ردع الإرهاب ضرورة يمنية

04:46 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

لم يكن اليمن المأزوم جراء الانقلاب الحوثي بحاجة إلى فتنة جديدة تصيب مناطقه المحررة؛ إذ تسارعت الأحداث بصورة مأساوية بعدما شنت فصائل إرهابية محسوبة على حزب «الإصلاح الإخواني» اعتداء مزدوجاً على معسكر الجلاء، ومركز شرطة الشيخ عثمان في العاصمة المؤقتة عدن، وهو اعتداء كشف النقاب عن أجندة يتزعمها فريق في الحكومة الشرعية، وتتضارب مع أهداف التحالف العربي.
كل ما حدث لا يسر أحداً، ولا يمكن أن يخدم المشروع الوطني اليمني. ومن أجل وأد هذه الفتنة، تحركت السعودية بمباركة إماراتية، لتطرح مبادرة للحوار بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، لحقن الدماء وتجاوز هذه الأزمة، وتوحيد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي، ولكن الحكومة الشرعية بإيعاز «إخواني»، تخلفت عن الرد بإيجابية على المبادرة، بينما امتثل المجلس الانتقالي وأرسل وفداً للقاء في جدة.
ويبدو أن رفض الحوار كانت مؤشراته سيئة؛ إذ توالت الهجمات الإرهابية في محافظات اليمن الجنوبية، واستعادت عناصر «القاعدة» و«داعش» بعض نشاطها نصرة لميليشيات حزب «الإصلاح». وكشفت العمليات الأخيرة التي شهدتها عدن ولحج، عن تنسيق يجري بين هذه التنظيمات للدفع نحو الفتنة والخراب، من أجل القضاء على كل الإنجازات العسكرية والأمنية التي تحققت في السنوات الماضية، ومن أهما طرد التمرد الحوثي، وتصفية العديد من المجاميع الإرهابية.
وجود أزمة سياسية واجتماعية في محافظات اليمن الجنوبية أمر لا يخفى. وعلى امتداد السنوات الماضية كان هناك حراك شعبي قاده المجلس الانتقالي، رفضاً لبعض سياسات الحكومة الشرعية، وضد مشروع تقوم عليه وتنفذه جماعة «الإخوان» ممثلة في حزب «الإصلاح». وبنظر أبناء الجنوب، فإن أجندة «الإصلاح» لا تختلف عن مخطط الحوثي؛ إذ كل منهما يتدثر بعباءة الدين ويعمل على فرض دكتاتوريته السوداء على سواه. وهذا المنطق ترفضه الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب اليمني وتُبدي استعدادها لمقاومته ودحره، ومثل تلك الأيديولوجيات تجاوزها الزمن وسئمتها الشعوب؛ لأنها لم تؤسس للحياة؛ بل تزرع بذور الفتن والأزمات والفوضى وتستغل تطلعات الناس وأحلامهم دون أي حق أو موجب. ومن هذا المنطلق، أصبحت محاربة الفتنة واجبة وردع الإرهاب ضرورة يمنية قبل أي شيء آخر.
ما تقوم به جماعة «الإصلاح» مدعومة من التنظيمات الإرهابية، لا يمكن أن يحقق أهدافه. وربما تكون هذه اللحظة تاريخية في اليمن لتفكيك كثير من الألغام المزروعة في نسيجه السياسي والاجتماعي، تمهيداً لمرحلة جديدة تستجيب للتطلعات المكبوتة منذ عقود. والتوصل إلى هذه النتيجة يتطلب الحوار لتخفيف التوتر والتصعيد، دون التغاضي عن مكافحة الإرهاب مهما كان لونه ومرجعيته، وهي مهمة أصيلة من مهمات التحالف العربي، إضافة إلى مواجهة الانقلاب الحوثي واستعادة الاستقرار والسلام. فالحل السياسي الشامل واليمن الجديد الذي يطمح إليه الجميع، يتطلب التوافق بين الأطراف والمكونات كافة، بعيداً عن أطماع الوصاية والتسلط التي تساور بعض الأطراف اليمنية كالحوثيين ومن على شاكلتهم، مثل جماعات «الإصلاح الإخوانية».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"