الاحتلال ونظريته الفاشية

03:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

أفرزت الانتخابات «الإسرائيلية» الأخيرة تنوعاً في التيار اليميني المهيمن، بين المتطرف دينياً وبين المتطرف سياسياً، حيث سيطر اليمين على الكنيست بأغلبية 65 مقعداً. ومع بدء نتنياهو المشاورات لتشكيل الحكومة، برزت أفكار هذه الأحزاب، عبر مطالبها للمشاركة فيها. ويتكون التكتل الديني المتزمت من قرابة عشرين نائباً أغلب طلباتهم مالية والحصول على حقائب معينة للسيطرة على مفاصل الحياة اليهودية العامة وفرض أفكارهم الدينية، وهم لا يهتمون بالسياسة، لكن نتنياهو سيستخدمهم لتبرير قراراته المرتقبة بفرض السيادة الاحتلالية على المستوطنات في الضفة الغربية كخطوة نحو الضم الشامل لكل الأرض الفلسطينية.
ولذلك يجد نتنياهو صعوبة في تشكيل الائتلاف الوزاري بسبب تضارب مطالب الأحزاب الدينية في توزيع الحقائب وكذلك تمويل مطالبها الكبيرة، لذا من المتوقع أن يطلب نتنياهو مهلة إضافية لإعلان حكومته. ويطالب الحزبان الدينيان الكبيران وهما «شاس» و«يهودات» بتدريس التوارة في المدارس، ما يتيح رفع القانون الديني إلى مرتبة أعلى من القانون العادي، وبالتالي منع تجنيد الشبان المتدينين، وهو المطلب الأساس للأحزاب الدينية، ويعارض حزب الوزير السابق ليبرمان هذا المطلب، ويؤكد أنه لن ينضم إلى حكومة دينية، ما يعني تناقص الأغلبية، وهذه عقبة جديدة أمام نتنياهو. كما أن أحزاب اليمين نفسها في صراع حول المناصب والحقائب، لكن أخطرها هو حزب اتحاد اليمين الذي انبثق عن «البيت اليهودي» الذي يطالب بحقيبة التربية والتعليم، لتمرير أفكاره النازية العنصرية في مناهج التعليم بزعامة الحاخام رافي بيرتس، المرشح لتولي منصب وزير التربية والتعليم، وهذا الحزب يتبنى الفكر العنصري النازي للحاخام مائير كاهانا.
وكشف تقرير تلفزيوني «إسرائيلي» اقتباسات من أقوال هؤلاء الحاخامات خلال محاضراتهم أمام طلابهم، زعموا فيها أن اليهود هم «أسياد» والعرب «عبيد». ونشرت القناة التلفزيونية تسجيلاً صوتياً لرئيس الكلية الحاخام إليعازر كشتيئيل، يقول فيه لطلابه إنه «أفضل شيء أن تكون عبداً ليهودي. وهم (العرب) فرحون بأنهم عبيد».
وأضاف أنه «توجد من حولنا شعوب لديها مشكلة جينية. العربي يريد أن يكون تحت الاحتلال، لأن لديه مشكلة جينية، والعرب لا يعرفون إدارة دولة، وهم لا يتقنون صنع شيء. أنظر كيف يبدون». وأكد هذا الحاخام عنصرية أفكاره بالقول «إننا نؤمن بالعنصرية، ويوجد عنصريون في العالم، وتوجد مميزات جينية لشعوب، وهذا يتطلب منا التفكير في كيفية مساعدتهم. واليهود هم عرق ناجح».
وفي تسجيل آخر، تحدث المدرس الحاخام غيورا ردلر، حول المحرقة اليهودية إبان الحكم النازي، واعتبر أن «المحرقة ليست أنهم قتلوا اليهود. فالأفكار الإنسانية والثقافة العلمانية هي المحرقة، والمحرقة الحقيقية هي التعددية الفكرية».
وأضاف: دعونا نبدأ من السؤال حول ما إذا كان هتلر على حق أم لا. إنه أكثر شخص محق، وبالتأكيد كان على حق في كل كلمة قالها. وهو محقٌّ في أيديولوجيته. يوجد عالم رجولي يحارب، وجوهره الكرامة وأخوة المقاتلين، ويوجد العالم النسائي الرخو، ونحن نعتقد أن اليهود هم أولئك الذين يحملون هذا التراث، ولذلك هم الأعداء الحقيقيون. وهو (هتلر) على حق مئة بالمئة، عدا أنه موجود في الجانب غير الصحيح.
فاليمين «الإسرائيلي» الفاشي العنصري بدأ يعلن جهاراً عن فكره المعادي للإنسانية مع بدء الحديث عن الصفقة الأمريكية. وقد ربط الساسة الأمريكيون في البيت الأبيض بين أفكارهم الدينية الإنجيلية الصهيونية وسياستهم المعادية للعرب والمسلمين، وهو فكر يقلد ما أقدم عليه الإنسان الأبيض في العالم الجديد من حيث استعباد الأفارقة وإبادة السكان الأصليين في الأمريكتين وما اقترفه الاستعمار خلال القرن الماضي في المستعمرات الإفريقية ضد السكان الأصليين الذين تعرضوا لأبشع أشكال التمييز والعنصرية، عدا عمليات الإبادة والتطهير العرقي، وهذا ينسجم مع نظرية رئيس اتحاد اليمين حول التخلف الجيني لدى العرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"