشحين حتى يكون الاختيار حراً والمسؤولية كاملة على من تختاره صناديق الاقتراع.
في غياب استطلاعات الرأي، تبدو حظوظ الشخصيات المترشحة متفاوتة، وكلها تقريباً من جيل الاستقلال الذي يستعد أن يحمل المشعل من جيل الثورة الذي كان يمثله بوتفليقة. والمعادلة القائمة الآن تتعلق بهوية الرئيس المقبل، الذي سيكون إما من داخل النظام أو من خارجه. وبسبب انعدام شخصية توافقية بين السلطة والمعارضة، يبقى الأمر مفتوحاً على الاحتمالات المختلفة. وقبل انتهاء الفحص والقائمة النهائية، ثم انطلاق الحملة الانتخابية المقررة نهاية نوفمبر، من الصعب معرفة نوايا التصويت وأوزان المترشحين لدى الرأي العام.
قبل التوجه رسمياً إلى الاقتراع يجب أن يتوفر مناخ انتخابي ملائم، وأن تعمل الأطراف المختلفة على التوافق لإنجاح هذا الاستحقاق. والملاحظ أن من يدفع باتجاه الانتخابات ومن يرفضها ويعرقلها، يعاني كل منهما من مأزق سياسي بسبب غياب التواصل، وهنا مكمن الخطر. وإذا عبر الجزائريون الأشهر الماضية متسلحين بالصبر وضبط النفس، فإن اتساع شقة الخلافات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة ربما تمثل مشكلة بعد الانتخابات، وقد تؤدي إلى هبوب عواصف داخلية وانفجار عدد من القنابل الموقوتة المتخفية تحت هذا الحراك. وتجنباً لما قد يضمره المتربصون، ربما يكون حسن الاستعداد للانتخابات أكثر ضمانة للاستقرار من الانتخابات ذاتها. وحين ينتخب الجزائريون رئيسهم على أرضية الوطنية والتمسك بالدولة، يمكن للخلافات، مهما عظمت، أن تنتهي وتستمر الجزائر كأجمل ما يكون.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"