هل لديكم فضائح أخرى؟

01:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبد الخالق
الذين يدهشهم الكشف عن تلك الفضائح المخجلة التي تلوث سمعة المرشحين المتنافسين للفوز بالرئاسة الأمريكية ينسون حقيقة تاريخية هي أن الفضائح كانت دائماً جزءاً من الحياة السياسية في الولايات المتحدة. وعادة ما تكون فترة الانتخابات الموسم المفضل لتفجير الفضائح والمتاجرة بها.
وكلما اقترب موعد الانتخابات كان ذلك أفضل لإثارة فضيحة جديدة لأنه سيصعب على الضحية، وهو هنا مرشح سياسي، أن يحتوي آثارها المدمرة على سمعته وفرص نجاحه. يفسر هذا لماذا يختارون شهر أكتوبر/تشرين الأول لتفجير فضائح المرشحين للانتخابات الرئاسية التي تجري في الشهر التالي مباشرة. ويطلقون على ذلك، ربما تأدباً، اسم «مفاجأة أكتوبر».
في هذا السياق فإن الفضائح الجنسية التي تطارد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ليست استثناء ضمن هذا التقليد الخبيث. ونفس الأمر بالنسبة لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون المحاطة بفضيحة التسريبات الخاصة ببريدها الإلكتروني ومحاضراتها في «وول ستريت» فضلاً عن فضائح زوجها.
الملاحظة المهمة هنا هي أن كل الوقائع المنسوبة للمرشحين قديمة. ولكن جرى وبفعل فاعل استحضارها، لأن هذا هو الوقت المطلوب والمناسب لإثارتها. التسجيل الذي تضمن عبارات سوقية تلفظ بها ترامب يعود تاريخه إلى 2005. والنساء اللاتي يزعمن أنه اغتصبهن أو تحرش بهن وعددهن تسعة حتى كتابة هذه السطور، ترجع الوقائع الخاصة ببعضهن إلى التسعينات وحتى قبل ذلك. ويعود تاريخ مراسلات هيلاري إلى خمسة أعوام مضت على الأقل عندما كانت وزيرة للخارجية. أما اتهامات التحرش أو الاغتصاب الموجهة لزوجها فقد مضى عليها أكثر من 17 عاماً وقتلت بحثاً.
وسواء كانت تلك الادعاءات صحيحة أو كاذبة فهناك دائماً من له مصلحة في إثارتها في هذا التوقيت. ومن الصعب مثلاً تصور أنه لم يتم العثور على تسجيل تصريحات ترامب طوال 11 عاماً. الأرجح أنها كانت موجودة لدى طرف ما أو عثر عليها قبل مدة وادخرها إلى هذا الوقت القاتل.
في كل الأحوال لا ينبغي أن تثير هذه الفضائح الجنسية كثيراً من الدهشة لأنها تكاد تكون ملازمة للسياسة الأمريكية منذ أمد طويل. ويرجع تاريخ هذا النوع من الفضائح إلى عام 1802 عندما تفجرت الفضيحة النسائية الأولى وكان بطلها الرئيس توماس جيفرسون. وقتها تسربت أنباء عن علاقة تربطه بواحدة من عبيده، فلم يكن قد تم تحرير العبيد بعد. وأنكر الرئيس التهم كما أنكر إنجابه منها. إلا أنه بعد أكثر من قرن وفي عام 1998 رجح تحليل «دي أن ايه» أن يكون واحد على الأقل من أبناء هذه السيدة هو ابن جيفرسون.
فضيحة أخرى قريبة الشبه طاردت الرئيس جروفر كليفلاند وهو الرئيس الوحيد الذي تولى الحكم فترتين غير متعاقبتين. ففي حملته الانتخابية للفترة الأولى عام 1884 كشفت تسريبات عن طفل غير شرعي له. وبسرعة هائلة انتشرت في أنحاء البلاد أغنية ساخرة تقول «ماما ماما أين بابا؟ خرج للبيت الأبيض ها ها» ورغم الضجة المدوية نجح كليفلاند ثم أعيد انتخابه في 1892. نفس الحظ السعيد حالف بيل كلينتون الذي أفلت من فضيحة علاقته مع مونيكا لوينكسي خلال رئاسته. غير أنه أصبح أول رئيس يحاكم أمام الكونغرس منذ 130 عاماًَ وهي وصمة في تاريخه.
يراهن ترامب على أن فضائحه ستكون من هذا النوع الذي يمر بسلام وأنه سيكون محظوظاً مثل كلينتون وكليفلاند. ولكن لسوء حظه هناك حالات أخرى قضت الفضائح النسائية على مستقبل أبطالها. حدث هذا مع الديمقراطي غاري هارت عام 1988 وكان يعتبر الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب إلا أن اكتشاف خيانته الزوجية أخرجه من الحياة السياسة كلها. وفي 2008 أطاحت فضيحة مماثلة بمرشح ديمقراطي آخر هو جون ادوارد بسبب علاقته بفتاة في حملته الانتخابية.
تواجه هيلاري أيضاً نفس المخاطرة. ذلك أنه وبصرف النظر عن مضمون التسريبات يبقى اتهامها الأساسي الخطر هو الإهمال الجسيم في التعامل مع المعلومات السرية. نفس التهمة قضت على مستقبل مشرق كان ينتظر الجنرال ديفيد بيترايوس الذي يعتبرونه أحد أبطال الحرب. وبعد تكشف أنباء علاقته مع إحدى الصحفيات تم العثور على وثائق سرية في بيته بالمخالفة للقانون واستقال إثر ذلك من رئاسة المخابرات عام 2012.
لا يتسع المجال لسرد باقي الفضائح وهي كثيرة. وربما نكون على موعد قريب مع واحدة أخرى تضاف إلى هذا التاريخ الحافل بكل ما هو مخجل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"