فلسطين في قلب إفريقيا

05:05 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

حظيت القضية الفلسطينية والردود المستنكرة للخطة الأمريكية «صفقة القرن» صدارة قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في أديس أبابا. ولم تخل كلمات الوفود المشاركة من التعبير عن نصرتها للحقوق الفلسطينية ورفضها لأي مبادرات أو خطوات تتجاوز القانون الدولي ومرجعياته، وتقر بالأمر الواقع الذي يريد الاحتلال فرضه بدعم وتحريض غير مسبوقين من الجانب الأمريكي.
أول ما يمكن رصده أن قمة الاتحاد الإفريقي سجلت رداً سريعاً على رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو الذي أعلن قبل أيام من أوغندا أن «إفريقيا عادت إلى أحضان إسرائيل»، ليتبين أن القضية الفلسطينية والحقوق العادلة لشعبها مازالت في قلب إفريقيا وفي ضمير أممها المختلفة، وهي قناعة تصدر عن تراث إفريقي أصيل جسده عشرات الزعماء بنصرة قضايا التحرر في العالم وأولها القضية الفلسطينية. ولم تخل قمة إفريقية على مدار العقود الماضية من حضور فلسطيني على أعلى مستوى، لتأكيد الالتزام المبدئي بالتضامن مع الفلسطينيين ومساعدتهم بشتى الوسائل لتحقيق أهدافهم المشروعة في إقامة وطن مستقل يحظى بالاعتراف الدولي على أرضه التاريخية.
ومنذ نشأته، لم يتوقف الاتحاد الإفريقي عن دعم فلسطين التي منحها صفة دولة مراقب، في حين رفض منح «إسرائيل» الصفة نفسها، على الرغم من أن قادة الاحتلال لا يخفون مساعيهم إلى ابتزاز العديد من الدول الإفريقية ب «المساعدات» حيناً وبالتهديدات والتآمر أحياناً أخرى، وهي مهمة بدأتها «إسرائيل» منذ ستينات القرن الماضي لمحاصرة العالم العربي وتجفيف منابع الدعم الإفريقي لقضاياه. ومازالت المهمة تستميت على أهدافها، وربما تنجح في يوم ما إذا لم تواجهها مقاومة عربية فعالة تجابه التغلغل «الإسرائيلي» في الظهير الإفريقي للعرب.
معظم الدراسات الدولية، في شتى المجالات، تؤكد أن إفريقيا هي «قارة المستقبل»، وستكون كذلك، على الأرجح، بعد أن تنجح في تهيئة الظروف للتنمية و«إسكات البنادق» مثلما يقول شعار قمتها الثالثة والثلاثين. وإفريقيا بثرواتها وطاقاتها الكثيرة، أصبحت مسرحاً لمنافسة دولية واسعة وأطماع شرسة، من دون أن يذهب الظن إلى أن إفريقيا في القرن الحادي والعشرين هي ذاتها التي كانت في القرنين التاسع عشر والعشرين وقبلهما ،لأن إفريقيا في هذا العصر تضم أكثر من خمسين دولة أغلبها يتقدم ويسجل معدلات نمو كبيرة مع نهضات اقتصادية وتعليمية وسياسية أيضاً. ومهما كانت التغيرات، لن يتنكر الأفارقة لمبادئ آباء الاستقلال عن الاستعمار الغربي، من أمثال باتريس لومومبا وكوامي نكروما وسيكوتوريه وليوبولد سيدار سنغور وصولاً إلى نيلسون مانديلا، فهؤلاء الرجال قادوا جميعاً حركات التحرر وتبنوا معاناة الشعوب الأخرى حتى نالت استقلالها.
وإذا كانت تلك هي سيرة الأوائل، فإن أحفادهم لن يخذلوا الشعب الفلسطيني وقضيته، ولن يرتموا في أحضان «إسرائيل» كما توهم نتنياهو الذي يجهل الكثير عن تاريخ إفريقيا العريق في مواجهة الاحتلال والاستعباد والعنصرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"