ليس رداً... ولكن تصحيحاً

23:25 مساء
قراءة 4 دقائق
شيء حسن أن يتصدى مثل السيدة الفاضلة الدكتورة أمينة بو شهاب للكتابة في موضوع جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، فهي كاتبة متزنة وكتاباتها في الشأن السياسي المحلي والعربي تنم عن عمق في المعرفة.والحقيقة أن هناك محوراً أساسياً يدور حوله حديث الدكتورة أمينة وهي المواطنة، وعلاقة المواطنة بجمعيات الإمارات لحقوق الإنسان. في عدد الخليج أمس بعنوان (ليس مقال هجوم ولكن...) ويستشف من حديث الدكتورة أمينة، أن الموضوع الذي كتبتهُ في الخليج في عدد 2 ديسمبر/كانون الأول 2007 والعبارة التي وردت فيه قد تكون ذات علاقة بانقسام مجلس إدارة الجمعية على نفسه وتعاطيه مع هذه القضية، وهذه العبارة هي:(إن من يتصدى لرعاية حقوق الإنسان وينشط للخدمة في هذا المجال، عليه إذا أراد أن يكون حقيقة مراعياً لحقوق الإنسان أن يتجرد من النظرة الشوفينية الوطنية التي تجعل من القريب خيراً من البعيد، وأن النظرة الإنسانية هي فوق الشوفينية والانتمائية القبلية والعشائرية والقومية، وعندما يأتي التعامل مع الإنسان المستحق للمراعاة فإن الشعور الإنساني يكون فوق أي شعور آخر، واعتقد أن عضو جمعية الإنسان ينبغي أن يكون من هذا الصنف، الصنف الذي يعلو بإنسانيته إلى الفوق وإلى الأعلى).مازلتُ أؤمن أن ما قلتهُ لا يخرج عن نطاق الصواب، وتفسير كلامي ومعناه، أن المواطنة وإعطاء المواطن اعتبارات خاصة ورعاية خاصة، عمل له قواعده وأصوله، وأما التصدي لرعاية حقوق الإنسان فإنه عمل آخر له أيضاً قواعد ومرام تتفق مع الوطنية والمواطنة وتختلف حسب القوانين والنظم المرعية في المجتمع المدني الذي تؤسس فيه هذه القواعد ويقام بنيان المجتمع الحضري عليها.فمعظم مؤسسات المجتمع المدني التي تقوم على رعاية المواطن (ليس باستبعاد الرعاية لغير هذا المواطن) ولكن باعتبار أن المواطن هو المحور وهو الأساس في تنشئة هذا المجتمع وحركة سيره، ولولاه لما كان هناك بدء في التجمع الحضري على البقعة التي قام عليها هذا التجمع. وما دولة الإمارات العربية المتحدة إلا تجمعاً من هذه التجمعات الحضرية التي تخالط الأسرة الدولية وتعتبر جزءاً من هذه الأسرة. في الإمارات دستور يرقى إلى مستوى سائر المجتمعات المتقدمة يحدد المواطنة وحقوقها وواجباتها تحديداً واضحاً.. ويشير إلى حق المواطنة في التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية.. وهناك الإسكان المجاني الذي يحصل عليه المواطن، والتعليم المجاني الذي يحصل عليه المواطن والرعاية الصحية المجانية التي يحصل عليها المواطن... وهناك معاشات ما بعد الخدمة التي يحصل عليها المواطن، وهناك رعاية الشؤون الاجتماعية التي يحصل عليها المواطن، وذلك بإعطائه دخولاً شهرية للعاطلين عن العمل وللأرامل والعجزة ومن هم على شاكلة هؤلاء، صحيح أن هذه الخدمات التي أتينا على ذكرها قد تنقص وقد تزيد حسب الظروف وحسب المناطق البعيدة والقريبة مما يثير الرضا أو عدمه عند البعض، ولكن هذه خدمات تقوم بها الدولة للمواطن بشكل لا يقل جودة عن أي بلد متقدم ومجتمع متقدم.ولقد أتينا على ذكر الرعاية الوطنية للتأكيد على أن المواطن ليس بحاجة إلى جمعيات لرعاية شؤونه العامة، فهناك المؤسسات الرقابية على هذه الخدمات، كالمجلس الوطني الاتحادي ومجالس البلدية ومجالس رعاية الأسرة وجمعيات المرأة... إلخ.أما جمعيات حقوق الإنسان فهي في رعايتها تشمل المواطن وغير المواطن، ولا بد لمن يقوم بالتصدي لرعاية هذه الحقوق أن تكون ثقافته شمولية وإنسانية، ويكون مدافعاً عن هذه الحقوق ضمن القوانين المرعية التي تحدد له هذا التصدي والدفاع عن غير المواطن بنفس المقدار وبنفس الحماس الذي يدافع به عن حقوق المواطن أو أقرب الناس إليه نسباً.. وكلنا نعلم أن جمعيات حقوق الإنسان في العالم المتقدم انبثقت عن جمعية الأمم المتحدة ومواثيقها الدولية، التي تقول إن الناس يتساوون في الحقوق و الواجبات العامة لا فرق بينهم بسبب الأصل أو العرق أو اللغة أو العقيدة... الخ. وعندما أقرت دولة الإمارات بإشهار جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، فإنها أقرت مبدأ حيوياً من مبادئ حقوق الإنسان، الإنسان أياً كان، مراعية في ذلك المواثيق الدولية، ولم تشترط وزارة الشؤون الاجتماعية التي صدر منها الإشهار عن الجمعية حينذاك، أن يكون المواطن وحقوقه ورعايتها هي الأولى وفي الدرجة الأولى، كما هي من وجهة نظر البعض... وإنما طلبت الوزارة أن يكون نظام الجمعية الأساسي يتمشى مع الأنظمة المماثلة في المجتمعات المتقدمة... وهو ما تم التصديق عليه وبموجبه تم إشهار الجمعية.أما الإشكالات الأخرى التي جاءت السيدة الفاضلة الدكتورة أمينة بو شهاب على ذكرها عرضاً، وهي الإجراءات الإدارية في الجمعية والتي لم ترق لبعض الأخوة، فمكان الحكم عليها بالخطأ والصواب هي الجمعية العمومية ولا شأن لأحد خارج هذه الجمعية بها.. وفيما يتعلق باتهام عضو الجمعية (بتسريب معلومات مضللة) فالحكم في هذا للجنة تقصي الحقائق في وزارة الشؤون الاجتماعية ومن ثم للنيابة والقضاء.. وأي حكم خارج هذا الإطار يعتبر من اللغط والعبث.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"